لاعتبارات عدة لم أستسغ تأليف المخرج محمد سامي فيلمين من الأفلام الخمسة التي عُرضت في موسم عيد الفطر المبارك، سواء بسبب حداثة تجربته، على صعيدي التأليف والإخراج معاً، أو لأنه لا يملك من الإمكانات والمؤهلات ما يتيح له الجمع بين الموهبتين، وهو ما ظهر جلياً في «جواب اعتقال» ثم تكرر في «تصبح على خير»، مع الاختلاف الواضح بين الفيلمين، سواء في الشكل أو المضمون!

المفارقة الأكثر غرابة أن فكرة «تصبح على خير» تتسم بالجدة والتفرد والطزاجة، ويمكن القول إنها ليست محلية، ومن غير المتوقع أن تكون من بنات أفكار عقلية مصرية. لكن حتى اللحظة التي سيُكشف فيها المصدر الأصلي (الأجنبي) للفيلم سنضطر إلى التعامل مع ما رأيناه بشكل مجرد للغاية، فالبطل هنا رجل أعمال يُدعى «حسام الخديوي» (تامر حسني)، بلغ من الثراء حداً دعاه إلى التبرع بمليار ومئة مليون جنيه لإحدى الجمعيات الخيرية، ما تسبب في إثارة حفيظة شقيقه الأكبر «حسن» (عمر زهران)، الذي عنّفه قائلاً: «ثمة فرق بين الكرم والسفه»، ويفكر في الحجر عليه، فيما كتمت زوجته «عايدة» (نور) غضبها، كونها تعاني أزمة بسبب عجزها عن الإنجاب، وتخشى ضياع الإرث!

Ad

هذا «الملياردير السفيه»، حسبما وصفه شقيقه، يعاني الاكتئاب لأسباب لا يعلمها سوى المؤلف/ المخرج، ومن ثم يقع ضحية غواية تنسج خيوطها «ساجا» (مي عمر)، التي تقتحم حياته وتنجح في إقناعه بدعم مشروعها، الذي تقول إنه قادر على تغيير مستقبل البشرية، إذ يتيح للمرء دخول عوالم افتراضية لبشر آخرين، والخروج منها عبر «بخاخة» بحوزته.

يتجاوب الملياردير مع الفكرة، في ظل شعوره بالاكتئاب، ورغبته في تغيير واقعه، بل يُدمن الشخصية الافتراضية «جمال اللالي»، شاب يتردد على حانة رخيصة، ويعيش في غرفة متواضعة، ويُحب جارته «عائشة» (درة)، وتربطه علاقة وثيقة بالبلطجي «عصام أبو نور» (محمود البزاوي)، وكأنه يعوض، من خلال هذا الواقع الافتراضي، ما يعيشه من انكسارات وإخفاقات لا يمكن تصور وجودها، مع رجل ثري بشكل فاحش، ولا يمكن تبريرها بإحباطه لأن زوجته لا تنجب!

مثلما كان متوقعاً أدرك المخرج/ المؤلف محمد سامي أن مهمته صعبة، وأنه قليل الحيلة في ما يتعلق بالدخول في مساحة الخيال، والواقع الافتراضي. من ثم، اختار النكوص سريعاً، وعاد إلى أرض الواقع، عبر القول إن الأمر كله لا يعدو مؤامرة شيطانية حاكتها زوجة رجل الأعمال الثري، التي خشيت من الطلاق، كونها امرأة عقيماً، واتفقت مع أطراف أخرى، مثل: «ساجا» المبرمجة التي تعمل لدى رجل الأعمال، واكتشفت تورط زوجته في سرقته فلجأت إلى ابتزازها، و»صلاح الريجيسير» الذي تقمّص شخصية «عصام أبو نور»، واستعان بابنة شقيقته «حنان»، التي تعمل في محل لبيع الهدايا، لتؤدي دور «عائشة». وبدلاً من أن يمثل الفيلم رقماً جديداً، بل تجربة مغايرة، في السينما المصرية، تحوّل إلى عمل تقليدي فشل في مجاراة «الموضة» الأخيرة المتمثلة في اللجوء إلى الـ «Twist} كحل للمشاكل الدرامية في الأفلام المصرية، بل إن الفيلم اختار الدوران في فلك النهايات السعيدة، بعدما أوحى أن {حسام الخديوي} طلق زوجته، واختار الاقتران بالبائعة {حنان}!

نقطة أخرى جديرة بالتنويه تتعلق باستخدام {البخاخة} كوسيلة للعودة من الواقع الافتراضي، والخلاص من أية ورطة تواجه صاحب المغامرة، وهي الوسيلة – الحيلة – التي تُعيد إلى الأذهان ما رأيناه في فيلم {طير أنت}. أما عنوان {تصبح على خير} فلن تجد له علاقة بمضمون الفيلم إلا إذا نظرنا إليه بوصفه آخر عبارة يسمعها المرء قبل أن يخلد إلى النوم، ويسمعها البطل قبل أن يسافر إلى العالم الافتراضي، وهو تفسير اعترف بأنه متعسف وفج وملفق!

{تصبح على خير} فيلم مصنوع بدرجة واضحة، وإن أكد مُجدداً أن لدى تامر حسني {كاريزما} على الشاشة ينبغي استثمارها بشكل أفضل، على عكس مي عمر التي أصبحت مفروضة علينا {بفعل فاعل}، رغم التشويه الواضح في مخارج ألفاظها، وتعاملها باستخفاف، وثقة عجيبة، مع الشخصية. واللافت هنا أن الأداء السيئ لم يكن مقصوراً عليها وحدها بل تجاوزها إلى بقية الممثلين، الذين بدوا شاحبين، وبعيدين عن حالاتهم الذهنية والنفسية الطبيعية، لأسباب تعود طبعاً إلى الرسم الرديء للشخصيات الدرامية، و}الاستسهال} الذي ساد التجربة، واستعارة بعض الشخصيات لاستدرار الضحك تارة والإثارة والتشويق طوراً، كما حدث في تقمص تامر حسني شخصية جوني ديب في فيلم {قراصنة الكاريبي}، الذي يعود الفضل في مصداقيته إلى خبيرة الأزياء عبير الأنصاري والمشرف الفني سامر الجمال!