تبذل ثلاث من أكبر شركات الطاقة الغربية مساعي لدى قطر كي تشارك في زيادة ضخمة لإنتاجها من الغاز، مما يمنح الدوحة دعماً لم يكن مخططاً له، لكنه يأتي في الوقت المناسب في وضعها الحالي مع جيرانها الخليجيين.

والتقى الرؤساء التنفيذيون لشركات إكسون موبيل ورويال داتش شل وتوتال الفرنسية بالأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في قطر قبل أن تعلن الدوحة خطة لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 30 في المئة.

Ad

وقالت مصادر في الشركات والقطاع لـ«رويترز» إن الرؤساء التنفيذيين عبروا عن اهتمامهم بمساعدة قطر في طموحها لإنتاج 100 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً، أي ما يعادل ثلث الإمدادات العالمية حاليا، خلال السنوات الخمس إلى السبع المقبلة.

ولدى الشركات بالفعل استثمارات كبيرة في الدول الأطراف بالنزاع وهي حريصة على أن تظل على الحياد بعد أن قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر العلاقات مع الدوحة في الخامس من يونيو.

وامتنع متحدثون باسم الشركات الثلاث عن التعليق، لكن مسؤولاً تنفيذياً كبيراً لدى إحدى شركات الطاقة الكبرى التي تتطلع إلى التوسع في قطر قال، إن الفرصة التجارية ضخمة وتستحق المخاطرة السياسية الكبيرة.

وعززت مبيعات الطاقة صعود قطر السريع كلاعب إقليمي منذ أواخر التسعينيات، ويسلط اهتمام شركات النفط الكبرى بتوسعات الغاز الطبيعي المسال الضوء على القدرة الاقتصادية طويلة الأمد لقطر خلال خلافها السياسي مع جيرانها.

والتقى دارين وودز الرئيس التنفيذي لإكسون وبن فان بيوردن الرئيس التنفيذي لشل بأمير قطر وزار باتريك بويان رئيس توتال الدوحة في الأسابيع الأخيرة.

وتكاليف إنتاج الغاز في قطر، أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم وأكبر مصدر للغاز بعد روسيا، من بين أقل تكاليف الإنتاج في العالم.

ويُنظر إلى الخطة على أنها الطلقة الأولى في حرب أسعار في حين تسعى الدوحة للدفاع عن حصتها السوقية، خصوصاً في مواجهة إمدادات المكامن الصخرية الأميركية ذات تكلفة الإنتاج المرتفعة.

رغبة في الاستثمار

واستثمرت إكسون وشل وتوتال بالفعل الكثير في قطر، خصوصاً في مشروعات تسييل الغاز.

والتقى وودز بأمير قطر في 26 يونيو وبحثا «التعاون» مع قطر التي تعمل إكسون فيها منذ 1935 وفق بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية.

وقالت مصادر بالقطاع مقربة من المحادثات إن «الرئيس التنفيذي لإكسون كان حريصاً على المشاركة في زيادة الطاقة الإنتاجية الجديدة للغاز وعبر عن رغبته في الاستثمار». وحل وودز محل ريكس تيلرسون، الذي ساعدت إكسون تحت قيادته في بناء قطاع الغاز المسال القطري حتى غادر منصبه ليتولي وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق من هذا العام.

وستصبح إكسون أكبر مستثمر أجنبي في قطر في 2017، مع توجيه معظم الأموال إلى منشآت للغاز الطبيعي المسال، الذي يشكل سبعة في المئة من محفظتها العالمية بحسب وود ماكنزي للاستشارات.

وكان فان بيوردن رئيس شل من أوائل قادة الشركات الأجنبية الذين زاروا قطر بعد اندلاع الأزمة حيث اجتمع مع أمير البلاد في 14 يونيو.

وبعد ذلك بعدة أيام أُبرم اتفاق جديد تقوم قطر بموجبه بتوريد 1.1 مليون طن سنوياً من الغاز إلى شل، أكبر شركة عاملة في تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم، لخمس سنوات تبدأ في 2019.

وتتضمن عمليات شل في قطر مشروع بيرل جي.تي.إل وهو أكبر مصنع في العالم لتحويل الغاز إلى وقود سائل. ويعادل إجمالي استثمارات الشركة في الدولة نحو ستة في المئة من محفظتها العالمية.

وقالت المصادر، إن الشركات الثلاث كانت تتوقع أن تقوم قطر بزيادة صادراتها من الغاز المسال منذ رفعت قطر حظراً فرضته ذاتياً على تطوير حقل الشمال أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم والذي تشترك فيه مع إيران.

وشركات النفط والغاز معتادة على العمل في مناطق محفوفة بالمخاطر. وهذا الأسبوع أصبحت توتال أول شركة طاقة غربية تستثمر في إيران منذ رفع العقوبات عن البلاد. ويستخرج المشروع الإيراني، وهو المرحلة الحادية عشرة من تطوير حقل بارس الجنوبي، الغاز من المكمن ذاته الذي يخرج منه غاز حقل الشمال القطري.

وبحث بويان الرئيس التنفيذي لتوتال فرصاً جديدة في قطاع الغاز الطبيعي المسال، كذلك خطط الشركة لتطوير حقل نفط الشاهين خلال رحلته إلى الدوحة، حسبما أفاد مصدر رفيع.

وقال مصدر كبير بالقطاع، إنه يمكن زيادة الطاقة الإنتاجية لقطر من الغاز الطبيعي المسال بما يصل إلى عشرة ملايين طن سنوياً بوتيرة سريعة وبتكلفة زهيدة نسبياً عبر تحسين المنشآت القائمة وتحديث عدد محدود من الوحدات.

بخلاف ذلك، فإن التوسع قد يتطلب بناء مرافئ جديدة لتسييل الغاز بما يتطلب استثمارات كبيرة، وهو ما يمكن أن تقدمه شركات الطاقة العملاقة.

وقال توم إلكوت المحلل لدى وود ماكنزي «الغاز المسال القطري جزء مهم بالفعل من إجمالي محفظتهم، خصوصاً بالنسبة لإكسون لكن توتال وشل أيضاً لاعبان مهمان بقطاع الغاز المسال هناك».

«الغاز المسال القطري تنافسي جداً. تحسين المنشآت القائمة وتحديث الوحدات سيكون خياراً رخيصاً نسبياً لزيادة الطاقة الإنتاجية، لكن لأن القطاع في نقطة منخفضة من دورة التكلفة فقد يكون من الجيد أيضاً إقامة مرافئ جديدة».