بتميّز يؤدي الممثل المخضرم كريستوفر بالمر دور القيصر الألماني فيلهلم الثاني الذي خرج من مسرح التاريخ عندما تخلى عن العرش عام 1918، إلا أنه عاش في المنفى في هولندا أكثر من 20 سنة. وهذه المرحلة كانت مصدر إلهام رواية آلن جود The Kaiser’s Last Kiss (قبلة القيصر الأخيرة) التي يستند إليها سيناريو سيمون بورك في فيلم The Exception.صحيح أن وجود القيصر يضفي طابع التشويق على القصة، إلا أن وجهها الرومانسي يؤديه بمهارة زوجان شابان نسبياً: ليلي جيمس، التي تؤدي دور وريثة العرش الليدي روز المتهورة في Downton Abbey، والوسيم الأسترالي جاي كورتني.
لما كان العمل السينمائي الأول للمخرج المسرحي البريطاني ديفيد لوفو، فلا يقدّم The Exception ابتكارات جديدة، غير أنه معدّ بإتقان ويحمل جزءاً من الرواية التاريخية، مازجاً بين الخيال والشخصيات والأحداث الحقيقية.
حاشية ملكية
تدور أحداث الفيلم في عام 1940. وعلى رأس قائمة الشخصيات الخيالية المسؤول العسكري الألماني ستيفان برانت (كورتني)، وهو ضابط غامض من الجيل الثالث يتمتع بوسامة كبيرة فُصل من الخدمة الفعلية بسبب مشكلة غير محددة مع «جهاز الحماية النازي في بولندا».عندما يستلم تعيينه الجديد، لا يبدو هذا الضابط سعيداً. فعليه السفر إلى هولندا ليتولى قيادة الحرس الشخصي لرجل افترض أنه ميت، رجل قيل له بعبارات غامضة إنه «يتمتع بأهمية رمزية كبيرة بالنسبة إلى الشعب الألماني».يعيش القيصر في قصر مميز في أوترخت، حيث يظل بعيداً عن هموم العامة بفضل حاشية ملكية تضمّ مساعده الشخصي الكولونيل فون إيلسمان (بن دانيالز) وزوجته المخطِّطة الأميرة هرمين (جانيت ماكتير المتميزة دوماً). يتمسك هذان الشخصان، فضلاً عن القيصر نفسه، بأمل غير منطقي، معتقدين أن الحاكم السابق ربما يتمكن، إذا أجاد لعب أوراقه، من العودة إلى عرش ألمانيا بصفته «ممثل الله على الأرض».لكن بالمر في شخصية فيلهلم يبدو أكثر إثارة للاهتمام من محيطه، علماً بأن الشبه الفعلي بينهما مذهل. ينجح بالمر، الذي تُعتبر مشاهدة أدواره دوماً متعة، في إضافة لمحات متداخلة من الحدة والدفء إلى شخصية هذا الرجل الذي اشتهر بتقلبات مزاجه المحيرة.يبدو القيصر في معظم الأوقات رجلاً مسناً لطيفاً شبيهاً بما نراه في أعمال ب. ج. وودهاوس، وهو يهوى إطعام محيطه من البط. يقول بصدق: «لا يلومك البط مطلقاً على مشاكله أو يطلب منك التخلي عن عرشك».وبالحديث عن العروش، يثير التحدث عن السياسة سخط فيلهلم في الحال، فيروح يصيح بغضب مدعياً أن الجيش طعنه في الظهر في نهاية الحرب العالمية الأولى، وينتقد هرمان غورينغ ناعتاً إياه بـ«ذلك الغبي» الذي تجرأ على المجيء إلى الغداء وهو يرتدي سروالاً قصيراً شبيهاً بما اعتاد لاعبو الغولف لبسه في تلك الحقبة.أما الضابط برانت من جهته، فيُعجب بالقيصر، إلا أن الجميلة ميكي دي يونغ (جيمس) هي مَن يستحوذ حقاً على اهتمامه، وهي خادمة انضمت أخيراً إلى الفريق العامل في منزل فيلهلم.ما إن يتقابل هذان الشخصان حتى يتجاهلا بكل شغف تشديد الكولونيل فون إيلسمان على ضرورة الامتناع «عن التعاطي مع العاملات في المنزل». مَن كان يعلم أن العمل مع القيصر قد يؤجج كل هذا الشغف؟تفاصيل
لكن هذه القصة تشمل تفاصيل أكثر أهمية. ثمة إشاعات قوية عن أن جاسوساً بريطانياً في الأرجاء. لذلك يأمر مسؤولو البوليس السري الألماني الخائفون الضابط بمراقبة زوار القيصر. كذلك ثمة احتمال أن يأتي كبير المسؤولين النازيين هاينرخ هيلمر (إدي مارسان) لتفقد القصر.تزداد أوجه الحرب العالمية الثانية المشوقة، بما فيها الخداع وحتى الإشارات المبطنة إلى عمليات التعذيب، بروزاً فيما تتواصل أحداث The Exception. رغم ذلك، يظلّ التفاعل الشغوف بين جيمس وكورتني الأكثر بروزاً، وهو ما يستحوذ على اهتمامنا الأكبر أثناء مشاهدة تطورات القصة.تعقيدات
لا شك في أن هذه الرواية تحمل أيضاً تعقيدات عدة. هل ميكي حقاً مَن تدعي؟ وهل الضابط فعلاً مَن يظن أنه كذلك أم هو في الواقع استثناء، كما يشير عنوان الفيلم؟ من المؤكد أن الحب في زمن الحرب ينطوي على تعقيدات محتمة. صحيح أنها قد تبدو للمشاهد مألوفة، إلا أن هذا الواقع لا يجعلها أقل تميزاً.