انتصار ساحق حققه الشعب العراقي على تنظيم داعش على الرغم من كل التحديات التي واجهها خلال السنوات الماضية من إرهاب منظم قاده فلول البعث والدواعش من العرب والأجانب المدعومين من تنظيمات واستخبارات وإعلام أرادت من العراق وسورية وغيرهما من الدول العربية ساحة للفوضى وتصفية الحسابات التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء.هذه الحروب الأهلية ما كانت لتندلع لولا الدعم اللوجستي العسكري لبعض الدول ولإعلام فاسد روج لفكرة الجهاد وسمح لبعض رجال الدين ممن لا يقلون فساداً عن قيادات "داعش" أنفسهم، فكانوا الأدوات والوقود الذي غرر بعشرات الآلاف ودفعهم إلى القتال في سورية والعراق تحت دعوى إقامة دولة الخلافة.
اليوم انكسر التنظيم في العراق وخسر كل شيء وهو في طريقه إلى ذلك في سورية بعدما أعلن الرئيسان الروسي والأميركي أهمية التعاون معاً لطي هذا الملف، وما هي إلا أشهر قليلة ليكون هذا التنظيم وغيره من الجماعات الإرهابية كجماعة النصرة في "خبر كان".على الدول التي لديها مقاتلون ينتمون إلى تلك التنظيمات إدراك خطورة عودتهم إلى بلدانهم وصعوبة دمجهم في المجتمع لما يحملونه من فكر وعقيدة ملوثة جعلت منهم مجرمين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، لذلك لن يجدي معهم نفعاً أي برامج لتأهيلهم، فعقولهم قد غسلت تماماً، ولا أظن أن من ورائهم أي فائدة ترتجي، وهنا أدعو أهل الاختصاص من الأطباء النفسيين إلى أن يكون لهم رأي في هذا الموضوع.التجربة التي يروج لها البعض من خلال التسويق لفكرة التأهيل وإعادة دمج العائدين ونجاحها واهية ولم تنجح إلا مع القليل من التائبين العائدين من أفغانستان، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف فكرة الجهاد في أفغانستان عما في سورية والعراق، فالأول ولاسيما في سنواته الأولى كان ضد نظام محتل، أما الثاني فهو حرب أهلية طائفية بامتياز.فكرة التأهيل وإعادة دمج العائدين من ساحات العراق وسورية لن تنجح، وأي ترويج لها هو في الحقيقة بمنزلة دعوة للفوضى وزرع للخلايا النائمة، والأحرى من ذلك تعرية وكشف ضلالة الدعاة الذين زجوا بشبابنا وحثوهم على الجهاد، ومازالوا يدلسون ويتحسرون على ضياع دولة الخلافة وانهيارها.كم كنت أتمنى من الحكومات مراجعة ومحاربة قواعد هذا الفكر الخطير جداً على أمن واستقرار المنطقة قبل التفكير ببرامج التأهيل والمناصحة بالعودة إلى سجل منفذي التفجيرات الانتحارية في المملكة العربية السعودية والكويت وجمهورية مصر العربية وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، حيث مازالت آثارها شاهدة على انحراف هذا الفكر الضال. سؤال لمن له عقل: هل يمكن الوثوق بجماعة جعلت من الأحزمة الناسفة والعمليات الانتحارية في بيوت الله أملاً؟ وهل يمكن السيطرة عليهم والركون إليهم عندما تأتيهم الأوامر من أمرائهم؟في حالة الإجابة عن تلك الأسئلة بنعم، ولا أظن أن هناك مَن يجرؤ على الإجابة بذلك وضمان هؤلاء الدواعش، ساعتها فقط نقول اعمل ما يحلو لك من تأهيل وإعادة دمج... ودمتم سالمين.
مقالات - اضافات
ما بعد الموصل وإعادة دمج العائدين
14-07-2017