من منا لم يتأثر بالأحداث المحزنة للخلافات التي اشتعلت بين دول مجلس التعاون؟ ومن منا لم يشعر بالأسى وسط التراشق الإعلامي بين أبناء الخليج على الساحة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي طبقاً لمؤتمرات الإعلام الخليجي، كانت مؤهلة لأن تصبح ساحة حوارية لتبادل المعلومات والخبرات؟ واليوم وبعد اشتعال الأزمة وانتقالها من تصريحات المسؤولين إلى مشاكسات المغردين، نتساءل: إلى متى ستبقى الأزمة الخليجية مشتعلة؟ الوفود الأميركية والبريطانية والفرنسية زارت منطقتنا الخليجية مؤخراً معلنة خططاً للمصالحة الخليجية، ثم غادرت بعد إدراكها أن الرابط الوحيد الذي يربط دول الخليج بعضها ببعض هو الخيط الدبلوماسي الرفيع الذي نسجته الكويت حفاظاً على البيت الخليجي.
وليس بعيداً على الكويت أن تنطق بصوت الحكمة والعقل وسط الاستقطاب السياسي الشديد، وأن تبذل الغالي والنفيس حفاظاً على البيت الخليجي؛ فقد بادر صاحب السمو، حفظه الله، أثناء شهر رمضان بمحاولات متعددة لنزع فتيل هذه الأزمة، وحماية المنظومة الخليجية من الانقسام والانزلاق إلى هاوية النزاع والمقاطعة.فالكويت، من خلال ترؤسها منظومة التعاون الخليجي هذا العام ومن خلال استضافتها للمؤتمرات الخليجية السابقة، قد حرصت دوماً على الدعوة إلى تعزيز للعمل الجماعي لرسم استراتيجية خليجية متجانسة لاحتواء التباين في وجهات النظر، والسعي إلى تحصين دول المجلس من الفتن والتمسك بالحوار، وصياغة موقف سياسي مشترك، بالإضافة إلى السعي لنزع فتيل الأزمات بكافة أشكالها.ومن خلال مشاركتها في المؤتمرات الإعلامية العربية أوضحت الكويت أن هناك حاجة إلى رسم استراتيجية إعلامية فاعلة للعالم العربي، واستحداث خطط لاحتواء الحروب الإلكترونية، والتي تتخذ من الإعلام الاجتماعي والتقني ساحة لها، وتشجيع الإبداع في استخدام الإعلام فيما ينفع القضايا الاقتصادية والتعليمية والإنسانية وغيرها.واليوم وقد تصدرت أخبار الوساطة الكويتية الصحف العربية والأجنبية، تتجه الأنظار مرة أخرى إلى الكويت لأسباب عديدة، أبرزها إيجاد تسوية لاحتواء الخلاف الخليجي، فضلاً عن تسخير قدراتها الإنسانية لاستضافة مؤتمر إعمار العراق، فتكون بذلك قد فعّلت أدواتها الدبلوماسية لحل أزمة الخليج، والإنسانية لتجميع الجهود الدولية لإعادة إعمار العراق؛ فهنيئاً للكويت تلك الجهود الجبارة التي تبذلها في ظل قيادة صاحب السمو بمهارته الدبلوماسية.
مقالات
النهج الدبلوماسي والإنساني
19-07-2017