«قطف عبد الحليم كركلا النار المقدسة التي أشعلت تراكم الحضارات على بعلبك وسفرها على سفينة لبنان إلى آخر الأرض فأدهش العالم»، قال الشاعر طلال حيدر في كلمة ترحيبية ألقاها خلال احتفال بمنح مؤسس «مسرح كركلا» عبد الحليم كركلا «جائزة الرئيس الياس الهراوي». وتابع: «يأتي كركلا في مسيرة العباقرة الذين عرفهم لبنان في تاريخه الطويل. في سيرته الإبداعية كان يحسب أنه يكتب مجده في تاريخ الفن ولم يكن يدري أنه يضيف إلى لبنان مجداً في تاريخ الحضارة. كان ينظر إلى شموخ الأعمدة في هياكل بعلبك وكانت الأعمدة تنظر إلى شموخه وهو يصعد على مدارجها ليصل إلى قمة الضوء. تحرّر من جاذبية المكان ليسكن في الزمان. هل ترى كان يحاول أن يقبض على الأزمنة، وهو يتنقل بين الحضارات؟».

وختم : «أسماء كتبتها بعلبك تكرمها اللبنانية الأولى السيدة منى الهراوي، البعلبكية الأولى التي نحبها وتحبها بعلبك ويحبها لبنان». 

Ad

في الاحتفال ألقى الوزير اللبناني السابق جان عبيد كلمة توجه فيها إلى عبد الحليم كركلا قائلاً: «منحك الله نصيباً طيباً من اسمك بالحلم وأكرم عمرك من هباته بالمواهب، فانطلقت بما أوتيت من نعم الله ومن اقتدارك وإعجازك بحركة بخفة وبدقة وبثقة عز نظيرها جميعا».

وبيّنت الوزيرة السابقة ليلى الصلح أن عبد الحليم نشأ في حي آل الصلح في مدينة بعلبك وصاهر زحلة، «فعشت لبنان الميثاق وعشت بعلبك وشمس عزتها». تابعت: «قيل عنك إنك سفير من الفضاء دخلت لبنان من السحاب. قيل عنك إنك العمود التاسع من قلعة بعلبك فاخرجتها إلى العالمية. قيل عنك إنك أسد من لبنان كلما توغل الزمان في الغياب، زادك العمر إبداعاً. ولكن ثمة دور واحد يتخطى المقاييس والزمن، فيضمن لصاحبه صفة الخلود ذلك أن الفنان لم يتوخ في تمثيل هذا الدور الإبداعي كما يفهمه المعاصرون، بل خلق لنفسه مقاييس جديدة».

وهكذا حافظ كركلا، بحسب الصلح، على تراث البقاع، «بوحيك واجهت ولوحدك صمدت؛ إذ لا يستطيع أحد أن يمحو شعباً إذا اقتلعه من أرضه، ولكن يستطيع أن يقضي عليه إذا انتزعه من تراثه. هذا هو إنجازك الكبير من البقاع إلى لبنان، بقاع من أحببت بقاع من ناسبت، لكن اليوم هذا البقاع هو معبد الأحزان وشهيد الأحداث وهو محروم من الخدمات». 

الهراوي

وتحدثت السيدة الهراوي فقالت: «نرفع تحيتنا اليوم إلى هذا السفير اللبناني المخلص لهويته وتراثه وشعبه وأرضه وتاريخه، حتى إذا حمل شعار الجائزة واسمها ومسيرتها حمل معه كذلك مجداً خالداً للبنان الفن العالي فن كركلا الذي حين ضاقت به الكلمات وسع فضاءاته إلى الموسيقى التي تعبر الكلمات إلى بعد آخر للكلمة في تعبير أوسع وطرز فضاءاته بالكوريغرافيا التي رفعت لغة الجسد إلى أسمى وأطهر تعابيرها، ثم حمل الموسيقى والكوريغرافيا معاً إلى سينوغرافيا جعلت الجمال قمة القمم في التعبير الفني العابر حدود المكان والخالد في كل زمان».

كركلا

ألقى المكرم كركلا كلمة الختام وجاء فيها: «أرى الرئيس الهراوي فرحاً من حيث هو بهذه المناسبة في قصره. كلماتكم عباءة عز ووسام فخر أعتز به، وأنا اليوم أكثر من أي وقت مضى أشعر بعزم إضافي ومسؤولية كبيرة تحثني على الاستمرار في تحقيق إنجازات فنية تعلو بسمعة لبنان».

كركلا أوضح أنه عاش مسيرته متخطياً الصعاب، وحاول أن يقدم أرقى ما يكون من إبداع مسرحيٍ، ليضع اسم لبنان على خريطة الفن الراقي في المسرح العالمي، كذلك حرص على نشر رسالة عربية ثقافية في أرقى المحافل الدولية من خلال الجولات العالمية، «لنطوي الزمن الذي حاول أن يطوينا، وكي نوظف تجربتنا الفنية لأجيال لبنان المستقبل».