كلمة رائعة أدلى بها الدكتور يحيى الفارسي، عميد كلية الطب بجامعة قابوس في سلطنة عمان، بمناسبة تخريج دفعة من الأطباء الجدد، وتناولتها وسائل التواصل الاجتماعي الكويتية على نطاق واسع.اللافت في الأمر أن التعليقات على مداخلة الدكتور الفارسي حملت في مجملها عبارات المديح والثناء المستحقة، لما لكلمات الرجل المنتقاة من عمق في الوصف ودقة في التعبير وفصاحة في اللغة وقرب من القلب، لكن في نفس الوقت كانت موجة تعليقات ساخرة وناقدة ترثي حالتنا التعليمية ومستوياتها، خصوصاً فيما يخص الشهادات المضروبة أو المزورة، والتي تحولت إلى لغز مفتعل يطل برأسه من فترة إلى أخرى تبعاً لمقتضيات سياسية أو مساومات رخيصة أو حتى لإلهاء الرأي العام الأكاديمي والشعبي عن قضايا أهم ومشكلات رئيسية يعانيها النظام التعليمي ككل.
كلمة عميد كلية الطب العماني تناولت الإنسان ومحوريته في الكون أمام عالم الفلك الواسع بأقماره ونجومه، وأمام عالم البحر بتمام أركانه، وأمام حركة الطبيعة واستقرارها ودورانها، وبقاء كل تلك العوالم ثابتة ومتكررة في ظواهرها مع تبدل الإنسان بين الخير والشر.هذه المقاربة الجميلة تدق ناقوس التفكير بصوت عالٍ حول نوعية الإنسان صاحب القرار في بلدنا، ونظرية الدكتور الفارسي، حيث إن الكثير من المسؤولين في الدولة لم يتغيروا منذ عقود من الزمن في أدائهم وإدارتهم وترددهم وفشلهم، وإن تغيرت شخوصهم وأسماؤهم، فالحال هو نفسه من تراجع إلى تراجع، ومن تخبط إلى تخبط ومن فساد إلى فساد، ومن تخلف إلى تخلف، حتى وصل الحال أن أطباء سلطنة عمان الجدد مطلوب منهم أن يجاروا تطور التقنيات العلمية وبرنامج التشخيص الطبي والثورة الهائلة المرتقبة في عالم الصحة خلال الخمسين سنة القادمة، بينما نحن ما زلنا نجتر مشاكل وتخبطات الخمسين سنة الماضية حتى وصلنا إلى القاع بين دول مجلس التعاون، ناهيك عن العالم المتقدم في كل شؤون الحياة والتنمية والأهم من ذلك في مشاريع بناء الإنسان!فهل يعقل مثلاً أن تشهد قضية الشهادات المشبوهة، وأعدادها التي تجاوزت عشرات الآلاف، هذا التعثر بعد عقدين من الزمن وتعاقب ثماني وزارات وكبار المسؤولين على مؤسسات التعليم العالي، وهي مدة كانت كافية لتحصين أصحاب المؤهلات غير المؤهلة لأصحابها لتولي مواقع مهمة في الدولة وفي صنع القرار والقفز على حقوق غيرهم أمام مرأى وسمع الحكومة بكل طاقمها الرقابي والتنفيذي؟!وهل يعقل أن يكون ملف التعليم مادة للمساومات والصفقات السياسية وأن تنجح الضغوط من أصحاب المصالح الضيقة في حفظ قضية الشهادات المضروبة إلى حين تغيير الوزير المختص الذي يبدأ في التصريحات والوعيد ثم يبدأ صوته في التراخي وصولاً إلى الصمت المطبق؟الدكتور يحيى الفارسي إذا كان هذا ما عندكم من قدر وإجلال للعلم في سلطنة عمان فهذا قدر العلم وإجلاله عندنا في الكويت!
مقالات - اضافات
فلك التعليم في عمان والكويت!
21-07-2017