أكد عدد من طلبة الدراسات العليا في الولايات المتحدة أن هناك تفاوتاً غير مبرر في مخصصات طلبة الدراسات العليا المبتعثين من جامعة الكويت ومعهد الكويت للأبحاث العلمية والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.وأعرب هؤلاء الطلبة، في لقاء مع "الجريدة"، عن معاناتهم صعوبة الحصول على البيانات والمعلومات الخاصة بدولة الكويت لاستخدامها وتطبيقها في دراساتهم وأبحاثهم العلمية، إذ يفضلون ربط مشاريعهم البحثية بمشاكل واقعية يعانيها بلدهم، بدلاً من إهدار جهودهم في أبحاث تعالج مشاكل خارجية لا تمت للواقع المحلي بصلة.
واقترحوا السماح للطالب الكويتي بأن يعمل سنة على الأقل بعد التخرج في مجال تخصصه بالولايات المتحدة، وذلك للتعرف على سوق العمل، واكتساب الخبرات العملية والمهارات الوظيفية التي ستؤهله للعمل في الكويت... وفيما يلي التفاصيل:في البداية، قال الطالب أحمد الشهاب، من جامعة جنوب فلوريدا، إن طلبة الدراسات العليا في الولايات المتحدة يعانون صعوبة الحصول على البيانات والمعلومات الخاصة بالكويت لاستخدامها وتطبيقها في دراساتهم وأبحاثهم العلمية، الأمر الذي يعوق ربط مشاريعهم البحثية بمشاكل واقعية تعانيها الدولة، موضحا أنهم يهدرون جهودهم في أبحاث تعالج مشاكل خارجية لا تمت للواقع المحلي بصلة.وكشف الشهاب عن وجود تفاوت غير مبرر في مخصصات طلبة الدراسات العليا المبتعثين من جامعة الكويت ومعهد الكويت للأبحاث العلمية والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، إذ يحصل مبتعث الجامعة على ٢٣٠٠ دولار شهرياً، في حين يحصل نظيره من معهد الأبحاث بنفس التخصص وبنفس الجامعة على ١٧٥٠ دولارا شهرياً.وأكد أن هناك عددا كبيرا من طلبة الدراسات العليا يطالبون بضرورة تدخل متخذي القرار في الدولة لاستصدار قوانين تلزم جهات الابتعاث باحتساب الأبحاث العلمية المنشورة أثناء الدراسة والفترة الزمنية للدراسة ضمن الترقية الوظيفية، والسماح للمبتعث المتعثر بتمديد البعثة سنة كاملة مع المخصصات بدلاً من ستة أشهر، وإقرار بدل نقدي لتذاكر السفر وعدم إلزام المبتعث بخطوط جوية معينة، إذ يؤدي ذلك في كثير من الأحيان إلى صعوبة عودة الطالب إلى الكويت أثناء فترة الإجازات نظراً لازدحام الحجوزات وعدم توفر مقاعد في الطائرة.
تحديات كبيرة
من جهتها، قالت د. هند القادري، طبيبة أسنان- دكتوراه - من جامعة هارفاد، إن طلبة الدراسات العليا يواجهون تحديات كبيرة تكمن معظمها في محاولة التأقلم مع سوق العمل، ومواجهة الواقع الوظيفي بعد العودة إلى ارض الوطن.وضربت القادري مثلا على ذلك بأن طالب الدراسات العليا يقضي اربع أو خمس سنوات في المجال الأكاديمي كطالب، ويطلب منه ان يستكمل عددا معينا من الفصول الدراسية، اضافة الى قضاء ساعات طويلة في المكتبة او امام جهاز الكمبيوتر بغرض الإعداد لرسالة الماجستير أو الدكتوراه. وأشارت إلى أن المهارات الأكاديمية التي يكتسبها الطالب خلال الابتعاث الدراسي تختلف تماما عن متطلبات سوق العمل، مؤكدة أن ذلك الاختلاف قد ينتج موظفين محبطين قليلي الإنتاجية، ليس لأنهم غير مؤهلين، ولكن بسبب الاختلاف العميق بين الأجواء الأكاديمية القريبة من المثالية وبين البيئة العملية الواقعية، وخاصة عندما يتخرج الطالب بشهادة عليا من جامعة مرموقة في اكثر دول العالم تقدما تعتمد مؤسساتها على ادلة وأسس علمية لا تحتمل الخطأ، ومن ثم يرجع لنظام آخر وثقافة اخرى ليواجه متطلبات وبيئة عمل مختلفة تماما عما تعلمه خلال الرحلة الأكاديمية. وبينت القادري أن طلبة الدراسات العليا يقترحون السماح للطالب الكويتي بأن يعمل مدة سنة على الأقل بعد التخرج في مجال تخصصه بالولايات المتحدة (أو في دولة التخرج)، وذلك للتعرف على سوق العمل واكتساب الخبرات العملية والمهارات الوظيفية التي ستؤهله للعمل في الكويت. وأكدت أنه رغم اختلاف سوق العمل في الكويت عنه في الولايات المتحدة، فإن سنة العمل هذه ستساعد بشكل كبير في تضييق الفراغ بين الأكاديمية المثالية والتطبيق العملي الواقعي، والأهم من هذا كله، خوض الطالب فرصة العمل في دولة متقدمة كالولايات المتحدة ستساعده على التعرف وجلب أفكار جديدة متميزة ستساهم في التطوير وتنمية سوق العمل في الكويت بالتخصصات المختلفة، سواء كانت في مجال التدريس بالجامعة، أو الهندسة، أو الطب، أو أي مجال عملي آخر. وأضافت: "نحن كطلبة كويتيين مبتعثين، دائماً نفخر بكل المزايا التي نتمتع بها، ولكن نطمح دائما للافضل، لذلك نشارك اقتراحاتنا وخبراتنا مع متخذي القرار في الكويت، ونحن على يقين بأن حكومة الكويت دائما سباقة لاتخاذ اللازم تطلعا منها لإنشاء جيل من القادة على قدر عال من العلم والكفاءة، قادر على عمل التغيير والتطوير والتنمية لوطننا الحبيب الكويت".تجربة فريدة
بدوره، ذكر الطالب أسامة الفلاح، من جامعة هوراد، أن تجربة الدراسات العليا في الولايات المتحدة فريدة رائعة، فهي تصقل المغترب من الناحية العلمية، والثقافية، والاجتماعية، والنفسية أيضا.واستشهد الفلاح بقول أحد المفكرين "من لم يجرب الغربة، فسيرته الشخصية ناقصة"، مؤكدا أن ذلك لا يمنع أن تتضمن تلك التجربة بعض التحديات التي قد تواجه أي طالب مغترب يطمح لكسب أكبر قدر من الفائدة من خلال استكمال دراسته العليا في الولايات المتحدة.وأوضح أن أبرز تلك التحديات التي يواجهها طلبة الدراسات العليا في أميركا يتمثل في التأقلم مع النظام التعليمي هناك، وخصوصا في أول أيام الدراسة، ويزداد الأمر صعوبة إذا لم يكن طالب الدراسات العليا حاصلا على الشهادة الجامعية من الولايات المتحدة، فأسلوب الأساتذة، وكم المعلومات الكبير، إضافة إلى التأقلم مع الطلبة الأجانب في المجاميع الدراسية والعروض التقديمية أمور تعتبر تحديا كبيرا.ورأى أن الحل لذلك أن يحصل طالب الدراسات العليا على كم جيد من التوجيه من زملائه الذين سبقوه في هذا المجال، إضافة إلى دورات في تنظيم الوقت وتوزيع الجهد والحديث أمام الناس، موضحا أن ذلك يبرز تحديا آخر لهذا الطالب، وهو محاولة كسب الخبرة في مجال تخصصه خارج الإطار الأكاديمي، فالغربة مدرسة شاملة لا تقتصر على فصول الدراسة، بل تتسع للتجارب الوظيفية والخبرات التجريبية، إلى جانب الدورات والمؤتمرات والحلقات النقاشية. وأشار إلى أن طالب الدراسات العليا يفتقر، في هذا الجانب، إلى الخبرة، ويضيع الكثير من وقته، وهو يبحث هنا وهناك عن تلك الخبرات أو عن تلك المجاميع التي تشاركه نفس الاهتمام والشغف.