السنعوسي وتاريخ تلفزيون الكويت 1
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
ولنبدأ بمحمد السنعوسي "أبو طارق" الشخصية القيادية المبهرة الذي لا تثني عزيمة إرادته المعوقات ولا خوازيق خفافيش الظلام، رجل يمتلك رؤية مستقبلية منفتحة جديدة وسابقة لأوانها، توقفت كثيرا لفهم وتحليل شخصيته المركبة من عدة شخصيات تضافرت لتصنع هذا الرجل المغامر والمبادر والرائد، البسيط والواضح، اجتمعت به صفات التقني والفنان المخرج مع الإداري الناجح بكل موقع تولاه، وهذا أغرب ما يكون أن ينجح الفنان في الإدارات المهنية، لكن السنعوسي استطاع الجمع بينها بكل جدارة.كنت مثلي مثل الآخرين من مشاهدي التلفزيون نتابع البرامج الناجحة دون معرفة من هو وراء قيامها، إلى أن قرأت هذا الكتاب واكتشفت كل ما مر بتاريخ تلفزيون الكويت من أعمال متميزة تركت بصمة وعلامة في وجدان الناس خلال الـ24 سنة من 1961 إلى 1985، كانت من إخراج السنعوسي أو هو وراء قيامها.كان يدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية حين تم اختياره لتأسيس تلفزيون الكويت والعمل فيه، فقطع دراسته وعاد إلى الكويت، وهذا مقتطف من كتابه: "أول تعارف صادم، مازلت أتذكر ذلك اليوم الذي تعرفت فيه إلى التلفزيون وكتيبته المحدودة، كان ذلك مطلع نوفمبر 1961 حينما وجهت سيارتي نحو منطقة بنيد القار، وما إن بلغت شارع دسمان وقصر أمير البلاد حتى سلكت زقاقا صغيرا محدودا بين السور الطيني لقصر دسمان ورمل البحر، وتوقفت سيارتي أمام باب حديدي يتقاطع مع سور من الشبك الحديدي، ما إن تجاوزته حتى وجدت نفسي أمام "شبرة" كبيرة تقع في محيط لا يتجاوز 250 مترا مربعا، إذا ما يطلق عليه مبنى تلفزيون الكويت إنما مجرد "شبرة" تقع على تلك البقعة المملوكة لقصر دسمان، وولجت إلى غرفة صغيرة تدعى بتعالٍ كاذب، أنها استديو تلفزيوني، وخلف ستارة انحشرت كشافات إضاءة مع كاميرتين كبيرتي الحجم بقواعد مع ميكروفونات، هكذا وجدت نفسي سجين غرفة كئيبة تشوهها كميات كبيرة من الكيبلات والأسلاك بينما تتوزع في سقفها الأضواء بشكل ارتجالي، بعدها اكتشفت أنه لا توجد خريطة للبث، فهي عملية تنحاز بالأكثر إلى مصطلح العفوية أو الارتجالية إن جاز التعبير، كانت هذه الزيارة كافية ليسري الإحباط في شرايين أحلامي، ليس بسبب فقر التجهيزات الفنية، بل أيضا لعدم وجود سياسة واضحة للعمل، فتشككت في سلامة قراري بالعودة من القاهرة والتخلي عن الدراسة".ثم بدأت مراحل التكيف وبدايات التأقلم مع العمل وهذا مقتطف: "وفي أحد الأيام وجدت نفسي أثقل على سيارتي بخيمتين وأزرعهما فوق الرمال، داخل واحدة منهما وضعت مكتباً وكرسياً لتدور عجلة العمل، ولم أجد أي غضاضة في أن أقوم بتنظيف الموقع وحمل المخلفات، وأحضرت من بيت العائلة ما تمكنت من مستعملات الإكسسوار والأثاث".