مع فنجان الذكريات (2)
![أ. د. فيصل الشريفي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/93_1682431901.jpg)
ظروف صاحبي لم تكن أفضل حالا مني، فقد ظل ساعات ينتظر وصولي، وأعتقد أنه لم يحسن التصرف منذ البداية، حيث كان بمقدوره ترك سيارته والرجوع بتاكسي، فهو من عائلة ميسورة ويعمل طبيباً، على العموم ليس من حقي البحث عن سبب طلبه مني ذلك. لم تكن أحداث القصة لتنتهي دون هذه المفارقة العجيبة، فالشركة التي نقلت سيارتي هي نفسها التي أقلت سيارة صاحبي وبالمناسبة صاحبي هذا من النوع الحريص، فقد كان في انتظار وصول سيارته لمكان التصليح، ولأن الله سبحانه يسير الأمور بقدر، فقد وصلت سيارتي قبل سيارته للكراج نفسه، حيث تعرف عليها وسأل عن سبب وجودها ليعرف بعد ذلك سبب خذلاني له. أجمل ما يمكن فهمه من هذه القصة الابتعاد عن سوء الظن بالتماس العذر لصاحبك، والأخذ بنصيحة الأمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه "احمل أخاك على سبعين محملاً"، وتيقن بأن الله كفيل بكشف الحقيقة ورفع الظلم مهما كان صغيراً أو كبيراً، فكيف لا وهو أعدل العادلين؟أسأل الله لي ولكم الابتعاد عن سوء الظن، وألا نسمح لأنفسنا في تأويل ما لا يمكن تأويله، وليس أمام الإنسان إلا أن يتعامل مع البشر كما يريد الله باللين وصفاء النية، وألا نتعامل مع الناس كردة فعل، فصفاء النية أكرم لصاحبه.عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ((ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار، وبمن تحرم النَّار عليه؟ على كلِّ هيِّن ليِّن قريب سهل".ودمتم سالمين.