إلغاء قرار الإعفاء من البصمة يواجَه باستنكار نقابي واسع

«ديوان الخدمة» برره بانتظام عمل موظفي الجهات الحكومية... والنقابات تستعد للتصعيد

نشر في 06-07-2017
آخر تحديث 06-07-2017 | 21:55
أحدي موظفي الوزارات يقوم بتفعيل بصمتة
أحدي موظفي الوزارات يقوم بتفعيل بصمتة
فجر قرار رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الجسار بإلغاء كل حالات الإعفاء من البصمة كإثبات للحضور والانصراف في المواعيد المحددة للموظفين في الجهات الحكومية اعتراضات نقابية واسعة رفضاً للقرار الذي يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أكتوبر المقبل.
وفيما اعتبرت مصادر «الخدمة المدنية» أن القرار يهدف إلى «انتظام العمل في الجهات الحكومية» رأت الجهات النقابية أن الغاية الأبرز من ورائه تكمن في التضييق على قدامى الموظفين لحملهم على تقديم استقالاتهم من الجهات الحكومية، لاسيما بعدما تراجع ديوان الخدمة عن إعفاء من أمضوا 25 سنة من البصمة.
وترى هذه الجهات أن الفترة الفاصلة عن بدء موعد التنفيذ في اكتوبر المقبل ستكون حافلة بالتحركات والمواقف الرامية إلى إلغاء القرار الذي يلحق الضرر بشريحة واسعة من الموظفين الحكوميين لاسيما الموظفين الذين تجاوزت خدمتهم 25 سنة والذين يربو عددهم على 29 ألفاً.
«الجريدة» رصدت أبرز ردود الفعل النقابية، التي يرجح أن تفتح الباب أمام مزيد من المواقف حيال القرار الذي يفترض انه يحظى بموافقة مجلس الخدمة المدنية.

29458 تجاوزت خدمتهم 25 سنة

يبلغ عدد الموظفين الذين تجاوزت خدمتهم 25 عاما ما يقارب 29458 في جميع الاجهزة الحكومية و10478 منهم مهددون بالتقاعد.

وحصلت «الجريدة» على احصائية بينت أن عدد الموظفين المتقاعدين من بداية السنة الحالية الى شهر يوليو هو 221 موظفا، في حين بلغ عدد المتقاعدين خلال العام الماضي 1054 موظفا وموظفة من جميع الوزارات.

«الخدمة المدنية»: القرار ملزم للجميع من أول أكتوبر
الجسار: لا صلاحية لأي جهة حكومية بإعفاء أي موظف من البصمة

أعلن رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الجسار أمس أن مجلس الخدمة المدنية أصدر قرارا بإلغاء كل حالات الإعفاء من البصمة كإثبات للحضور والانصراف في المواعيد المحددة للموظفين في الجهات الحكومية، على أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ اعتبارا من أول أكتوبر المقبل.

وقال الجسار، لـ«كونا»، إنه بناء على القرار «فقد أصبح جميع الموظفين ملزمين بالبصمة بمن فيهم شاغلو وظيفة مدير إدارة ومن في حكمهم، وشاغلو وظيفة مراقب ومن في حكمهم، ومن بلغ مجموع مدة خدمته في الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة 25 سنة».

وأضاف: «وعليه يلزم هؤلاء الموظفين بإثبات حضورهم وانصرافهم في المواعيد المحددة عن طريق البصمة، اعتبارا من أول أكتوبر المقبل»، مبينا أن القرار نص على «تأكيد عدم صلاحية أي جهة حكومية في إعفاء أي موظف من البصمة كإثبات للحضور والانصراف».

وذكر أن الإعفاء الوحيد من البصمة المقرر حاليا هو لذوي الإعاقة الشديدة، وذوي الإعاقة الذهنية المتوسطة، بشرط تقدمهم لجهات عملهم إلى الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة بما يفيد بأن إعاقتهم لا تمكنهم من البصمة لإثبات الحضور والانصراف، وسيتم النظر في تشكيل لجنة مختصة لبحث الحالات المرضية».

وتابع: «في جميع الأحوال هذا الإعفاء المقرر لذوي الإعاقة يتطلب التزامهم بالحضور والانصراف في المواعيد المحددة، وأداء واجبات الوظيفة بدقة وأمانة، وتقع على الرئيس المباشر ومن يليه في المسؤولية مراقبة ذلك، واتخاذ الإجراءات القانونية الصحيحة في حالة المخالفة».

«نقابة الخدمات»: «غير مدروس» ويقيد الموظف بدل تقديره

وصف رئيس إدارة نقابة العاملين في وزارة الخدمات المهندس مانع العجمي قرار إلغاء الإعفاء من البصمة بأنه «غير مدروس»، مؤكدا أن «جميع النقابات واتحاد العمال ترفض القرار الذي اتخذ دون إشراك الاتحاد فيه».

وقال العجمي، لـ«الجريدة»، «كان من المفترض أن يستشير ديوان الخدمة المدنية اتحاد العمال في هذه الخطوة، لاسيما أنه قرار مهم يضر بشريحة كبيرة من الموظفين، سواء المديرون أو من أمضوا سنوات طويلة في خدمة وزاراتهم، كانت لهم خلالها مواقف كبيرة ويفترض أن يتم تقديرهم بدلا من تقييدهم بهذا الشكل».

واضاف ان «القرار يبدو خطوة نحو تطفيش المديرين والموظفين القدامى، وإخراجهم من الوزارات، لكن هناك سنا تحكم هذه العملية»، متابعا: «لو جلس مسؤولو ديوان الخدمة المدنية معنا فربما توصلنا إلى حلول مناسبة بدلا من هذه القرارات التي لا تخدم الجميع».

وأكد ان «اتخاذ الديوان خطوة بهذه الأهمية منفردا يعد خرقا للاتفاقيات الدولية ومنظمة العمل الدولية، إذ كان من المفترض أن يتم أخذ رأي النقابات واتحاد العمال بأي قرارات مصيرية تهم الموظفين».

نقابة الأوقاف: حضور وانصراف الموظفين ليس دليلاً على الأداء
«ننسق مع اتحاد العمال لإيجاد حلول مناسبة وإلغاء القرار»

أكد رئيس نقابة العاملين في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بندر النصافي، ان «قرار ديوان الخدمة المدنية بإلغاء إعفاء المديرين ومن أمضى 25 عاما في الوزارة من البصمة، غير مقبول، ونرفضه جملة وتفصيلا».

وقال النصافي لـ«الجريدة»، ان «البصمة لم تكن يوما مقياسا لإنتاجية الموظف، ولن تكون عملية حضور وانصراف الموظفين دليلا على أداء الموظف»، مشيرا إلى ان «المسؤول سواء كان مديرا أو غير ذلك يحكمه عمله، ولا يمكن أن يتغيب لأسباب غير مقبولة».

وأضاف: «نحن في الأوقاف لدينا بعض الإدارات تتطلب القيام بزيارات ميدانية وجولات يومية كثيرة خارجية، وبالتالي فإن ربط المدير بموقعه لا يخدم مصلحة العمل، وهذا الكلام ينطبق أيضا على من أمضى 25 عاما في عمله، بعدما أفنى عمره في الخدمة، ويجب مكافأته على ما قام به على مدى سنوات طويلة، بدلا من الضغط عليه وإجباره على الالتزام بالبصمة كأنه موظف جديد».

وأضاف: «نستغرب مثل هذه القرارات التي تؤكد أننا نسير عكس المتبع في بعض الدول مثل الإمارات وغيرها، التي تخفف عن المسؤولين لتحفيزهم على العمل»، موضحا ان «هناك تنسيقاً مستمراً مع الاتحاد الوطني لعمال الكويت بهذا الخصوص، لاسيما أن جميع النقابات ترفض هذا القرار، إذ يسعى الاتحاد إلى الجلوس مع المسؤولين في ديوان الخدمة المدنية لمعرفة أسباب القرار ومحاولة إلغائه وإيجاد حلول مناسبة».

وتابع: «أدبيا نرى أنه من المعيب جدا أن يزاحم المدير الموظفين على البصمة، ونعلم أن البصمة تفرض على الموظف الجديد لضبط آلية العمل، لكن ان تطبق على المدير والمسؤول فذلك غير مقبول، لأنني كمسؤول لا أستطيع الغياب أو الاستئذان»، لافتا إلى «وجود اجتماعات تنسيقية خلال الأيام القادمة بين الديوان واتحاد العمال للتوصل إلى آلية محددة حول هذا القرار الذي ما كان ينبغي أن يتخذ».

نقابة الخدمة المدنية: تطبيق البصمة على مدى 11 عاماً لم يزد الإنتاجية

استغرب رئيس نقابة العاملين في ديوان الخدمة المدنية فيصل البسام القرار، مؤكدا ان النقابة ترفض هذه القرارات التي من الاولى ان تطبق على القيادات العليا في أي وزارة أو جهاز حكومي قبل تطبيقها على الموظفين ومن لهم سنوات طويلة.

وقال البسام، في تصريح أمس، إن تطبيق البصمة على مدى 11 عاما لم يزد الانتاجية كثيرا، بل ساهم في انشغال الموظفين بالحضور والانصراف أكثر من التفكير في تطوير انفسهم بالعمل وتطوير العنصر البشري في الوزارات.

واضاف ان من تجاوزوا الـ25 عاما يجب ان تكون لهم آلية خاصة وتسهيل، نظرا لما قدموه من خدمة طوال هذه السنوات في الوزارات، مشيرا الى أن هذه القرارات التي تخرج من مجلس الخدمة المدنية بصورة سريعة غالبا ما تأتي دون دراسة. وتساءل: «هل تم عمل دراسات لجودة الموظفين طوال السنوات التي تم فيها تطبيق البصمة؟ وهل بالفعل لمسوا إنجازات تذكر من هذا النظام مع عدم وجود حوافز للموظفين تدفعهم للحضور، مؤكدا أن هذا القرار جاء لإجبار الموظفين الذي خدموا طويلا على التقاعد مبكرا.

«نقابة السكنية»: يعاقب الموظفين القدامى

طالب رئيس نقابة العاملين في المؤسسة العامة للرعاية السكنية عبدالرحمن الغانم ديوان الخدمة المدنية بإعادة النظر في القرار، داعيا اياه الى العدول عنه، والابتعاد عن سياسة معاقبة الموظفين القدامى.

وقال الغانم، لـ«الجريدة»، مع الاسف الحكومة مستمرة في ممارسة الضغط على موظفيها القدامى بتطبيق هذا القرار، مبينا ان من تجاوز 25 عاما يجب مكافأتهم بإعفاء البصمة وغيرها من الامتيازات، حتى من لم يكن منهم في المناصب الاشرافية كرئيس قسم وغيره.

وأكد ان القرار غير مدروس وبعيد عن الجانب العملي اليومي في العديد من وزارات الدولة، متسائلا: «هل الحكومة قادرة على استيعاب الكم الكبير من موظفي الدولة المعفيين من البصمة على عدد محدود من اجهزة البصمة اليومية، والتي تتسبب في ايامها العادية وقبل القرار في زحام كبير.

واضاف ان موظفي الدولة الحكوميين بحاجة لدعم وتشجيع في جميع القطاعات والإدارات الحكومية، وخصوصا الموظفين القدامى، لكبر سنهم وكثرة الاعباء اليومية عليهم، وخاصة كثرة الالتزامات بعد مرور سنوات طويلة من عطائهم في العمل.

وطالب بدعم الكوادر الوطنية وعدم خذلانها بهكذا قرارات من شأنها ان تسبب هجرة البعض من العمل في الجهات الحكومية مع سياسة خنق الحضور والانصراف.

«نقابة النفط»: خطوة تطفيشية للموظفين

وصف رئيس نقابة العاملين في وزارة النفط عادل الحجب القرار بأنه خطوة تطفيشية لمن خدموا في وزارات الدولة، قائلا إن الموظفين الذين تجاوزوا الـ25 سنة خدمة وصلوا الى مرحلة يحتاجون فيها الى اخذ ساعات معينة من وقت الدوام الرسمي، تقديرا لسنهم وخبرتهم الطويلة في مجال العمل، ويجب مراعاتهم.

وبين الحجب، في تصريح أمس، ان نظام البصمة منذ تطبيقه يعتريه الكثير من العيوب، اهمها إلزام الموظف بالحضور الجسدي والمادي وغياب الحضور الذهني، واذا تم قياس مستوى الانجاز في الوزارات فلن تجد سوى زيادة موظفين ولا انتاج حقيقيا، خصوصا من يشرف عليهم.

واضاف ان عدم إعفاء الوظائف الاشرافية في بعض الوزارات سيخلق المزيد من المشاكل بين المديرين والموظفين، لأن شاغلي الوظائف الاشرافية لن يجدوا إلا الموظفين في تفريغ مشاكلهم سواء النفسية او الصحية او غيرها.

واوضح ان البصمة لا علاقة لها بالانجازات، ووجودها عقبة وعدم ثقة بموظفي الوزارات، خصوصا اذا لم يكن هناك نظام ومرونة بين العاملين وشاغلي الوظائف القيادية في الجهاز الحكومي.

وزاد الحجب: «الأجدر انشغال مجلس الخدمة المدنية بوجود حل للفجوة بين رواتب الموظفين، ووضع خطة لمساواة موظفي الدولة، بدلا من التفكير في كيفية حضورهم وانصرافهم من العمل دون تطوير».

back to top