«الهلال» القاهرية... في مديح التنوير احتفاءً بذكرى فرسان الوعي

نشر في 17-07-2017
آخر تحديث 17-07-2017 | 00:00
No Image Caption
أصدرت دار «الهلال للنشر» العدد الجديد من مجلة «الهلال» الشهرية، ويتضمن موضوعات وملفات صحافية مهمة، أبرزها ملف خاص بعنوان «في مديح التنوير» احتفاء بذكرى «فرسان الوعي»، ومن بينهم رائد التجديد الإمام محمد عبده الذي تٌوفي في يوليو 1905، ود. فرج فودة، وكل من د. نصر حامد أبو زيد، والروائي الشهير توفيق الحكيم، ومؤسس دار الهلال جرجي زيدان، فضلاً عن ملف حول أشهر المواجهات الفكرية بين رموز الفكر والثقافة في مصر وبين قيادات جماعة «الإخوان» بعنوان «أقلام وإخوان».
في افتتاحية العدد الجديد من مجلة «الهلال» وبعنوان «30 يونيو تراكم ثقافي صنع ثورة»، أشار رئيس التحرير خالد ناجح إلى المواجهة الفكرية بين فكرة الإخوان في حد ذاتها، وبين الفكر عموماً في مصر، التي «امتد تاريخها وهو الأطول بين شعوب الدنيا، لدولة يزيد عمرها على 7 آلاف عام قبل الميلاد، حافظت خلالها مصر على استقرارها وهويتها الثقافية، بل وأثرت في ثقافات أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا. حتى عندما تأثرت مصر بكثير من الثقافات الموجودة حول العالم على مدار التاريخ، أصبحت كاللوحة التي رسم كل خط فيها، على يد إحدى الحضارات، فظلت لمصر حضارتها وثقافتها الخاصة المميزة».

طه حسين والتنوير

بعنوان «رخص الحياة» نشرت المجلة مقالاً لعميد الأدب العربي د. طه حسين، نشر عام 1954، جاء فيه أن «الحياة الإنسانية شيء له خطره، فقدستها الديانات وعرفت حرمتها القوانين ورعتها الأخلاق وعظم أمرها المعتدون عليها أنفسهم، وأن تقديس الحياة الإنسانية دعا الناس إلى إكبار الموت وما بعد الموت، لأن الحياة أعظم خطراً وأكبر حرمة من أن يستبيح الإنسان لنفسه سلبها».

كذلك تناولت المجلة مقالاً للكاتب المصري عباس محمود العقاد، نشر لأول مرة في جريدة «الأساس» عام 1949 بعنوان «يهودية حسن البنا وعصابة الإخوان.. الفتنة الإسرائيلية» جاء فيه: «الفتنة التي أبتليت بها مصر، على يد العصابة التي تسمي نفسها الإخوان المسلمين، هي أقرب الفتن في نظامها إلى دعوات الإسرائيليين والمجوس. ويزداد تأملنا في موضع النظر عندما نرجع إلى الرجل الذي أنشأ تلك الجماعة فنسأل من هو جده.إن أحداً في مصر لا يعرف من هو جده؟ وكما يقال عنه إنه من المغرب، وإن والده كان «ساعاتي»، والمعروف أن اليهود في المغرب كثيرون، وأن صناعة الساعات من صناعاتهم المألوفة، وأننا هنا في مصر لا نكاد نعرف شخصاً كان يعمل بهذه الصناعة قبل جيل واحد من اليهود، ويكفي من ذلك أن نسجل حقائق لا شك فيها، وهي أننا إزاء رجل مجهول الأصل مهيب النشأة يثير الفتنة في بلد إسلامي والبلد مشغول بحرب الصهيونية (تأسيس دولة إسرائيل بعد حرب فلسطين عام 1948)، ويد الرجل في حركته على النهج الذي اتبعه دخلاء اليهود والمجوس لهدم الدولة الإسلامية من داخلها بظاهرة من ظواهر التدين».

وأعادت المجلة نشر مقال للصحافي المصري الراحل علي أمين (مؤسس دار أخبار اليوم) نُشر عقب محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من تنظيم الإخوان في حادث المنشية الشهير بالإسكندرية عام 1954 بعنوان «إرهاب بالجملة.. لو لم تهتز يد محمود عبد اللطيف»، يسأل فيه: «ماذا لو كان تولى الإخوان الحكم في مصر؟ مشيراً إلى أنه سيغلق جميع أطباء العيون والأذان عيادتهم، لأن السعداء في عهد الإخوان هم الذين لا يبصرون ولا يسمعون، وستختفي السيارات وتحل محلها عربات الكارو، وستلغى اللغات الأجنبية وتفرض الكتب العربية القديمة على المدارس والجامعات، ولن يدرسوا الطب ولا الهندسة ولا الطيران».

وبعنوان «محمد عبده... ماذا بقي من الإمام المجدد»، تناول الروائي محمد جبريل، سيرة الإمام محمد عبده، مستنداً إلى حديث الرسول الكريم: «إن الله يبعث على رأس كل مئة عام لهذه الأمة من يجدد دينها»، مشيراً إلى أنه لم تكن انتقائية الإمام التجديدية، سوى محاولة لتطويع الموروث لمنطق العصر القائم على الحرية، حيث قدم أطروحات إصلاحية في العقيدة والفقه والفتوى والتفسير.

أبو زيد

وصف الكاتب علي رزق، الراحل الدكتور نصر حامد أبو زيد، بمناسبة مرور سبع سنوات على رحيله (يوليو 2010) بـ«دون كيشوت... في مواجهة سلطة النص»، مشيراً إلى أن الراحل «بدأ مبكراً البحث عن هويته الخاصة، فغادر جماعة الإخوان إلى غير رجعة، ولم يتمكن من الالتحاق بالأزهر الشريف لظروفه العائلية لذا لم نخسر شيخاً معمماً، حيث عمل «أكاديمياً» باجتهاد نادر على تأصيل مشروعه الفكري، فقدم ما يزيد على العشرين كتاباً عن الاتجاه العقلي في التفسير، ونقد الخطاب الديني، ومفهوم النص وإشكاليات القراءة والتأويل. وفي المنفى أصيب أبو زيد بفيروس غريب، أهو اليأس أو الحنين، ليعود إلى وطنه مصر مثقلاً بالمرض والأمل ويرحل بعد أسبوعين فقط إلى حيث لا يمكن لأحد أن يمنع أفكاره من التحليق».

فرج فودة

كتب الروائي المصري يوسف القعيد عن فرج فودة: «عرفت فرج فودة في رحاب مجلس أديب نوبل نجيب محفوظ، ولاحظت عليه أنه كان يتكلم بقوة وبوضوح ودقة، وهي أمور ثلاثة من الصعب أن تلحظها عند كلام أي مثقف، فالكلام غير الكتابة، الكتابة تمسك بعنق كاتبها حتى آخر لحظة في حياته، لا يستطيع أن يتنكر لها، ولا أن يدعي أنه لم يقلها أو أنه كان يقصد غير ما فهمه المستمعون، وكان فودة يتكلم كالخط المستقيم، قوي وواضح ومحدد».

وبعنوان «السلام عليك يا أبي»، كتبت سمر فرج فودة (كريمة الكاتب الراحل): «9 يونيو هو ذكرى اغتيال أبي، رحمه الله، هو اليوم الذي أهرب منه كل عام، لأختبئ داخل نفسي من دون جدوى، تلاحقني في هذا اليوم اتصالات الإعلاميين والصحافيين، للسبق الصحافي والحديث عنه وكأنهم يتذكرونه في هذا اليوم فقط، اليوم الوحيد الذي أهرب منه وأحاول نسيانه ومحوه من ذاكرتي، يحاول الجميع الضغط عليّ بتذكيري به وبكل تفاصيله».

back to top