بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يواجه ضغوطاً داخلية بسبب شبهات بحصول تواطؤ بين أفراد من فريقه الانتخابي وروسيا، أمس، زيارة تستغرق يومين إلى باريس حيث حل ضيف الشرف على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ووصل ترامب وزوجته ميلانيا اللذان دعيا إلى المشاركة في إحياء الذكرى المئوية لدخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى إلى جانب فرنسا، في وقت مبكر صباح الخميس، وما لبثا أن انفصلا ليلتزم كل منهما برنامجه الخاص. وتوجه الرئيس إلى السفارة الاميركية في قلب باريس وبدأ بعد الظهر الجانب الدبلوماسي من زيارته.

Ad

وزارت زوجته ميلانيا من جهتها مستشفى كبيراً للأطفال في باريس. وتحدثت مبتسمة بالفرنسية والإنكليزية الى المرضى الصغار وقدمت كتاب "الأمير الصغير" لانطوان دو سان إيكزوبيري هدية.

وانضمت بعد الظهر الى بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي في زيارة لكاتدرائية نوتردام وجولة في نهر السين.

وأعدت الجمهورية الفرنسية استقبالاً حافلاً لترامب وزوجته اللذين تناولا مساء أمس، العشاء في مطعم فخم في الطبقة الثانية من برج إيفل.

وقال الإليزيه: "نحسن في العادة استقبال مدعوينا وسنحرص على أن تتم الزيارة بشكل جيد"، في محاولة لنفي أن يكون هذا الاستقبال الحافل شيكاً على بياض للرئيس الأميركي المتقلب.

واستقبل الرئيس الفرنسي نظيره الأميركي بحفاوة بعد الظهر في انفاليد. وتتضمن المراسم احتفالاً عسكرياً واستعراضاً للقوات ومحطة أمام مدفن نابوليون. ثم يجري الرئيسان اللذان سبق أن التقيا مراراً محادثات في الإليزيه. واليوم، سيحضران معاً العرض العسكري التقليدي لمناسبة 14 يوليو.

وترتدي زيارة ترامب أهمية سياسية كبرى بالنظر إلى العلاقات الصعبة التي يقيمها مع دول عدة نتيجة تمسكه بشعار "أميركا أولاً". كما أنها تأتي بعد أيام فقط على قمة لمجموعة العشرين شهدت توتراً بسبب إصرار الولايات المتحدة على اتخاذ موقف مغاير خصوصاً حول مسألة المناخ الأساسية.

وكرر ماكرون في مقابلة مشتركة مع الصحافتين الفرنسية والألمانية أن فرنسا والولايات المتحدة "لديهما نقطة توافق أساسية هي حماية مصالحنا الحيوية سواء في الشرق الأدنى أو الأوسط وإفريقيا. تعاوننا مع الولايات المتحدة يحتذى به".

وأقر مسؤول أميركي كبير بأن فرنسا، وهي المساهم الثاني في التحالف المناهض للجهاديين، "شريك قريب جداً في المجال الأمني".

إلا أن الإليزيه أوضح أن مواضيع الخلاف وخصوصاً المناخ "لن يتم تفاديها".

لكن استراتيجية ماكرون تثير بعض التحفظات. وتساءل الوزير الاشتراكي السابق ستيفان لو فول "ما الهدف من كل ذلك؟ هل لهذه الدعوة معنى لتنتهي بحلول؟"

رغم ذلك قال المسؤول الأميركي إن الرئيسين، وفيما يبدو للوهلة الأولى أنهما على خلاف حول كل المسائل، "لديهما الكثير من النقاط المشتركة في نظرتيهما إلى العالم" كما هناك "توافق جيد" بينهما ماكرون (39 عاماً) الوسطي المؤيد لأوروبا وترامب (71 عاماً) الانعزالي المتقلب.

وبحث الرئيسان أمس ملف سورية حيث تبنى ماكرون قبل أيام مواقف تعتبر قريبة لموقف ترامب، الذي يعتبر أن الأولوية هي للخلاص من "داعش" حتى لو تطلب ذلك تحييد الرئيس السوري بشار الأسد وأيضاً ضرورة التعاون مع موسكو لحل الأزمة. وأبدى ماكرون إيجابية تجاه بوتين وهو أمر يتفق فيه مع ترامب.

ميركل

والمفارقة أن المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل موجودة في باريس أيضاً حيث ترأست مع ماكرون قبل الظهر قمة فرنسية ألمانية.

وأبدى الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية مرة أخرى أمس وحدتهما عند افتتاحهما جلسة لحكومتي البلدين في باريس تتزامن مع زيارة للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وقال ماكرون بعد اجتماع الحكومتين: "إننا ندافع عن أجندة مشتركة"، وقال إن كلا البلدين يعتزمان العمل لأجل "تجارة حرة وعادلة"، والتصدي لأي شكل من أشكال الحمائية وإغراق السوق، لكنه أكد أن هناك حاجة لـ "أوروبا تحمي" فيما يتعلق بقضايا الهجرة.

وقال إنه يأمل أن تظهر فرنسا "قدراً أكبر من الطوعية والإنسانية" في استقبال لاجئين، وأضاف أن كلا البلدين يعتزمان تعزيز التنسيق في سياسة الدفاع الخاصة بهما وكذلك في التعاون في مكافحة الإرهاب.

من ناحيتها، أعربت ميركل عن أملها في توثيق التعاون مع فرنسا بشكل أكبر "من أجل ضمان الأمن والتقدم الاقتصادي للمواطنين".

واتفق الجانبان على تطوير "جيل جديد" من المقاتلات الاوروبية لتحل محل الأسطول الحالي من مقاتلات البلدين، في خطوة وصفها الرئيس الفرنسي بأنها "ثورة" في علاقات الدفاع بين البلدين.

وبدأت القوات الفرنسية باستخدام الجيل الجديد من طائرات رافال التي تصنعها شركة الاسلحة الفرنسية داسو، بينما تستخدم ألمانيا طائرات يوروفايتر تايفون وطائرات بريطانية قديمة.

واتفق الجانبان على مواصلة التعاون في نظام مهم للقتال البري إضافة إلى برنامج يورودرون للطائرات بدون طيار بمشاركة إسبانيا وإيطاليا، بحسب البيان.