لطيفة الزيات وحركة الترجمة الأدبية من الإنكليزية إلى العربية خروج من الدائرة الرسمية إلى الدائرة الشعبية
أصدر «المركز القومي للترجمة» في مصر كتاب «لطيفة الزيات- حركة الترجمة الأدبية من الإنكليزية إلى العربية في مصر» بين 1882 و1925، تحرير د. خيري دومة وتقديمه.
يتناول كتاب «لطيفة الزيات- حركة الترجمة الأدبية من الإنكليزية إلى العربية في مصر» مدى ارتباط الأديبة والناقدة الراحلة لطيفة الزيات بصحافة اليوم، هي التي حصلت على درجة دكتوراه عام 1957 من قسم التحرير والترجمة والصحافة في كلية الآداب جامعة القاهرة.
الأدب العربي والترجمة
يوضح المؤلف د. خيري دومة أن الكتاب بمنزلة دراسة للراحلة لطيفة الزيات، وهي حصلت بها على دكتوراه، وتُقدَّم للقراء منشورة للمرة الأولى، ويقول: «هي في الحقيقة دراسة في الأدب العربي الحديث، وفي الثقافة العربية الحديثة بمعناها الواسع، بقدر ما هي دراسة في الترجمة وتاريخها ومكانها في هذه الثقافة». ويستطرد: «في الدراسة قيم باقية تبرر نشرها الآن، فرغم مرور وقت طويل على ظهورها الأول في صورة رسالة دكتوراه، وهو ما يجعلها دراسة قديمة بالنسبة إلى زماننا الذي تغيرت فيه أمور كثيرة وظهرت معه مادة جديدة ومناهج دراسة مختلفة، ورغم أنها لم تسع يوماً إلى نشرها، ولكن تظل أهم القيم الباقية من الدراسة هي: ما رسمته الدكتورة لطيفة الزيات من أساس تاريخي واجتماعي وثقافي لتطور حركة الترجمة، ومعها حركة الأدب والثقافة العربية الحديثة، فالدراسة مع أنها تبدأ رسمياً من عام 1882، أي عام الاحتلال الإنكليزي لمصر، تعود في فصلها الأول التمهيدي إلى الفترة السابقة لترى أصول حركة الترجمة الأدبية، ومحركاتها والعوامل الفاعلة المؤدية إلى نشوئها وتطورها. وتقول في الصفحة الأولى من رسالتها: وكي تنشأ حركة ترجمة الأدب في مصر كان لا بد من وجود طبقة من المتعلمين تعليماً غربياً تتقبل الآثار الأوروبية، ويجيد أفرادها لغة أوروبية ويتمتعون بالقدرة على تذوق أدب هذه اللغة قبل نقله إلى اللغة العربية، وكان لا بد من أن يكون لهذه الطبقة من سعة النفوذ ما يمكنها من أن تكون من أفرادها وممن تستطيع أن تجذب إلى دائرتها جمهوراً قارئاً للأدب الغربي المترجم، وكان لا بد من تطوير وسائل النشر كالمطابع والجرائد، وخروجها من الدائرة الرسمية إلى الدائرة الشعبية، أي من يد الدولة إلى يد الأفراد».
آثار وبصمات
ويرى الكاتب أن لطيفة الزيات لم تتخلَّ أبداً عن ذلك الأساس التاريخي والاجتماعي المفسر لحركة الترجمة الأدبية في مصر، فكل تطور جديد كان محكوماً باحتياجات اجتماعية وجمالية وتاريخية لجمهور القراء في مصر ولمتطلبات النشر ولتوجيه السلطات أحياناً.ويشير إلى أن ما أرسته الزيات من أسس لدراسة التاريخ الأدبي والثقافي لمصر الحديثة، ترك أثره في من مضوا في الطريق بعدها، خصوصاً عبد المحسن بدر في رسالتيه عن تطور الشعر في الماجستير 1957، وعن تطوّر الرواية العربية الحديثة في الدكتوراه 1963. كذلك يشير إلى ما قدمته الزيات من معلومات وتحليلات، واكتشافات حول مترجمين وترجمات مجهولة، مثل تحليل ترجمة أحمد عباس علي رواية دانيال ديفو «روبنسون كروزو» عام 1923، وكشف أهمية ترجمة محمد عفت مسرحية «ماكبث» لشكسبير التي ترجمها بالشعر الموزون المقفى، ونشرتها مطبعة المقطم عام 1911. ولعل أهم ما طرحته في هذه الدراسة هو ما أخذه عنها عبد المحسن بدر من حقائق وتحليلات ترتبط بما سماه «رواية التسلية والترفيه»، خصوصاً الدوريات والسلاسل التي أدّت دوراً كبيراً في نشر هذه النوعية من القصص والدعاية لها، إذ قدّمت لطيفة الزيات تعريفاً بنحو 30 دورية وسلسلة روّجت لهذا النوع من القصص المترجمة.دور سياسي
يلفت دومة إلى أن شهرة لطيفة الزيات كمبدعة وكاتبة ومناضلة سياسية، طغت على عملها العلمي والبحثي، خصوصاً المتعلق بحركة الترجمة ومكانتها في سياق الثقافة العربية الحديثة، لذا كانت أهمية نشر هذه الدراسة مضاعفة، لتعريف القراء بإسهاماتها النقدية المتميزة.ولدت لطيفة عبد السلام الزيات في أغسطس 1923 وتوفيت في القاهرة في سبتمبر1996. تخرجت في قسم اللغة الإنكليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة 1946، وشاركت في الحركة الوطنية في الأربعينيات من القرن العشرين، حين كانت أمينة اللجنة الوطنية للطلبة والعمال، واعتقلت، ثم عادت لتكمل دراستها في المعهد العالي للصحافة الذي صار بعد ذلك قسم الصحافة في كلية الآداب بجامعة القاهرة، ومنه حصلت على الماجستير عام 1952 ثم دكتوراه عام 1957.من أهم أعمالها رواية «الباب المفتوح»، ومجموعة «الشيخوخة وقصص أخرى»، وكتاب «حملة تفتيش أوراق شخصية».يُذكر أن محرر الكتاب، د. خيري دومة، أستاذ الأدب العربي في كلية الآداب جامعة القاهرة، تخرج في قسم اللغة العربية في عام 1984، وله مؤلفات كثيرة نذكر منها: «تداخل الأنواع في القصة المصرية القصيرة»، و{عدوى الرحيل: موسم الهجرة إلى الشمال ونظرية الاستعمار»، و{أنت: ضمير المخاطب في الأدب العربي». كذلك له ترجمات عدة من بينها: {القصة الرواية المؤلف: دراسات في الأنواع الأدبية المعاصرة»، و{يحيى حقي: تشريح مفكر مصري»، و{الإمبراطورية ترد بالكتابة»، و{المتحدثون الأدب وانفجار الحديث»، و{مطاردة العلامات: الأدب وعلم العلامات والتفكيك».