وسط صرخات الأهل ودموع الأحبة، في عدة محافظات مصرية، شيعت أمس، جثامين عدد من شهداء الجيش، الذي قضوا أمس الأول في هجوم إرهابي تبنَّاه تنظيم "أنصار بيت المقدس" الفرع المصري لتنظيم "داعش"، على ارتكاز للجيش في منطقة "البرث"، التابعة لمحافظة شمال سيناء.وشهدت جنازات الشهداء، التي شيع ثلاثة منها في محافظة الشرقية "شمال الدلتا" أمس، حالات غضب وبكاء من قبل آلاف المشيعين، الذين تعالت هتافاتهم منددة بالإرهاب وداعميه، فيما عقد الرئيس عبدالفتاح السيسي اجتماعاً مع رئيس الحكومة، ومحافظ البنك المركزي، ووزراء الدفاع، والخارجية، والداخلية، والعدل، والمالية، والتموين، ورئيسي المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية.
وقال الناطق الرئاسي علاء يوسف، إن الاجتماع استعرض تقريراً بشأن الهجوم، وإن الرئيس أعرب عن خالص تعازيه لأسر شهداء الهجوم الإرهابي، ووجه بتوفير أقصى الرعاية الممكنة للمصابين، وشدد على أن قوى التطرف تحاول النّيل من استقرار وأمن البلاد، خلال تلك المرحلة التي تكثف مصر خلالها جهودها لمكافحة الإرهاب على مختلف الصعد، مشيراً إلى أن الاجتماع استعرض -أيضاً- سوق النقد والأوضاع الاقتصادية والمالية.
غارات انتقامية
وبينما، دان مجلس الأمن الاعتداء الإرهابي في رفح، قالت مصادر أهلية في منطقة البرث لـ"الجريدة"، إن "مقاتلات الجيش نفذت حتى ظهر أمس نحو 80 غارة، استهدفت أماكن في رفح والشيخ زويد والجورة، واصفين طلعات الجيش بـ"الأقوى" منذ فترة"، مؤكدين أن عناصر من قبيلة الترابين، التي أعلنت منذ فترة قتال الدواعش، تنشط حاليا في منطقة البرث، وتقوم بعمليات تمشيط واسعة في المنطقة.على صعيد آخر، وبعد ساعات من العملية التي أسقطت 26 بين قتيل وجريح، تبنى تنظيم "أنصار بيت المقدس" الفرع المصري لتنظيم "داعش" العملية، حيث نشرت مواقع مُهتمة بأخبار التنظيم الإرهابي بيانه، الذي تضمن الإشارة إلى كيفية تنفيذ العملية، إذ أوضح أن عدداً من عناصر التنظيم انطلقوا قاصدين نقطة تمركز عناصر الجيش في منطقة (البرث) جنوب رفح، بعدما قام الإرهابي ريان الأنصاري بتفجير سيارته المفخخة في جنود الجيش.كما أشار التنظيم إلى أن المرحلة الثانية من العملية الإرهابية كانت عبر استهداف إمدادات الجيش للكمين بسيارة مفخخة أخرى، كان يقودها أبوالليث المصري، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد آخر من قوات الجيش، واعترف التنظيم بمقتل 5 من عناصره، قائلاً: "فيما ارتقى خمسة انغامسيين شهداء كما نحسبهم".حملة الإسماعيلية
وفي أول رد فعل، قالت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها أمس، إنها قتلت 14 عنصراً إرهابياً، خلال حملة على معسكر لهم، في منطقة صحراوية في نطاق الكيلو 11 دائرة مركز شرطة الإسماعيلية، "إحدى مدن القناة"، وان هذا المعسكر معد لاستقبال العناصر الإرهابية من مختلف المحافظات، لإخضاعهم لبرامج إعداد بدني وتدريب عسكري على استخدام الأسلحة النارية وتصنيع العبوات المتفجرة، وأنهم جميعاً من الضالعين في العمليات الإرهابية في شمال سيناء.وقال البيان إن المواجهات أسفرت عن مصرع (14 عنصراً إرهابياً) أمكن تحديد هوية 5 منهم وهم كل من محمد أحمد عبدالخالق حبيب (القليوبية)، وطارق عبدالله (الجيزة)، ومحمد شعبان (الفيوم)، وخالد محمد (الدقهلية)، علي هاشم أحمد عصام الدين مصطفى (القاهرة).في السياق، قال مصدر مسؤول لـ"الجريدة" إن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجّه باتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لأي محاولات إرهابية تسعى للنيل من أبناء الوطن، مشيراً إلى أنه من بين العناصر المُنفذة لعملية "البرث" الإرهابية، عائدون من سورية والعراق وليبيا، وأن مبالغ مالية كبيرة تم رصد دخولها إلى سيناء خلال أيام، وأنه يرجح أن تكون تلك الأموال هي المستخدمة في توفير الدعم اللازم للعملية الإرهابية، وأن العناصر استغلت المدقات الجبلية وتضاريس سيناء الوعرة في الاختباء والتدريب على العملية.أما الخبير في شؤون الجماعات الأصولية، ماهر فرغلي، فقال إن "داعش" عيَّن القيادي أبوهاجر الشامي ليقود فرع التنظيم في مصر من الخارج، وأن عناصر مغاربية وتونسية انضمت إلى التنظيم مؤخراً، عن طريق الحدود السودانية، مشيراً إلى أن الإرهابيين استخدموا مناطق الأطرش، ومزرعة أبوراتب، ومزرعة سليمان المنيعي التي هاجمها الجيش قبل العملية بيوم، في عمليات الاختباء والتدريب.وقال مصدر أمني مطلع لـ"الجريدة": إن "تحليل البصمة الوراثية للعناصر الإرهابية التي تم قتلها أمس الأول، في منطقة "البرث"، أثبت أن الكثير منهم غير مصريين، وأن الطب الشرعي والأجهزة الأمنية تقوم حالياً بتصنيف جنسيات تلك العناصر.على صعيد ذي صلة، قال مصدر أمني رفيع المستوى في وزارة الداخلية أمس، إن اثنين من العناصر الإرهابية لقيا مصرعهما، في تبادل لإطلاق النار مع قوات الشرطة، في مدينة السادس من أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة، وان معلومات وردت إلى ضباط قطاع الأمن الوطني، مفادها اختباء اثنين من العناصر الإرهابية الخطيرة، المطلوب ضبطها وإحضارها في عدد من القضايا، داخل إحدى الوحدات السكنية في 6 أكتوبر.وعلمت "الجريدة" من مصدر رفيع المستوى أن الوزارة بدأت إجراء تحقيقات مكثفة مع عدد من الأفراد وأمناء الشرطة في الخانكة، على خلفية واقعة اغتيال ضابط الأمن الوطني في منطقة الخانكة، التابعة لمحافظة القليوبية "شمال الدلتا"، وأن معلومات أولية كشفت أن الضابط تمت مراقبته وتسريب هويته.