عرضت مسرحية "عطسة" لفرقة المسرح الكويتي ضمن فعاليات مهرجان صيفي ثقافي 12 أمس الأول على مسرح الدسمة.

وكان عرض المسرحية بمنزلة زيارة جديدة للأمس، ليس من أجل الحنين للماضي، وإنما استرجاع لحظة ربما كان الوعي فيها غائبا أو الانتباه شابه افتقاد التركيز، لإعادة قراءة الحكم الذي أصدرته لجنة التحكيم بمنحها علامة التفوق في مهرجان أيام المسرح للشباب كأفضل عرض متكامل، لاسيما أن المضمون كان يحتاج إلى مزيد من التركيز لجمال الفكرة التي استلهمها كاتب النص محمد المسلم عن القصة القصيرة للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف، والتي تناولت فلسفة إنسانية كبرى في اختصار بليغ وايجاز عبقري "لا شيء... قد تعني كل شيء"، إذ كان "كل شيء" أبرز الهموم التي حملها "أحدهم" متقلبا بين صفعات خياله وملاحقات كوابيس لا تنتهي، في محاولة للتطهر من ذنب اللا شيء ظنه موظف "غلبان"، انه ارتكبه مما جعله يعاني التعذيب الكبير للضمير الذي يحمله البسطاء داخل قلوبهم، حتى في الأخطاء البسيطة والتافهة.

Ad

وهو امر له الكثير من دلالات كثيرة ومعان نبيلة، أبرزها أن هناك نوعا من البشر، ومنذ زمن بعيد وحتى اليوم يحتقرون بشرا من جنسهم، لمجرد انهم أقل قيمة وثراء وأهمية، وأن المحتقرين يظلون مهما فعلوا محل احتقار من هم أعلى منهم.

على هذا المنوال عزف محمد المسلم رؤيته التي حكى فيها عن مجموعة من مشاهدي عرض مسرحي، يعطس أحد الجالسين في الصف الثاني فيقفز لعابه ليلطخ من يجلس أمامه، ويشاء القدر أن يكون هذا الجالس هو أهم شخصية في الحضور، وربما في البلدة أيضا، فتحدث لهذا العاطس المسكين مشاكل ومواقف لا يحسد عليها بسبب عطسته هذه وطريقة لعابه المشؤومة التي تظل تلاحقه في كل مكان، ولم ينج منها في أي مكان يذهب إليه.

واحقاقا للحق نجح مخرج العمل عبدالله التركماني في كتابة المسرحية بالحروف والفعل والإيماء وكل المؤشرات التقنية، بما فيها الإضاءة والصوت، محققا توافقا مدهشا في الشكل والمضمون بين العناصر الأربعة، وهي: النص والممثلون والمسرح وتجهيزاته والجمهور، وكان بارعا في تبسيط فكرة النص وبلورتها بشكل فني وجمالي يستطيع من خلالها المشخص خلق تواصل بين مساحة العرض ومساحة الصالة لتجانس الحوار بينه وبين المتفرج من أجل صنع الفرجة الفنية الهادفة مع الوعي الشديد لتوضيح معالم وحدود هذه العلاقات، إضافة إلى ما توحي به الملابس والاكسسوارات ومنها الاقنعة من دلالات التعبير النفسي لكل شخصية عبر البوح والاعتراف بما ينطوي في سريرة كل منهما وفق سياقات المكان والزمان التي نبرز تجلياتها عبر المؤثرات الضوئية ليكون تشخيصنا متكاملا بكل مكونات العمل.

مرة اخرى قدم بطل المسرحية عبدالعزيز النصار نفسه بأنه خلق للدور أو الدور رسم له حيث قدم شخصته بأداء سهل ممتنع مزج فيه بين حضوره الشخصي على المستوى الانساني ومعايشته للشخصية المرسومة في النص بمهارة بكل ما فيها من انفعالات مشاعر الخوف والقلق والهلاوس التي فرضتها احداث المسرحية.

ولم يقل عنه زملاؤه الممثلون توهجا وحضورا وهم سارة التمتامي ومبارك الرندي وخالد الثويني وفهد الخياط وعدنان بلعيس وناصر حبيب ويعقوب حيات ومعهم هادي كرم ومحسن علي وعبدالله البلوشي وعبدالرسول القلاف ومحمد النجدي ومحمد عبدالنبي ومحمد التركماني ومحمد الحساوي.

علاوة على الجنود المجهولين خلف الاضواء، والذين لعبوا ادوارا كانت من عناصر النجاح، ومنهم عبدالعزيز القديري (الموسيقى ومؤثرات صوتية) وفاضل النصار (إضاءة) ومحمد الربيعان (ديكور) وزينب خان (أزياء) وعبدالعزيز الجريب وزينب المؤمن (مكياج) ومشعل المرجان (تقنيات مسرحية).

يذكر أن عرض "عطسة" لفرقة المسرح الكويتي حصد جائزة أفضل عرض متكامل في مهرجان أيام المسرح للشباب بدورته الحادية عشرة، ونال العرض جائزة أفضل مخرج لمخرجه عبدالله التركماني، وأفضل ديكور مسرحي لمصمم الديكور محمد الربيعان.