"انتقلت أمي إلى الكويت للعمل مدربةً رياضية في عام 1968، قبل أن تتجه إلى العمل مضيفةَ طيران مع الخطوط الجوية الكويتية، أما والدي فقد جاء إلى الكويت في عام 1972 للعمل الحر وتحديداً في مجال التصميم الداخلي، والتقى والدي بوالدتي في الكويت تزوجا، أنجبا الأطفال، واستمرا يعيشان في الكويت إلى أن قررا الرحيل عنها من دون رجعة في الأسبوع الماضي".هذا ما كتبه "مارك" في مدونته قبل ثلاثة أيام، وهو واحد من أشهر المدونين في الكويت، ممن تمكنوا من الاستمرار في التدوين وتغطية مواضيع متعلقة بمختلف المجالات والاهتمامات المتعلقة بالكويت على مر السنين بشكل تفوق بمراحل على الكثير من الوسائل الإعلامية في الكويت.
لم يكن ما كتبه "مارك" حول والديه متعلقاً برغبتهما في الرحيل بعد سنوات طويلة تقارب النصف قرن قضياها في الكويت دون سبب، بل إن السبب الرئيسي لرحيلهما هو عدم إحساسهما بالانتماء إلى بلد قضيا فيه أكثر من ثلثي عمريهما، فكما كتب "مارك" بأن "معاملة وافد لم يقضِ سوى أسابيع في الكويت تشبه تماماً معاملة الوافد الذي قضى بهذا البلد نصف قرن أو أكثر"، فما زالوا يحتاجون إلى من يكفل بقاءهم في الكويت، ولا يستطيعون تملك أي عقار يمنحهم الاستقرار، ولا يمكنهم تأسيس أي مشروع تجاري من دون اللجوء إلى مواطن كويتي.ما أناقشه اليوم هنا ليس حالة "مارك" وأسرته الصغيرة فحسب، بل أتكلم عن حالة عامة لوافدين قدّموا إلى الكويت الكثير بأعمالهم في شتى المجالات من هندسة وطبابة وتعليم وتجارة واقتصاد ورياضة وفن وثقافة وأعمال حرفية صعبة وخطيرة، ورغم كل ما بذلوه فإن سنواتهم لا تعني للكويت أي شيء في نظر قوانيننا.ماذا لو كانت والدة مارك ووالده عاشا في بلد آخر متقدم ربع المدة التي قضياها في الكويت؟ ما شكل المعاملة التي كانا سيتلقيانها في تلك الدولة؟ بل إننا عندما نسافر إلى أي دولة أوروبية نجد أناساً من أصول وعرقيات مختلفة، حتى إنهم أحياناً لا يجيدون لغة ذلك البلد الذي يقيمون فيه، ومع ذلك يحظون بمعاملة خاصة نظير عملهم في تلك البلدان ويتمكنون من التملك وتأسيس أعمالهم الخاصة، بل يتمكنون حتى من خوض الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية إن أرادوا ذلك.لا أطلب الجنسية لهم ولو أن بعضهم يستحقها نظير ما قدموه للكويت، ولكني أتحدث بشكل أساسي عن امتيازات يفترض أن يحظوا بها، حتى وإن كانت مقابل ضريبة معينة يدفعونها للدولة كوافدين تمكنهم من الحصول على امتيازات مع مرور السنين.أعلم أن موجة النظر إلى الوافدين بعين السوء عالية جداً هذه الأيام، ولكن هذا الأمر لا يعنيني ما دمت أجد أن هناك وضعاً غير منطقي قائماً وطارداً لمن كرّس جل حياته للعمل في الكويت.
ملاحظة:
عنوان المقال هو عنوان مدونة "مارك" على الإنترنت لمن يرغب في الاطلاع على مواضيعه المميزة.