لنواجه واقعنا العربي المأساوي بهذه الخاطرة المحزنة: • لماذا يتفوق علينا العالم؟ الغرب، الهند، الصين، اليابان، بل حتى بعض دول إفريقيا وغيرها من دول أميركا اللاتينية، والكثير من الدول الأخرى، إضافة إلى قارة أستراليا!
بينما نحن نرزح بهذا الكم المتراكم من التخلف، ننظر إلى هذا العالم المتفوق علينا وهو يخرج كل يوم بجديد تلو الجديد، ونلهث مستهلكين ما يأتينا منه ولا نفعل شيئاً، ونكتفي بندب حظنا على تخلفنا!معطياتنا الإعلامية والثقافية كلها تردد بكبرياء ساذج:"لقد سبقناهم في الماضي، وهم كانوا أقل حضارة منا". يا جماعة كفوا عن تكرار الماضي، الذي اكتفينا بذكرياته، ولم نحاول بعد أن انجابت عنا دياجير الاستعمار العثماني، وغيره من الهيمنات الاستعمارية الأخرى. لم نحاول أن نستثمر ذلك الماضي ونصل ما انقطع من أمجادنا فيه بالحاضر الجديد بغير الثرثرة والتشدق والادعاءات الكاذبة!... لماذا لم نربط ماضينا الذي نزعمه بحاضر العلم التطبيقي، الذي لم يعد لنا فيه إنجازات ذات بال في العالم؟! • ربما لأننا لم نأخذ العبرة من العالم المغامر، لأننا فقدنا منذ زمن بعيد حب المغامرة.• نعم... حب المغامرة هو معيار التقدم والتطور.• حب المغامرة هو الذي دفع المخترعين في العالم إلى اقتحام المجهول بالتجارب العلمية مهما كانت نتائجها، وبعضهم دفع الثمن باهظاً من أجل المغامرة.• كل اكتشاف غيّر وجه التاريخ المعاصر كانت وراءه مغامرة.• كل فتح جديد في عالم العلوم التطبيقية، ومنها الأجهزة الذكية التي أصبحت بين أيديكم، كانت وراءه مغامرة.• تلك الجسارة في اقتحام الفضاء المجهول مغامرة، ولكن أرجو ألا تفسروا مغامرة عفوية أو عشوائية، إنها مغامرة مدروسة.فلولاها لما كان الكوكب الأرضي ينعم بكل هذه المعطيات التي تجاوزت حدود التصور الانساني!***• فأين نحن العرب من كل هذا؟! بكل أسف أقولها: نحن لم نزل مصدقين.إذا بلغ الفطام لنا صبيٌ ... تخر له الجبابر ساجديناونشرب إن وردنا الماء صفواً ... ويشرب غيرنا كدراً وطيناوأكبر أكاذيبنا عبّر عنها الفرزدق:لو أنّ جميع الناس كانوا بربوة ... وجئت بجدي دارِم وابنِ دارم لظلَّت رقاب الناس خاضعةً لنا ... سُجوداً على أقدامنا بالجماجموبكل حسرة أقولها: فإن أكاذيبنا ومبالغاتنا الموروثة من الماضي تتجدد كل يوم بأساليب حديثة عبر إعلامنا الذي لا يتورع أن يمطرنا كل يوم بالأكاذيب المخزية عن تصوير حياتنا المعاصرة، التي يصفها بكل الأكاذيب التي لم تعد تنطلي على أحد، ولا حتى على قائليها أنفسهم!***• كتبت هذه الخاطرة بعد أن خرجت من مركز لينكولن للفنون في مدينة نيويورك، حيث شاهدت مسرحية لشكسبير، وسرحت مقارناً بين ما نحن عليه في مسرحنا الهزيل والمسرحية التي شاهدتها، وقست على ذلك بقية المرافق الأخرى في حياتنا المعاصرة المليئة بالخداع والكذب والدس وانعدام المصداقية في كل شيء للأسف!
أخر كلام
وا أسفاه عليكِ يا عروبتي!
08-07-2017