ضرب الإرهاب مجدداً في سيناء، مخلفا 26 ما بين قتيل وجريح بينهم ضابط برتبة عقيد في القوات المسلحة، إثر هجوم مسلح من عناصر إرهابية على كمين أمني بمنطقة قرية البرث جنوبي مدينة رفح بشمالي سيناء، فجر أمس، فيما قال الجيش المصري إنه قتل 40 إرهابياً من المهاجمين، ودمر ست عربات استخدمت في الهجوم، بعدما طاردتهم مقاتلات مصرية فوق رمال سيناء.المتحدث باسم القوات المسلحة، تامر الرفاعي، قال في بيان رسمي أمس، إن «قوات إنفاذ القانون بشمال سيناء نجحت في إحباط هجوم إرهابي للعناصر التكفيرية على بعض نقاط التمركز جنوب رفح، وأسفر عن مقتل أكثر من 40 تكفيرياً، وتدمير ست عربات، وتعرض قوات إحدى النقاط لانفجار عربات مفخخة نتج عنها استشهاد وإصابة 26 فرداً من أبطال القوات المسلحة، وجارٍ تمشيط المنطقة ومطاردة العناصر الإرهابية».
مصادر أهلية روت لـ»الجريدة» تفاصيل الهجوم الإرهابي، الذي بدأ في ساعة مبكرة من صباح أمس، باقتراب سيارة مفخخة يقودها انتحاري، فجر نفسه بالقرب من الكمين الأمني، فيما قامت عناصر تستقل عدداً من سيارات الدفع الرباعي بمهاجمة الكمين من عدة اتجاهات في التوقيت نفسه، ليبدأ الاشتباك مع قوة الكمين، مما أسفر عن سقوط نحو 10 قتلى، بينهم قائد الكتيبة 103 صاعقة العقيد أحمد منسي، وإصابة 16 آخرين، وأن القوات المهاجمة بعد أن غادرت موقع الحادث طاردتها مقاتلات مصرية وقصفتها من الجو، مما أسفر عن مقتل 40 إرهابياً.وفي وقت لم تفصح الجهات الرسمية عن عدد محدد للقتلى جراء الاعتداء أفادت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر أمنية وطبية مصرية بأن الهجوم استهدف نقطتين عسكريتين وأسفر عن مقتل 23 وإصابة 33.وفيما بدأت قوات الجيش في عملية إعادة تأهيل كمين البرث، قال مصدر أمني رفيع المستوى إنه تم إعلان الاستنفار ورفع حالة الطوارئ إلى الحالة «ج» في شبه الجزيرة المصرية، عقب الحادث، مع صدور أوامر بوقف جميع إجازات الضباط والأفراد، وزيادة إجراءات التأمين والدفع بقوات إضافية حول الأكمنة المختلفة في سيناء وغيرها من المحافظات المصرية، تحسبا لأي عمليات إرهابية تستغل انشغال الدولة المصرية بهجوم سيناء، فيما يتوقع أن يعلن تنظيم «داعش» تبنيه للهجوم.وأشار المصدر إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي طلب تقديم تقرير مفصل عن الحادث، وأنه يتابع الموقف بنفسه، ووجه بضرورة زيادة العمليات العسكرية لقطع الطريق أمام أي محاولات إرهابية لاستهداف القوات المصرية، فيما صدق وزير الدفاع صدقي صبحي على نقل المصابين بإصابات خطيرة إلى مستشفيات القوات المسلحة بالقاهرة على متن طائرات عسكرية.وفيما قال الخبير الأمني خالد عكاشة لـ«الجريدة»، إن العملية جاءت انتقاماً من إحباط قوت الأمن لعدد من العلميات الإرهابية في القاهرة خلال الفترة الماضية، شدد مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد نور الدين، على أن العملية الأخيرة، تكشف عن تقديم دولة خليجية الدعم اللوجستي الضخم لاستهداف أمن مصر، متوقعاً أن تدفع هذه الدولة العناصر الإرهابية لتنفيذ عمليات ضخمة خلال الفترة المقبلة.الجهادي السابق وخبير الحركات الإسلامية صبرة القاسمي، قال إن «الدولة المصرية استطاعت تقييد الإرهاب ليكون بداخل سيناء فقط، لكن التعامل الأمني وحده لا يكفي، بل يجب أن يتم البدء في تبني استراتيجية فكرية وسياسية واجتماعية ودينية لتفنيد حجج الإرهاب وتجفيف منابعه في المجتمع المصري».
إدانات
وتوالت الإدانات الداخلية عقب الحادث، إذ أعلن مجلس الوزراء إدانته للهجوم الإرهابي الغاشم، ونعى رئيس الحكومة شريف إسماعيل، ضحايا الهجوم الإرهابي من رجال الجيش البواسل، مشدداً على ضرورة تكاتف جهود دول العالم في مواجهة الإرهاب، بما يساهم في وضع حد للدول الداعمة له، ومحاصرة عناصره الإجرامية، وتجفيف منابع تمويله، وتقويض قدرته على تنفيذ مخططاته الخبيثة.وبينما دان الأزهر الشريف الهجمات الإرهابية الأخيرة، أشاد مفتي الديار المصرية شوقي علام ببسالة وشجاعة رجال وأبطال القوات المسلحة في التصدي للجماعات الإرهابية الظلامية، وشدد المفتي على ضرورة أن يتكاتف المصريون جميعاً ويتحدوا سوياً من أجل مواجهة جماعات الإجرام المتطرفة، وأن يدعموا مؤسسات الدولة وفي مقدمتها القوات المسلحة والشرطة دعماً كاملاً في حربها ضد التطرف والإرهاب.وتوالت الإدانات العربية والدولية للهجوم الإرهابي، وتقدم أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، المعزّين، بعدما أرسل ببرقية تعزية إلى الرئيس المصري، مؤكداً استنكار دولة الكويت وإدانتها الشديدة لهذه الأعمال الإجرامية الشنيعة التي استهدفت زعزعة الأمن والاستقرار في البلد الشقيق والتي تتنافى مع الشرائع والقيم الإنسانية.ودانت السفارة الأميركية بالقاهرة الهجوم الإرهابي، وقالت عبر صفحتها على «تويتر»: «هجوم إرهابي شنيع آخر في مصر... تقف الولايات المتحدة مع مصر ضد الإرهاب».في غضون ذلك، قال مصدر أمني إن عناصر إرهابية قامت بإطلاق وابل من الرصاص على ضابط جهاز الأمن الوطني، النقيب إبراهيم عزازي، بالقليوبية قبل أدائه لصلاة الجمعة في أحد المساجد، مما أدى إلى وفاته، وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية فتحت تحقيقات موسعة، لكشف تفاصيل الهجوم، وكيفية تسريب خط سير الضابط ما مكن من استهدافه، وأشار المصدر إلى أن التحريات الأولية أثبتت تورط أربعة أشخاص في الحادث، وأن اثنين منهم أطلقوا النار على الضابط.وكان مسلحون هاجموا تمركزاً أمنياً أعلى محور 26 يوليو في الاتجاه القادم من مدينة 6 أكتوبر إلى ميدان لبنان، بوسط العاصمة المصرية مساء أمس الأول، ما أسفر عن إصابة مجند ومدني تصادف مروره أثناء وقوع الحادث، وقالت وزارة الداخلية في بيان إنه جارٍ تكثيف الجهود الأمنية لضبط الجناة في الواقعة، وأن المهاجمين كانوا يستقلون سيارة نقل جماعي «ميكروباص» ضربوا منه القوة الأمنية ثم لاذوا بالفرار.أسوأ هجمات إرهابية خلال 2017
شهدت محافظة شمال سيناء عدداً من الهجمات الإرهابية في الأشهر الستة الأولى من عام 2017، وفيما يلي أسوأ هذه الهجمات:- 9 يناير: هجوم إرهابي على كمين المطافئ بحي المساعيد في مدينة العريش، مما أسفر عن مقتل 8 من قوات الشرطة وإصابة عدد آخر.- 22 يناير: عناصر إرهابية تقتل خمسة مجندين خلال اشتباك مسلح في وسط سيناء.- شهر فبراير: مقتل 7 مسيحيين في هجمات إرهابية متفرقة، بعد إعلان «داعش» استهداف المسيحيين، مما أدى إلى مغادرة مئات الأسر القبطية لسيناء.- 23 مارس: مقتل ثلاثة ضباط و7 جنود في انفجار ناسفتين في شمال سيناء.- 10 مايو: عناصر «داعش» تقتل القيادي بقبيلة الترابين سالم أبولافي و12 من أبناء القبيلة، في منطقة «سيالة البواطي» جنوب الشيخ زويد.- 14 مايو: مقتل ضابط وإصابة ثلاثة جنود في انفجار ناسفة بمدرعة وسط سيناء، ومقتل ضابط آخر في انفجار ناسفة ثانية.- 5 يونيو: قتل مجند وأصيب آخر من قوات الجيش في انفجار عبوة ناسفة في مدينة الشيخ زويد.