كرامات ومعجزات... في أفغانستان (1 - 2)

نشر في 13-07-2017
آخر تحديث 13-07-2017 | 00:08
أضفى الإخوان المسلمون والسلف وغيرهم هالات المجد على الجهاد الأفغاني والمقاومة الإسلامية، وما رافق ذلك الجهاد من "كرامات ومعجزات"، وعرض د. عبدالله عزام الكثير منها مصدقاً ومروجاً لها، فكان مَن يشكك فيها يعرّض نفسه لما لا تحمد عقباه.
 خليل علي حيدر اشتهر في المكتبات الإسلامية وبين مناصري الجهاد الأفغاني كتاب بعنوان "آيات الرحمن في جهاد الأفغان"، بقلم منسق المجاهدين الأفغان العرب د. عبدالله عزام، أحد قادة الإخوان المسلمين في الأردن، ومن المتشددين الجهاديين فيهم.

كان للجهاد في أفغانستان ضد الاحتلال السوفياتي أو الروسي خلال ثمانينيات القرن العشرين دور معروف في انطلاق التشدد الإسلامي وبداية ظهور التنظيمات الإرهابية فيما بعد، حيث تكدست في مدن باكستان وأفغانستان جموع من شباب العالم العربي والدول الخليجية، وشهدت دول وعواصم الخليج وأماكن كثيرة أخرى حملات التبرع للقضية الأفغانية التي تجاوز الاحتفاء بها القضية الفلسطينية نفسها.

أشار خالد المشوح الذي تحدثنا في المقال السابق عن كتابه "التيارات الدينية في السعودية"، إلى كتاب د. عبدالله عزام "آيات الرحمن في جهاد الافغان"، الذي وفقاً لما جاء في كتاب المشوح، "سطر كرامات المجاهدين". وقد طبع كتاب عزام مراراً بعد صدوره في بداية ثمانينيات القرن، ولا نعلم كم بلغ مردود هذا الكتاب منذ ذلك اليوم إلى الآن، لاسيما أنه طبع في أماكن عدة واشترت منه جهات إسلامية كميات للتوزيع، وتم الترويج للكثير من الخزعبلات والمبالغات التي وردت فيه في مناسبات حركة الصحوة الدينية التي فرضت نفسها بقوة ما بين عامي 1970 و1990. وقد أضفى الإخوان المسلمون والسلف وغيرهم هالات المجد على الجهاد الأفغاني والمقاومة الإسلامية، وما رافق ذلك الجهاد من "كرامات ومعجزات"، وعرض د. عزام الكثير منها مصدقاً ومروجاً لها، فكان من يشكك فيها يعرض نفسه لما لا تحمد عقباه.

وقد اضطر د. عزام نفسه عام 1985 في الطبعة الرابعة من الكتاب، وهو كتيب سهل القراءة في نحو 200 صفحة، إلى التخفيف من الهالة التي أحاطت بمحتوياته وبجهاد الأفغان، بعد الانتقادات التي وجهت لما جاء في الكتاب، فدعا إلى شيء من الموضوعية في تقييم الأفغان، قائلاً: "هذا الشعب فيه الصالح وفيه مَن دون ذلك، وفيه نقائص البشر وضعفهم، فمنهم المبتدع (يقصد صاحب البدعة!) ومنهم الكاذب والجاسوس والسارق والمدخن والمتعاطي بالحشيش" (طبعة 1985، ص30).

وقد انتقد بعض القراء، من المتعاطفين ربما مع المجاهدين، كثرة الحديث في الكتيب عن المعجزات، لأن "قضايا الكرامات تؤدي إلى التواكل"، والاعتماد على العون الغيبي كما سنرى.

واعترض د. عزام على هذا الانتقاد، وملأ الكتاب بالقصص الجهادية المعبرة والكرامات البطولية، والمعجزات التي تحتاج إلى رفوف عالية تضع عقلك فوقها... كي تتقبلها! وقال إن هذه الكرامات التي بلغت، كما قال، مبلغ التواتر المعنوي، "تفعل فعلاً عجيباً في إثارة حماس المجاهدين، وتعطيهم دفعاً قوياً على الطريق، إذ إنهم يحسون أن الله معهم، وأن يد الله هي التي تدير المعركة"!

وقد رأيت أن أؤجل تكملة فتاوى الإرهاب الثلاثين إلى المقال القادم، لأعرض بعض ما جاء في كتاب د. عزام "آيات الرحمن"، تاركاً للقارئ الحكم على الروايات التي يوردها د. عزام... عن مجاهدي الأفغان!

1 - الطيور... والطائرات العسكرية المقاتلة

يقول د. عبدالله عزام: حدثني أرسلان، قال: نحن نعرف أن الطائرات ستهاجمنا قبل وصولها، وذلك عن طريق الطيور التي تأتي وتحوم فوق معسكرنا قبل وصول الطائرات، فعندما نراها تحوم نستعد لهجوم الطائرات. وحدثني مولانا جلال الدين حقاني (وهو أشهر مجاهدي الأفغان على الإطلاق)، قال: لقد رأيت مراتٍ كثيرة جداً الطيور تأتي تحت الطائرات تحمي المجاهدين من قذائف تلك الطائرات.

وحدثني عبدالجبار نيازي أنه رأى الطيور تحت الطائرات مرتين، وحدثني مولوي أرسلان أنه رأى الطيور كثيراً تدافع عنهم، وحدثني قربان محمد أنه رأى الطيور مرة، وقصفتهم الطائرات بشدة، وكانوا ثلاثمئة فلم يجرح أي واحد. وحدثني "الحاج محمد جل": (وهو مجاهد في كنر): رأيت الطيور مع الطائرات أكثر من عشر مرات، الطيور تسابق طائرات الميغ التي سرعتها تقريباً ثلاثة أضعاف سرعة الصوت.

2 – من المتواتر أن أجساد كثير من شهداء مجاهدي أفغانستان لا تتغير ولا تتعفن

ويضيف د. عزام: حدثني عمر حنيف في بيت نصرالله منصور (قائد جبهة الانقلاب الاسلامي) فقال: لم أنظر (أرَ) شهيداً واحداً متغير الجسم أو منتن الرائحة، ولم أرَ (أشاهد) شهيداً واحداً نهشته الكلاب، رغم أن الكلاب تأكل الشيوعيين، لقد كشفت عن اثني عشر قبراً بنفسي بعد سنتين أو ثلاث، ولم أجد واحداً متغير الرائحة، ولقد رأيت شهداء بعد أكثر من سنة جروحهم حية تنزف دماً.

وأضاف عمر حنيف متحدثاً لعزام: "حدثني إمام، قال: رأيت الشهيد عبدالمجيد محمد بعد قتله بثلاثة أشهر، كما هو ورائحته كالمسك، وحدثني عبدالمجيد حاجي: رأيت إمام مسجد قرية "لايكي" بعد استشهاده بسبعة أشهر كما هو إلا أنفه. وحدثني الشيخ مؤذن (عضو مجلس الشورى للجهاد) أن الشهيد نصار أحمد مكث تحت التراب سبعة أشهر ولم يتغير. وحدثني عبدالجبار نيازي: رأيت 4 شهداء، بعد 3-4 أشهر، فأما ثلاثة منهم فهم كما هم، وطالت لحاهم وأظافرهم، وأما الرابع فقد ظهر تلف في جزء من وجهه".

3 - شهيد يصافح أباه

يقول د.عزام: استشهد منا أربعة شهداء منهم ابن "جنة جل" ومعناه بالعربية ابن ورد الجنة، فدفناه في أرض المعركة، وبعد ثلاثة أيام جئنا ونقلناه إلى بيت والده ليدفنه في المقبرة، جاء والده (جنة جل) وقال له مخاطباً: يا بني إن كنت شهيداً فارني آية (علامة) أنك شهيد، فإذا بالشهيد يرفع يده ويسلم على أبيه وبقي مصافحاً والده مدة ربع ساعة ثم نزعها ووضعها على جرحه، قال والده: كادت يدي تُكسَر وهو يضغط عليها. قال عمر حنيف: رأيت هذا بعيني.

وحدثني أرسلان: استشهد معنا عبدالبصير، طالب علم، وفي الظلام جئت أبحث عنه مع مجاهد آخر اسمه فتح الله، فقال لي فتح الله إن الشهيد قريب، لأني أشم رائحة طيبة ثم بدأت أشم نفس الرائحة، فوصلنا إلى الشهيد متتبعين رائحته، ولقد رأيت لون الدم في الظلام على النور الذي ينبعث من الجرح.

4- الشهيد عمر يعقوب ورشاشه الممسك به لا يفترق عنه:

"حدثني عمر حنيف فقال: كان أحد المجاهدين عاشقاً كبيراً للجهاد واسمه عمر يعقوب، ثم استشهد وجئنا إليه وإذا به يحتضن رشاشه، فحاولنا أخذه منه فلم نستطع؟ فوقفنا برهة ثم خاطبناه قائلين يا يعقوب: نحن إخوانك؟ فإذا به يفك الرشاش لنا.

5- الشهيد "سيد شاه" فوقه عباءة... وقد طالت لحيته

يقول د. عزام: حدثني عمر حنيف: كان أحد المجاهدين معنا حافظاً للقرآن واسمه (سيد شاه) وكان عابداً متهجداً، وصاحب رؤيا صادقة (رؤاه تأتي كفلق الصبح)، وله كرامات كثيرة، ثم استشهد (سيد شاه) ثم أتينا قبره بعد (سنتين ونصف) وكنت مع أخ آخر قائد الجبهة اسمه (نور الحق)، فكشفنا قبر (سيد شاه) فوجدته كما هو، إلا أن لحيته طالت وقد دفنته بيدي. والأعجب من هذا أني وجدت فوقه عباءة سوداء حريرية لم أرَ مثلها أبداً في الأرض، ومسستها فإذا رائحتها أطيب من المسك والعنبر.

6- خيول المجاهدين والإخوان المسلمين والملائكة!

يقول د.عزام: "حدثني أرسلان: قال في مكان اسمه أرجون، هاجمنا الشيوعيين فقتلنا منهم خمسمئة وأسرنا 83، فقلنا لهم ما سبب هزيمتكم؟ ولماذا لم تقتلوا منا سوى شهيد واحد؟ قال الأسرى: كنتم تركبون على الخيل، فعندما نطلق عليها تفر ولا تُصاب.

وحدثني محمد ياسر، قال إن الشيوعيين- أي جنود النظام الأفغاني والروس- إذا دخلوا قرية بدباباتهم يسألون عن "اصطبلات خيول الإخوان المسلمين"، فيتعجب الناس لأنهم لا يركبون خيولاً، ثم يفطنون إلى أن هذه خيول الملائكة.

7- العقارب تناصر المجاهدين

يقول د.عزام: حدثني عبد الصمد ومحبوب الله: أقام الشيوعيون مخيماً في سهل مدينة قندوس، فهجمت عليهم العقارب ولدغتهم، فمات ستة وهرب الباقون.

ويضيف: حدثني عمر حنيف، قال: لقد جاءت الأفاعي مرارا تبيت مع المجاهدين في فراشهم، ومنذ أربع سنوات لم تلدغ أفعى مجاهداً رغم كثرتها.

8 - الرصاص لا يخترق أجساد المجاهدين:

يقول د. عزام عن مجاهدي أفغانستان: "حدثني جلال الدين: لقد رأيت الكثيرين من المجاهدين معي يخرجون من المعركة وألبِستُهم مخرّقة من الرصاص، ولكن لم يدخل جسدهم رصاصة واحدة. وحدثني الشيخ أحمد شريف: قال: خرج ابني من المعركة ولباسه مخرق ولم يجرح جرحاً واحداً. وحدثني سكرتير نصر الله منصور، قال: اليوم "1-4-82" وصل مجاهد في رأسه عشر رصاصات، وفي ذراعه 15 رصاصة، ولم يمت".

وشبيه بهذا ما يقول د. عزام عن أن ذخيرة المجاهدين... لا تنفد ولا تنتهي! حيث يقول: "حدثني جلال الدين حقاني: أعطيت مجاهداً بضع رصاصات ونزل المعركة وأطلق رصاصاً كثيراً ولم تنقص الرصاصات وعاد بها".

وكذلك ما رواه بأن القذائف لم تكن تؤثر، مهما كانت زنتها، في المجاهدين، كما سنرى!

بعض القراء حتى من المتعاطفين مع المجاهدين الأفغان انتقدوا كثرة حديث كتاب د. عزام عن المعجزات لأنها تؤدي إلى الاعتماد على العون الغيبي

في كتابه «آيات الرحمن» يروي د. عزام أن شهيداً بعد موته بثلاثة أيام سلم على أبيه ربع ساعة ثم نزع يده ووضعها على جرحه بعدما كاد يكسر يد والده
back to top