بين الفدائي والفداوي
![خالد حسين الشطي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1601702803957573600/1601702820000/1280x960.jpg)
كثيرة هي الأمثلة، سواء الشعبية أو الواردة في تراثنا الأدبي وتاريخنا الإسلامي، التي تحكي الحقيقة التي أريد، والتي تضرب في المقام لبيان الحالة التي أعالج في هذا المقال وكيفية كشف هؤلاء وتشخيصهم... منها حكاية أم الرضيع التي تنازلت عن حقها في فلذة كبدها حين تساوت أدلتها وحجتها مع الأخرى المدعية المفترية، فأمر القاضي بشق الطفل نصفين، فآثرت حياة ابنها في أحضان غيرها على موته ونهايته. ومنها القول الشهير: ليست الثكلى كـ»النائحة» المستأجرة، وقول الشاعر: إذا اشتبهت دموع في خدود، تبين من بكى ممن تباكى. قد يسهل عليك ويصح تطبيق العنوان وحمل المقصود من المقال على شخص محدد أو قضية بعينها... مزايد وصولي مبتذل، غامر في اصطفاف سياسي خطير، ودخل في نزاع الأسرة والمشروع الخليجي، فخسر الرهان، ليجد نفسه مفلساً صفر اليدين، ليس في جعبته إلا وريقات هم أعوانه من بقايا زمن العز والسطوة، ما زال يمنِّيهم ويخدعهم، يريد اللعب بهم وحرقهم، ليأخذ نواب الشيعة إلى صفوف المعارضة ويقحمهم في صراعه الخاسر، لا لشيء إلا ليعمهم ما نزل به، ويلحقهم ما مُني به، فيكون الجميع في الهزيمة سواء! وكانت مساهماته السابقة في التعيينات التي وفرها لبعضهم خدمته في أمرين: خلق حاشية يخوض بها مغامراته، ثم الموقع الذي مكّنه من أداء دوره في تنسيق وتدبير أزمة التأبين والبلاء الذي حل بتيار شيعي عريض. وها هو الآن يتحرى كارثة جديدة ينزلها بالطائفة، وهو يتقمص موقف مدام دي بومبادور عشيقة لويس الرابع عشر في ندائها الشهير: من بعدي الطوفان!...قد يصدق هذا التطبيق والتحديد، ولكني أريد الحالة وأقصد الفكرة وأحارب الظاهرة، فهذا الشخص لا يلبث أن يزول ويختفي، وقضيته لن تطول حتى تتراجع وتنتهي، لكن الحالة التي علينا التنبه لها، والظاهرة التي يجب أن نقضي عليها، هو ما يخلص ساحتنا وينجي مجتمعنا ويحصِّن بلدنا، فكلما تراجعت ظاهرة النفاق في أمة، زاد فلاحها ونجاحها، وكلما تقدم المزايدون ونمت سطوتهم وخافهم الناس وراقبوهم، وارتزقوا من فتات موائدهم، دل ذلك وأشار إلى الفساد والانحطاط، ودق ناقوس الخطر على القادم من بلاء. علينا أن نذكي في المجتمع حس كشف هؤلاء، ونسلط الأضواء على النماذج والشواهد ليتعرف عليهم الناس، ومن ثم يتعرفون على أساليبهم وطريقتهم، فتحوم الشكوك على كل من يسلك ذاك السبيل، وتقطع عليه وعلى مشاريعه الكارثية الطريق. علينا أن نميز العامل للمذهب وللطائفة من العامل لنفسه وتجارته، والفدائي الذي يفدي أهله ووطنه من «الفداوي» الذي يفدي سيده وعمّه، ومن يحمل صوت الشعب وصرخة الكويت، ممن يتوجع من إفلاسه ويتأوَّه لخسارته.*عضو مجلس الأمة