عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أول لقاء مباشر بينهما الجمعة خلال قمة لمجموعة العشرين تخللتها تظاهرات عنيفة وانقسامات بين واشنطن وحلفائها الاوروبيين بشأن التغير المناخي والتجارة.

Ad

وخاطب ترامب نظيره الروسي قائلا "نتطلع إلى حدوث امور ايجابية للغاية لروسيا والولايات المتحدة"، مضيفا "إنه شرف لي أن أكون معك".

ومن جهته، قال بوتين للرئيس الأميركي "أنا سعيد لتمكني من لقائك شخصيا حضرة الرئيس. أتمنى كما قلت، أن تتمخض عن لقائنا نتائج قوية".

ويشير محللون إلى أن هذا اللقاء قادر على تحويل المسارات في قضايا متعددة من أزمة كوريا الشمالية الى النزاعات في سوريا وأوكرانيا، إلى معاهدات نزع السلاح الروسية الأميركية والتجارة الدولية والاحتباس الحراري.

ويرجح أن يدقق المراقبون في الصور الملتقطة بين قطب العقارات الثري والعميل السابق لجهاز الاستخبارات السوفيتي ذو الشخصية الباردة، بحثا عن أي إشارة لتقارب أو تباعد بينهما.

ويرى الخبير في "صندوق مارشال الالماني" ديريك شولي أن "أسلوبهما المتباين في التفاعل سيشكل على الأغلب السمة المحددة لشكل علاقتهما" المستقبلية.

ويمكن ان تكون هذه القمة التي لطالما مرت بهدوء الأكثر صخبا في تاريخها.

ويدفع مبدأ ترامب "أميركا أولا" حيال التجارة وموقفه المشكك في مسائل المناخ، باتجاه توتر العلاقات مع حلفاء واشنطن التاريخيين، خاصة الاوروبيين.

ويضيف إلى الانقسامات موقفه الحازم حيال برنامج كوريا الشمالية الصاروخي، وهي مسألة يحث الروس والصينيون على التهدئة فيها، وهو ما عاود بوتين التأكيد عليه الجمعة.

وقال الرئيس الروسي خلال اجتماع مع نظيره الكوري الجنوبي مون جاي-اين ان "مشكلة كوريا الشمالية النووية خطيرة للغاية. ولكن يجب ان نعتمد ضبط النفس والتصرف بطريقة براغماتية ودقيقة".

وخارج قاعدة المؤتمرات الهادئة حيث عقدت القمة، أثار متظاهرون حالة من الفوضى حيث قاموا بإحراق سيارات وتهشيم نوافذ متاجر وإطلاق مواد مشتعلة على مروحيات تابعة للشرطة إضافة إلى اتلاف إطارات سيارات الوفد الكندي وهو ما تسبب ببقاء السيدة الأميركية الأولى ميلانيا ترامب عالقة في مقر إقامتها في هامبورغ.

ودفعت أعمال العنف شرطة هامبورغ إلى استدعاء تعزيزات من مقاطعات ألمانية أخرى فيما اضطر منظمو القمة إلى اختصار البرنامج الرسمي لزوجات القادة الحاضرين.

وفي تفسيرها لسبب اضطرار السيدة الأولى للتغيب عن رحلة بحرية، قالت ستيفاني غريشام، الناطقة باسم زوجة ترامب لوكالة الانباء الالمانية (دي بي ايه) "حتى الآن لم نحصل على تصريح من الشرطة لمغادرة المقر".

وخلال حملته الانتخابية العام الماضي، أعرب ترامب عن أمله بإعادة بناء العلاقات مع روسيا.

ولكن موسكو تواجه اتهامات متزايدة بالتدخل في الانتخابات لصالح ترامب وهو ما يفاقم الضغوط عليه في واشنطن ومن حلفاء الولايات المتحدة لتبني نبرة عدائية حيال الكرملين.

وخلال خطاب ألقاه في وارسو الخميس، أطلق ترامب سيلا من الانتقادات النادرة لروسيا، رغم امتناعه عن ذكر بوتين بالاسم.

وقال لمجموعة من نحو 10 آلاف شخص "نحث روسيا على وقف أنشطتها المزعزعة للاستقرار في أوكرانيا وغيرها ودعمها لأنظمة عدائية -- بينها سوريا وايران -- والانضمام بدلا من ذلك إلى الدول التي تتحمل المسؤولية في حربنا ضد أعدائنا المشتركين للدفاع عن الحضارة".

ولم يرافق ترامب سوى وزير خارجيته ريكس تيلرسون ومترجم، وهو فريق صغير بشكل استثنائي أثار قلق الخبراء.

وأشار المحلل توماس رايت من معهد "بروكينغز" إلى أن "الاثنين لا يملكان تجربة في السياسة الخارجية. ولهذا السبب كان يجب ان يرافقهما +محترفون+ في اللقاء مع بوتين".

وخيمت تجربة ناجحة لإطلاق كوريا الشمالية صاروخا بالستيا عابرا للقارات هذا الأسبوع على أول قمة لمجموعة العشرين يحضرها الرئيس الأميركي.

وحذر ترامب الخميس من "تبعات" استعراضات القوة التي تقوم بها بيونغ يانغ، قائلا إنه يفكر في رد "حازم" على "سلوكها السيء جدا".

وسيعقد ترامب الذي لطالما حث بكين على تكثيف ضغوطها الاقتصادية على كوريا الشمالية اجتماعا يرجح أن يكون صعبا مع نظيره الصيني شي جينبينغ على هامش القمة.

ويواجه الرئيس الأميركي كذلك محادثات أخرى صعبة في قاعة اجتماعات القمة الرئيسية حيث تتشكل جبهة موحدة ضد موقفه من الاحتباس الحراري.

ورغم تعهد ترامب بانسحاب واشنطن من معاهدة باريس بشأن التغير المناخي أكدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل التي تستضيف القمة أن "العديد من الدول الأخرى ترغب بالاستمرار في تطبيقها".

ومن ناحيتها، أكدت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أن قادة العالم سيضاعفون جهودهم خلال القمة لإقناع ترامب بالانضمام إلى اتفاقية باريس.