عاش جمهور مسرح عبدالحسين عبدالرضا في السالمية ليلة طربية بامتياز، ستظل عالقة بالأذهان، خلال حفل المطرب العراقي حميد منصور، الذي تميز بتعدد الوصلات الغنائية، والأداء العالي، وظللت الأجواء الحضور بسعادة غامرة رسمت على الوجوه بسمة واسعة، وعلى أنغام المقامات العراقية والموسيقى والأغاني التراثية والشعبية، استعاد الجمهور ذكرى أيام الزمن الجميل.وحضر الحفل، الذي نظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ضمن فعاليات مهرجان صيفي ثقافي في دورته الـ12، الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م. علي اليوحة، والأمين العام المساعد لقطاع الثقافة محمد العسعوسي، وجمع من الفنانين، وجمهور كبير من محبي الطرب الأصيل، الذي لم يتسع المسرح له، وكان عدده في الخارج أكثر مما كان موجودا في الداخل.
في البداية قدم الحفل الإعلامي هاشم أسد، وقال: "نلتقي مع أحاسيس طربية، تبحر بنا إلى الزمن الجميل، من خلال أغان تراثية عراقية اصيلة، سيقدمها المطرب العراقي حميد منصور، الذي في حصيلته الغنائية أكثر من 400 أغنية". ووسط حضور كبير من الجمهور استهل حميد حفلته الغنائية بكلمات بسيطة، عبر فيها عن سعادته بوجوده في الكويت، وشكر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على هذه الدعوة الكريمة، مشيرا إلى أنه سيسمع الجمهور ألوانا من الفن، واندفع الجمهور ليشاركوه التصفيق، وطلب أغنية "سلامات".
صوت شجي
وقدم حميد منصور في الحفل 16 أغنية، تنوعت ألوانها وعزفها، واستهلها بأغنية "يم داركم" التي أشعلت القاعة بمجرد أن بدأت الفرقة تعزفها، وهي من ألحان طالب القرغولي، وكلمات كاظم الرويعي. وقد أبدع منصور بصوته قائلا:يم داركم صدفة واخذني الدرب من يم داركموالتمت بروحي المحنة واشتهيت أخباركمماذكرت عايفكم وعفتوني رد من جديد الشوق بين عيونيلو ما أحس أعبرت عتبة داركموالتمت بروحي المحنه واشتهيت أخباركمواستطاع منصور أن يشد الجمهور بصوته الشجي من الوهلة الأولى، وكأنه أراد أن يجعل الأجواء رومانسية بالكامل، ثم غنى "جيت يا أهل الهوى"، ألحان رضا علي، وكلمات كاظم الرويعي، والتي ترقرق فيها صوته مثل حركة الماء المنسابة بهدوء ورمانسية.وفي إظهار لقدرته الأدائية المحترفة، ويشاركه الجمهور الذي لم يتوقف قط طوال الحفل عن الغناء والتصفيق، تشعر وكأن صالة المسرح والمقاعد تهتز من شدة التفاعل مع الأغنيات التي قدمها، بعدها غنى "لالي وبعد لالي"، والتي غناها بأسلوبها مميز.أغنيات جميلة
ووسط الحضور المتحمس الذي كان يملأ القاعة غنى حميد "دقيت بابك"، كلمات كريم العراقي، وألحان عبدالحسين السماوي، و"آ ويلاه يابه"، التي لاقت رضا واستحسان الجمهور، وكانت مشحونة بأصالة الكلمة وعذب الصوت، وتعالت صيحات الجمهور عندما غنى "سلامات... سلامات"، كلمات كاظم الرويعي، وألحان عبدالحسين السماوي.وغنى حميد وصلاته الغنائية التي حرك معها وجدان الجمهور الذي لم يكف عن التفاعل، وغنى "بالله يا صاحبي"، ألحان وكلمات عباس هميم، و"يا لداركم معمورة"، كلمات كاظم الرويعي وألحان عبدالحسين السماوي. وأشعل حميد منصور أكف الجمهور في أغنية "خاله شكو"، وهي من ألحان عباس جميل وكلمات سيف الدين ولائي، ورددوا مع منصور كلماتها بحماس ومن أجوائها:خاله شكو شنهو الخبر داحكيليفدوه رحتلك ليش ما قلتيلي..عيني تقوليلي شصار.. خاله شكووالله وشعلتيني بنار .. خاله شكوعيني شكو.. فدوه شكوومن تواصل الحفل غنى حميد "الليالي"، كلمات كريم العراقي وألحان طالب القرغلي، و"يا يمه من مربيه"، ألحان وكلمات جبار عكار، و"وحبيتك "ألحان وكلمات ذياب خليل.مواويل عراقية
وعلى هامش الحفل، قال منصور إن الفن العراقي منتشر في كل الوطن العربي، وما زال الناس يحبون سماعه، فعند ذهابك إلى لبنان ومصر، على سبيل المثال، هناك مطربون عراقيون يغنون في الحفلات.وعن رأيه وكيف يرى الأصوات العراقية المتصدرة للساحة الغنائية راهنا، مثل كاظم الساهر، وماجد المهندس، ومجموعة من الشباب الذين ظهروا في برنامج المواهب، ذكر: "كاظم غنى بالعربي أكثر من العراقي واشتهر عربيا، أما ماجد المهندس فاشتهر في الخليج أكثر شيء". وعن سر نجاح المهندس في الموال العراقي اضاف: "المهندس يجيد الموال العراقي ولكن ليس كله، فأنا مثلا أجيد كل المواويل العراقية، سواء من الشمال أو الجنوب أو الوسط أو الريفي، وأنا الوحيد من بين الفنانين الذي أجيد كل الألوان".أصوات جيدة
أما عن ثقافة تقبل الفن فقال منصور: "نحن في الوطن العربي افتقدنا الملحنين الكبار، فعندما يرحل الملحن والشاعر الكبير حتى لو وجدت أصوات جيدة من سينشر اللحن، ولما رحل الفنانان عبدالحليم وأم كلثوم والملحنان السنباطي وبليغ حمدي من سيغني، حتى لو غنى غيرهم لن يصلوا إلى الدرجة التي وصلوها إلى المستمع العربي، والصوت لا يتكرر بنفس اليوم، وإذا كان بنفس الوقت يعتبر مقلدا، وهذا الموضوع يحتاج إلى وقت".وعن رأيه في برامج المواهب والأصوات التي ظهرت مؤخرا والفكرة نفسها أفاد: "معظمها متشابه، ولم يخرج مغن منهم لديه لون جديد بأدائه وطبيعة غنائه حتى يعطى لونا من روحه يتميز عن غيره من الفنانين، الكل يغني مثل بعضهم البعض".وعما إذا كانت تلك البرنامج الفنية أفادت الساحة الغنائية قال: "تلك البرنامج ظهرت لكنها لم تعمل شيئا، وهدفها الربح المالي، ولكنها أعادت بعض التراثيات".من المسؤول عن تشويه صورة الغناء العراقي؟
ارتبط مشوار المطرب العراقي حميد منصور بالالتزام والرزانة فلم نسمع أخباراً تسيء له في مشواره الفني، بل كان ينأى بنفسه عن الدخول في مهاترات جانبية أو صراعات مع أبناء جيله من المطربين أو أي مطربين آخرين من الأجيال الأخرى. وارتبط اسم منصور بالشكل الغنائي الرصين للفن العراقي الأصيل، لكن ما هزّ هذه الصورة الجميلة وربما شوهها وجود «الكاسور» الذي كان يدوي في حفله أمس الأول، فلم نعتد مشاهدة هذا النوع من الفن من المطربين الكبار، وربما يكون مقبولاً لدى محبيه في الأماكن الذين يحبونها، لكن ليس على خشبة المسرح.فلم يكن هذا العزف النشار مقبولاً في حفل ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في مهرجان رسمي، وهنا نتساءل لماذا وصل الحفل إلى هذا المستوى؟ ومن المسؤول عن تشويه صورة الغناء العراقي لاسيما أن المطرب حميد منصور في تصريح لـ"الجريدة" بعد وصوله إلى الكويت تذمر من عدم اصطحاب أعضاء فرقته الموسيقية كاملة والاكتفاء بأربعة موسقيين، وهنا السؤال من الذي أحضر الإيقاعيين في هذا الحفل؟