من الشخصيات النادرة التي التقيتها قبل عدة سنوات واختارها الله إلى جواره قبل يومين من شهر رمضان الماضي، المرحوم - بإذن الله تعالى - العم علي بن محمد السعيد.

وُلد رحمه الله تعالى في عام 1928 بفريج الزنطة بالحي القبلي في مدينة الكويت (المنطقة التي يقع فيها قصر العدل حالياً تقريباً). وفي منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، قرر والده الاستقرار في الجهراء، التي كان له فيها بيت مجاور لبيوت أسرة السعيد، التي ينتمي لها وغيرها من أسر الجهراء القديمة المعروفة.

Ad

وفي الجهراء درس القرآن الكريم على يد الملا ساير العتيبي، ثم درس قواعد اللغة العربية والحساب على يد الملا إبراهيم الحوطي.

حج العم علي بيت الله الحرام على البعارين ثلاث مرات؛ الأولى عام 1945 مع والده، والثانية عام 1946 وكان هو صاحب الحملة، والثالثة عام 1947 مصطحباً والدته مع حملة يوسف العبدالهادي الميلم، رحمه الله.

وقد سجلت له مقابلة تلفزيونية بثها تلفزيون "الشاهد" في 25 أكتوبر 2012، وفيها تحدث بالتفصيل عن الطريق الذي يسلكونه إلى مكة والمدينة، والمحطات التي يتوقفون فيها للراحة والأكل، وما إلى ذلك.

قال لي إن والده باع بيته في الحي القبلي (فريج الزنطة) بمبلغ 4000 روبية عام 1945، واشترى بالمبلغ بعارين ولوازم حملة للحج، واتفق مع مجموعة من أهل الكويت وأهل الجهراء لأخذهم لأداء فريضة الحج في ذلك العام. ورافق العم علي، الذي كان عمره 15 سنة تقريباً، والده في هذه الحملة، التي وقعت خلالها عدة مآسٍ شرحها لي بالتفصيل، أولاها كانت وفاة والده أثناء رحلة العودة إلى الكويت، وثانيها وفاة الدليل الذي كان يرشد القافلة إلى الطريق، ما اضطر العم علي إلى أن يقود القافلة بنفسه، رغم صغر سنه وقلة خبرته، ليعود بها سالمة إلى الكويت.

كما حج العم علي مرة أخرى على البعارين عام 1956، ومرة ثالثة مع المرحوم يوسف العبدالهادي الميلم عام 1946 ومعه والدته، وكان في كل رحلة من هذه الرحلات يمشي على قدميه ذهاباً وإياباً، ويقوم بمساعدة الحجاج، خصوصاً النساء منهم، لصغر سنه وحركته السريعة.

وقد عدَّد لي رحمه الله المحطات التي يقفون فيها والطريق الذي يسلكونه، وهو كالتالي:

الانطلاق يكون من منطقة السليل بالجهراء باتجاه الدبدبة، ثم الحفر، ثم وادي السدر، ثم عِدّ ماء، ثم النفود، ثم التيسية، ثم جبه، ثم نفود، ثم جعَلَة، ثم بريدة، ثم الخبوب، ثم مَستة وضرية، ثم مزارع لشمّر، ثم مِرّان، ثم طريق صخري وعر، ثم ركبة، ثم شعيب ماء وفيه يحرمون، ثم يصعدون جبل وقبله يتم إنزال الحريم من الركايب، ثم عين تينة، ثم الأبطح بمكة المكرمة.

وبعد الحج يتجهون إلى المدينة، ويمرون على المناطق التالية: ريع الحجول، ثم وادي فاطمة، فقرية فيها سمك، ويصلون بعدها إلى مسجد قباء، ثم العطن التي بها ما يسمى "العين الزرقاء".

وعند خروجهم من المدينة عائدين للكويت يتجهون إلى جبل "أَبَنات" (وفيه توفي والده ودفن)، ثم إلى رياض الخبراء، التي توفي فيها الدليل علي الحريّر.

وهناك الكثير من المعلومات الشائقة التي ذكرها العم علي، رحمه الله، في المقابلة المتوافرة على قناة يوتيوب لمن يحب أن يشاهدها بالكامل، ولا يتسع المجال هنا لذكرها.