طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين بالحاح من نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، سحب مشروعه تشكيل جمعية تأسيسية متوعداً إياه بـ «اجراءات اقتصادية قوية وسريعة» غداة الاستفتاء الرمزي للمعارضة الذي أعلن فيه 7.6 ملايين فنزويلي تأييدهم سحب المشروع.وقال ترامب في بيان أن «الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي بينما فنزويلا تنهار، إذا فرض نظام مادورو جمعيته التأسيسية في 30 يوليو فان الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات اقتصادية قوية وسريعة»، ولم يتحدث بالتفصيل عن هذه التدابير.
وكان البيت الأبيض رحب بالاستفتاء الرمزي الذي نظمته المعارضة الفنزويلية الأحد ضد هذا المشروع، وشارك فيه 7.6 ملايين مواطن كما تفيد الأرقام النهائية، من أصل 19 مليون ناخب.ودعت المعارضة الفنزويلية التي شجعتها المشاركة الكثيفة في الاستفتاء، الاثنين إلى اضراب عام يستمر 24 ساعة الخميس، لمحاولة وقف مشروع الرئيس الاشتراكي تعديل الدستور.وأعلن القيادي في المعارضة فريدي غيفارا نائب رئيس البرلمان، في مؤتمر صحافي «ندعو البلاد بأسرها إلى اضراب عام وبلا عنف هذا الخميس لمدة 24 ساعة، وذلك لممارسة الضغط على الحكومة والاستعداد للتصعيد النهائي الأسبوع المقبل» الذي سيشهد انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية في 30 يوليو الحالي.ولم يصدر أي رد فعل عن الرئيس نيكولاس مادورو على تصريحات ترامب.
حل
وفي أجواء هذه الأزمة، التقى الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس نظيره الكوبي راؤول كاسترو الاثنين في هافانا، وكوبا حليفة أساسية للرئيس الفنزويلي بينما دعت كولومبيا كراكاس إلى الغاء مشروع الجمعية التأسيسية.وذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» إن الرئيس الكولومبي يريد الحصول على دعم كوبا لمبادرة إقليمية لتسوية الأزمة في فنزويلا.وقالت وزيرة الخارجية الكولومبية ماريا انخيلا هولغن أن فنزويلا مدرجة على جدول أعمال محادثات رئيسي الدولتين «للبحث في إمكانية التوصل إلى حل»، لكنها استبعدت أن تكون الأزمة الفنزويلية السبب الرئيسي للزيارة.دعا الرئيس الأميركي الذي وصف الرئيس مادورو بأنه «زعيم سيء يحلم بأن يصبح ديكتاتوراً» إلى «اجراء انتخابات حرة ونزيهة» في فنزويلا، مؤكداً على أن «الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب الفنزويلي في سعيه لجعل بلده مجدداً دولة ديموقراطية بالكامل ومزدهرة».وخلال الاستفتاء قتلت امرأة برصاص مسلحين على دراجة نارية أمام مكتب تصويت في كراكاس.طاولة الوحدة
والبرلمان هو جهاز السلطة الوحيد في فنزويلا الذي يشرف عليه المعادون للتيار التشافي تيمناً باسم هوغو تشافيز الذي كان رئيساً من 1999 حتى وفاته في 2013 وخلفه مادورو، وفي اطار «الهجوم» الذي تشنه المعارضة على رئيس الدولة، ينوي النواب أن يعينوا الجمعة قضاة جدداً في المحكمة العليا المتهمة بخدمة السلطة.وسيوقع أعضاء تحالف «طاولة الوحدة الديموقراطية» الذي يقف وراء استفتاء الأحد، الأربعاء أيضاً اتفاقاً على تشكيل «حكومة وحدة وطنية» جديدة.وكرر فريدي غيفارا من جهة أخرى استعداد المعارضة للحوار، لكنه اشترط أن تتراجع الحكومة عن الدعوة إلى جمعية تأسيسية مقرر انتخاب أعضائها الـ 545 في 30 يوليو الجاري.واعتبر المحلل لوي سلامنكا «من يستطيع أن يجعلها تفهم ذلك؟ إعلان للقوات المسلحة».وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من التظاهرات العنيفة التي أسفرت عن 96 قتيلاً في هذا البلد المأزوم، تأمل «طاولة الوحدة الديموقراطية» في اجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية ولاية مادورو في ديسمبر 2018.ويؤكد مادورو أن الهدف من الجمعية التأسيسية هو تعديل الدستور المعمول به حالياً لضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي لفنزويلا، وتعتبر المعارضة هذه الجمعية التأسيسية التفافاً على البرلمان الذي تسيطر عليه منذ 2016.وقال فيليكس سيخاس مدير معهد دلفوس لاستطلاعات الرأي، «يتعين على المعارضة إعداد خارطة طريق بعدما أثارت آمالاً كثيرة، إلا فان شرعيتها قد تتعرض لنكسة، الشعب ينتظر خطوات حازمة».وتعتبر الحكومة أن الاستفتاء «غير شرعي».شرعية
وقد طلب مادورو الذي يبحث عن «شرعية» لمشروعه، من معارضيه الأحد «ألا يفقدوا صوابهم» لدى صدور النتائج، داعياً إياهم إلى «الحوار».وبالنسبة إلى استفتاء 30 يوليو، يستطيع الرئيس أن يعوّل على دعم السلطات الانتخابية والقضائية، باستثناء المدعية العامة المهددة بالإقالة والجيش.واعتبر لويس فنسنت ليون، رئيس معهد داتانالاسيس لاستطلاعات الرأي أن التحدي الذي تواجهه المعارضة بات استخدام النتائج من أجل «كسر الخصم، وهذا ما يمكن أن يشكل ضغطاً من أجل تفاوض يمكن أن يؤدي إلى توافر فرصة سلمية للتغيير».في المقابل، يتعين على الحكومة تجنب مشاركة ضعيفة في 30 يوليو، لأن «شرعية» الجمعية التأسيسية ستكون ضئيلة، ويقول معهد داتانالاسيس أن 70% من الفنزويليين يرفضون المشروع.وحصل الاستفتاء الرمزي الأحد على دعم الأمم المتحدة والولايات المتحدة وعدد كبير من حكومات أميركا اللاتينية وأوروبا.ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الحكومة الاثنين إلى القيام «بخطوات سياسية» من أجل «خفض التوتر» كتعليق «عملية الجمعية التأسيسية».ووصف نيكولاس مادورو هذه الدعوة بأنها «وقحة».وتتهم المعارضة الحكومة بأنها مسؤولة عن الأزمة الاقتصادية في فنزويلا من جراء تراجع أسعار النفط الذي يؤمن 95% من العملات الصعبة، وقد ازداد التضخم ثلاث مرات، وتواجه المواد الغذائية والأدوية نقصاً حاداً.