في تسريب تناقلته مصادر رفيعة، بدا أن مخرجات اجتماع التحالف الشيعي في بغداد ليل السبت ــــ الأحد تقترح "تأجيل الحوار" مع القوى السنية إلى ما بعد انتهاء الحرب على "داعش" فيما تبقى من المناطق الريفية والصحراوية غرب البلاد وشمالها، بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس استعادة الموصل بالكامل.

وتحمل تسريبات الاجتماع الرفيع، الذي حضره العبادي وقادة شيعة بارزون، شيئاً غير قليل من "خيبة الأمل" للقوى السنية التي ستجتمع كلها تقريباً بعد بضعة أيام، ولأول مرة داخل العراق، للحديث عن مستقبل العلاقة مع الحكومة، والتفاوض "تحت سقف الدستور" بشأن إدارة المدن السنية التي أنهكتها الحرب بنحو عميق وشامل لأول مرة في تاريخ البلاد الحديث.

Ad

ووفقاً للتسريبات، فإن التحالف الشيعي يستعد لإعلان "مشروع التسوية الوطنية"، ولكن بعد إعلان "النصر الكامل" في كل العراق، أي أن الأمر يحتاج إلى بضعة أشهر إضافية.

ومشروع التسوية المذكور هو أبرز محاولة شيعية للخروج عن جمود الحوار الداخلي منذ سنوات، لكنه يتلكأ بسبب تدخلات جناح شيعي مقرب من طهران تدعمه فصائل مسلحة نافذة.

وتأخر الحوار، وفق تحذيرات محلية ودولية، يمكن أن يترك المناطق السنية تعاني فراغ قيادة يشجع على ظهور تمرد مسلح جديد ينسف الجهود الجبارة التي بذلت في هزيمة "داعش".

وبحسب التسريبات، فإن التحالف الشيعي يدعم أي مؤتمرات حوار تقام في بغداد، لكنه يرى أيضاً، وقبل بضعة أيام فقط من انعقاد مؤتمر القوى السنية، أن موعد إقامة المؤتمر "يحتاج إلى تريث، ويفضل أن يؤجل إلى وقت آخر لحين إكمال عمليات التحرير، وتوفر الأجواء السياسية الملائمة".

وتقترب هذه التسريبات من بيان رسمي مقتضب وُزّع على الصحافة، لكنه انطوى على لهجة مخففة تحدثت أيضاً عن رغبة في "تأجيل الحوار" مع السنة.

وقبل أيام كتب محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، وهو طرف رئيس في محاولة بناء مظلة تجمع القوى السنية في العراق، أن هدف المؤتمر هو إنهاء القطيعة بين هذه القوى والجمهور السني الذي ظل طوال 14 عاماً لا يثق بالنظام السياسي، أو يؤيد العنف بسبب غياب البديل المقنع له.

وذكر النجيفي، وهو شقيق نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، أن الأطراف السنية المؤمنة بالعنف والأطراف الشيعية الحاكمة تعاونا بشكل غير مباشر لإضعاف الأحزاب السنية العاملة في البرلمان، مما نتج عنه فراغ في القيادة سهّل ظهور تنظيم داعش.

ويقول السنة إن مرحلة ما بعد "داعش" تشهد ازدياد هشاشة الوضع السياسي السني، وتزايد عدد المقاطعين للسياسة، لكن ليس تأثراً بفكرة "المقاومة المسلحة" بل نتيجة للإحباط واليأس من التغيير وغياب حوار واضح مع بغداد.

ويوضح هؤلاء أنه بعد مخرجات الحرب على "داعش"، أخذ اعتقاد المجتمع السني بعدم جدوى القطيعة مع الحكومة، وعدم فائدة المقاومة المسلحة يتزايد، إذ توجد إرادة دولية حاسمة في دعم العملية السياسية، لكن الأمر يتطلب خطوة من الطرف الشيعي تشجع القوى السنية على بناء موقف منسجم لوضع تسوية تمنع تكرار الأخطاء من كل الأطراف، والحيلولة دون شعور الفرد السني بأنه متهم بالإرهاب، أو أنه مواطن من الدرجة الثانية، وخاصة في ملف الإدارة الأمنية للمحيط الجغرافي من الموصل شمالاً إلى الأنبار غرباً.

وفي موازاة ذلك، أكد اجتماع التحالف الشيعي، المنعقد السبت، رفضه إجراء الاستفتاء على الاستقلال في إقليم كردستان العراق، واعتبره أمراً غير دستوري، مكتفياً بتسجيل دعوة إلى الحوار والتفاهم وفق الدستور والقانون، لأنه "يعتبر وحدة العراق خطاً أحمر".

غير أن هذه الدعوات المكررة لم تعد تجد في أربيل عاصمة الإقليم أي اهتمام يذكر كما يبدو، كما أنها ترسم جموداً في الأجواء السياسية لم تفلح في تلطيفه الانتصارات المهمة في الموصل، انتظاراً لما قد يتمخض عنه الاجتماع السني منتصف الشهر الجاري.