واشنطن تعد لمرحلة جديدة من المواجهة مع طهران
«الحرس الثوري» يدعوها إلى إبعاد قواعدها 1000 كيلومتر عن إيران... وروحاني يلتزم التهدئة
بدأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطوات عملية للدخول في مرحلة جديدة من التعاطي مع إيران، تتركز حول تصعيد مواجهة "الأنشطة الخبيثة" لطهران بحزم، في وقت ينقسم المشهد في طهران بين الحرس الثوري، الذي يزيد التهديدات، والحكومة التي تحاول التهدئة.
تتوقع أوساط سياسية أميركية أن تسفر المراجعة التي طلبتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لملف العلاقة مع طهران خلال شهر من الآن، عن نتائج سياسية غير معهودة، لناحية الضغوط، التي ستلجأ إليها واشنطن لوضع حد لما تصفه بالتمدد الإيراني الخطير في المنطقة، ومواجهة ما تعتبره سياساتها المزعزعة للاستقرار فيها.وترى تلك الأوساط أن المراجعة المطلوبة ستتضمن، من بين الملفات التي سيتم تناولها، علاقات إيران بأطراف عربية وخليجية، في ظل توقعات بأن تلك الضغوط ستشمل الطلب من تلك الأطراف القيام بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع طهران أيضاً.وأمس الأول، أعلن البيت الأبيض أن ترامب بحث في اتصال هاتفي مع السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، "سبل التصدي لنشاطات إيران المزعزعة للاستقرار"، في اليوم نفسه، الذي أعلنت فيه البحرية الأميركية تجربة سلاح الليزر الجديد بمياه الخليج.
ومع إقرار الادارة الأميركية حزمة عقوبات جديدة على طهران على خلفية نشاطاتها السياسية، جاءت تصريحات مسؤولين عسكريين في وزارة الدفاع الأميركية، التي تتهم الحوثيين باستخدام أسلحة مصدرها إيران ضد السعودية في اليمن، لتُكمل صورة المشهد الذي قد يتحول إلى مواجهة عامة تستعد لها واشنطن في مواجهة طهران في أكثر من مكان. وخلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، نشرت وسائل إعلام أميركية تقارير عدة تناولت خريطة انتشار الوجود الإيراني، المباشر والرديف، مركزة بشكل خاص على العراق. واعتبر بعضها أن سياسة تسليمه للسيطرة الإيرانية، لن تتكرر، كما جرى قبيل انسحاب القوات الأميركية منه عام 2011.وأفاد أحد التقارير، بأن إنفاق نحو تريليون دولار في الحرب في العراق ومقتل أكثر من أربعة آلاف جندي أميركي، لا يمكن للاتفاق النووي معها أن يعوض تلك الخسائر، خصوصاً أن الحرب على الإرهاب مع استكمال المعركة لإنهاء تنظيم "داعش" فيه، ترافقها جهود سياسية أميركية حثيثة لإعادة ترميم علاقات العراق مع محيطه العربي والخليجي خصوصاً.وتعتقد تلك الأوساط أن تبادل الزيارات بين مسؤولين عرب وعراقيين، يعكس رغبة في تجاوز الأسباب، التي أدت إلى إعادة اصطفاف سنّة العراق وراء التنظيمات المتطرفة، عبر محاولة توسيع خيارات الحكومة العراقية، ومحاولة إشراك بعض الدول العربية بالجهود الدولية لتشكيل صندوق مالي يساهم في إعادة إعمار مدن وقرى ومحافظات السنّة الأكثر تضرراً من الحرب ضد تنظيم "داعش".ورأت تلك الأوساط أن إعلان موسكو عن نقاشات مشتركة مع واشنطن للتوصل إلى هدنة ثانية في سورية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، تزامناً مع تطمينات روسية أميركية لإسرائيل حول مستقبل الوجود الإيراني، يكشف عن نظرة متقاربة لدى الطرفين في كيفية معالجة تمدد طهران، بالتناغم مع جهود أوروبية عكستها تصريحات بريطانية وفرنسية حول هذا الملف أيضاً.طهران، التي تستشعر خطورة الضغوط التي تتعرض لها، أعلن وزير خارجيتها جواد ظريف الموجود في نيويورك لحضور اجتماع للأمم المتحدة حول التنمية المستدامة، أن بلاده مستعدة للتعاون مع السعودية لإنهاء النزاعات في كل من اليمن وسورية.واعتبرت أوساط أميركية مراقبة تصريحات ظريف، التي دعا فيها إلى عدم اقصاء أحد من المشهد في الشرق الأوسط، إنما هي دعوة للحوار، في ظل تخوف طهران من أن يقفل المشهد الإقليمي على خسارة صافية لها في غالبية المواقع، التي تمددت إليها.ويترافق هذا مع استعدادات عسكرية لشن حروب ومواجهات موضعية، لتحسين شروط تفاوضها مع الآخرين، كما الحال في جبال القلمون على الحدود اللبنانية السورية المتداخلة، قبيل الإعلان عن الهدنة الثانية، التي ستشمل ريفي دمشق وحمص، وهي المناطق التي تحتضن أوسع حضور إيراني والأكثر استراتيجية بالنسبة لمشروعها في هذا البلد، بحسب تلك الأوساط.
جعفري
من جهته، أكد قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري أمس أن على الولايات المتحدة إبعاد قواعدها مسافة ألف كيلومتر عن إيران، إذا مضت قدما في فرض عقوبات على طهران، في تهديد مبطن لواشنطن بعد فرضها عقوبات جديدة.وأضاف جعفري: "إذا أرادت الولايات المتحدة مواصلة العقوبات ضد دفاعات إيران وحرسها الثوري فعليها إبعاد قواعدها بالمنطقة إلى مسافة نحو ألف كيلومتر حول إيران، وعليها أن تعلم أنها ستدفع ثمنا باهظا لأي خطأ في الحسابات".من ناحيته، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران سترد بـ"الطريقة المناسبة" على العقوبات الأميركية الجديدة، لكنها ستبقى ملتزمة بالاتفاق النووي.وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة ضد 18 فردا وكيانا على صلة بصواريخ إيران البالستية وأنشطتها العسكرية في الشرق الاوسط، لكنها أبقت على التزامها بالاتفاق.وقال روحاني، أمام وزرائه في كلمة نقلها التلفزيون، إن "جمهورية إيران الإسلامية ستحترم على الدوام التزاماتها الدولية".لكنه أضاف أنه إذا أرادت الولايات المتحدة "فرض عقوبات جديدة تحت أي ذريعة، فإن الأمة الإيرانية سترد بالطريقة المناسبة. لن نغفر للأميركيين انتهاكاتهم وسنتصدى لها".واتهم روحاني الأميركيين "بالازدواجية"، وقال: "من جهة يرسلون تقارير رسمية إلى الكونغرس تؤكد أن إيران ملتزمة تماما بالاتفاق النووي، ومن جهة ثانية يفرضون عقوبات جديدة تحت ذرائع مختلفة، تتعارض مع المنطق ومع روح" الاتفاق.