منظور آخر: كوكب القرود
كيف سيكون العالم لو حكمته القردة؟ سيكون أفضل حالاً من أن يحكمه البشر، ستصل إلى هذه القناعة بعد أن تشاهد فيلم "الحرب من أجل كوكب القرود"، وهي سلسلة أفلام ثلاثية، يشهد الجزء الثالث منها اشتعال الحرب بين البشر والقردة، وذلك بعد أن خالف مجموعة من الجنود معاهدة السلام مع القردة وهزموهم هزيمة ساحقة، فيضطر القرد "سيزر" إلى حشد بني جنسه للانتقام من البشر، هذه المعركة سيترتب عليها بقاء أو فناء هذا النوع من القردة.بدأت فكرة هذا الفيلم في عام 1968م، وكانت دوماً تدور عن: ماذا لو حكمت القرود العالم وأصبح الإنسان هو الشخص المضطهد، كما نفعل نحن بالحيوانات حين نأكلها ونتسلى بذبحها... لهذا الفيلم معانٍ عميقة، وليس مجرد خيال علمي، إذ تستطيع دوماً أن تربط أحداثه بما يدور في العالم.الحيوان كائن أكثر رحمة من البشر، وتلك حقيقة، هناك جملة شهيرة قيلت في الفيلم خلال حوار بين القرود وهي "القرود لا تذبح بعضها"، في حين يقوم البشر بذلك، وبأبشع الصور، حتى أبناء البلد الواحد يتقاتلون، حتى أبناء الدين الواحد يتقاتلون، فما بالك بالمختلفين؟ يتم قتلهم وتعذيبهم بأبشع الطرق.
أثبت الإنسان منذ بدء الخليقة أنه الكائن الأكثر وحشية، وما يجري اليوم في العالم لهو شاهد كبير على كمية القبح الموجودة في الإنسان. تشرد الإنسان وأصبح بلا وطن بسبب إنسان آخر مثله، عُذِّب الإنسان من خلال إنسان مثله، يُتِّم الأطفال والفاعل دوماً هو الإنسان. حتى الحيوانات كانت ترأف بالبشر حين تعتاد شخصاً، ولكن الغدر هو سمة الإنسان الذي بات يعذب الحيوان من باب التسلية لا أكثر، ومؤخراً بتنا نشاهد في هواتفنا النقالة تسجيلات لبشر تفننوا في دهس الحيوانات وتقطيع أطرافها ونحرها، فقط من أجل متعة التعذيب القابعة في نفوس الكثيرين.أصبحنا نعيش عصراً يشهد أكبر الأزمات الإنسانية، أكبر أزمات النزوح تتم حالياً في جنوب السودان والموصل وسورية، وأزمة اللاجئين بلغت أرقاماً مخيفة خلال السنوات الخمس الأخيرة لتتعدى حاجز 20 مليون لاجئ أكثر من نصفهم دون سن 18 عاماً!أثبت الإنسان وبجدارة أنه المخلوق الأبشع، وأولئك الطيبون الذين يجعلون من الحياة مكاناً أفضل هم أقلية، لأن كمية البشاعة باتت فائضة ومتسببة في حروب لا تنتهي وكوارث غير مسبوقة.تفشى داء الكوليرا في اليمن ليتجاوز عدد الضحايا 200 ألف شخص، كل ذلك بسبب الإنسان، الذي حرمهم من كل الخدمات الصحية والبيئية تلك التي ساهمت في تفشي المرض.نُزِعت الرحمة من أصحاب الكراسي، ومدعي التدين السياسي، والساسة ومتخذي القرار، يموت المئات يومياً في حين يهنأ الآخرون بنعمة الرفاهية وتدخين السيجار والاستمتاع بتناول الكافيار، تجار الأسلحة يعيشون هذا الترف لأنهم يبيعون الموت، كيف سيكون العالم لو حكمه القرود؟ بالطبع سيكون مكاناً آمناً وصالحاً للعيش، هذه كانت قناعتي قبل مشاهدة الفيلم وبعده.