طوكيو تتطلع لاستعادة أمجادها عبر استقطاب «أرامكو»
رئيس الوزراء سلم الطلب رسمياً إلى محمد بن سلمان
تستعد شركة «أرامكو» السعودية المملوكة بالكامل للحكومة في الوقت الراهن لأن تصبح شركة مساهمة تصل قيمتها السوقية إلى نحو 200 تريليون ين (1.78 تريليون دولار).
حين زار أفراد من العائلة المالكة السعودية اليابان في شهر سبتمبر الماضي، ثم مرة ثانية في مارس تأكدت تلك الدولة الآسيوية من أنها أوصلت رسالة واحدة على الأقل وهي: يرجى إدراج شركة «أرامكو» في طوكيو.وقام رئيس وزراء اليابان شينزو آبي في شهر سبتمبر بتسليم الرسالة بنفسه إلى ولي ولي العهد السعودي آنذاك الأمير محمد بن سلمان، فيما حاول الرئيس التنفيذي لمجموعة بورصة طوكيو أكيرا كيوتا نيل موافقة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في شهر مارس.ولم تنقطع المحادثات على الإطلاق مع قيام رؤساء تنفيذيين يابانيين بزيارات إلى المملكة العربية السعودية في أكتوبر وديسمبر ثم في مارس لتوضيح سبب أن اليابان المكان المثالي لإطلاق تحول أكبر شركة نفط في العالم إلى شركة مساهمة عامة.
وقال كيوتا في مقابلة في بورصة طوكيو: «سوف يكون ذلك حدثاً كبيراً قياسياً. وإذا سار كل شيء على مايرام نريد أن تختار شركات أجنبية أخرى طوكيو وجهة لعروض اكتتابها الأولي». وتستعد شركة «أرامكو» السعودية المملوكة بالكامل للحكومة في الوقت الراهن لأن تصبح شركة مساهمة تصل قيمتها السوقية إلى نحو 200 تريليون ين (1.78 تريليون دولار) بحسب كيوتا. وسوف تقزّم رسملتها شركة أبل، التي تعتبر اليوم أكبر شركة في العالم والتي تقدر قيمتها السوقية بحوالي 777 مليار دولار. وتتنافس نيويورك ولندن وطوكيو وهونغ كونغ بين عدة بورصات عالمية لجذب اهتمام شركة النفط العملاقة.وفيما تعتبر نيويورك ولندن أكبر المتنافسين لما يتوقع أن يكون أكبر عرض اكتتاب أولي في التاريخ تراهن طوكيو على أن «أرامكو» سوف تدرج حصة على الأقل من أسهمها في آسيا بغية توسيع نطاق المستثمرين. ويقول كيوتا إن اجمالي عرض الاكتتاب الأولي قد يصل الى 10 تريليونات ين «89 تريليون دولار».وفي آسيا، تعتبر هونغ كونغ المنافس الطبيعي لطوكيو لأنها تمكنت خلال العقود الماضية من تأسيس نفسها كوجهة مالية في المنطقة وتزخر بأموال من مستثمرين عالميين. أما طوكيو التي كانت في الماضي مركزاً مالياً لا ينازع مع إدراج أكثر من 120 شركة أجنبية ناجحة ففقدت أرضيتها نتيجة تفجر فقاعة أسعار أصولها في مطلع تسعينات القرن الماضي.
إدراجات طوكيو
ويرجع ارتياح كيوتا إلى أن «أرامكو» أعطت تغذية معلومات إيجابية خلال العديد من الاجتماعات، التي عقدت مع تنفيذيي طوكيو على الرغم من أنهم يتساءلون عن سبب استمرار تراجع عدد الشركات الأجنبية المتداولة في بورصة طوكيو خلال السنوات الماضية وقد انخفض العدد إلى خمس شركات فقط.وقال كيوتا: «منذ تفجر الفقاعة ضعف وجود الاقتصاد الياباني كسوق رسملة بشكل تدريجي، مما جعل تكلفة إدراج حصص هنا بمنزلة هدر للمال. لكن عند إدراج حصص بقيمة تريليون أو اثنين فإن التكلفة سوف تكون صغيرة».وحتى في أيام الذروة استخدمت الشركات الأجنبية إدراج طوكيو على شكل وسيلة لزيادة التعريف بالماركة في المنطقة، وفي أغلب الأحيان عن طريق عرض كميات قليلة من الحصص، بحسب كيوتا. وكان بنك «بي إن بي باريبا» وشركة بوينغ بين الشركات، التي كانت تتداول في بورصة طوكيو ولكنهما خرجتا في 2009 و2008 على التوالي.وقال كيوتا أيضاً، إن شركة «أرامكو» سوف تنأى بنفسها من خلال حجم إدراجها وتمهد السبيل للاعتراف بطوكيو كواحدة من الوجهات «الأكثر تفضيلاً» لعروض الاكتتاب الأولي. وسوف تتوافر سيولة كبيرة للمستثمرين لتداول الأسهم، وذلك بخلاف الحالات السابقة عندما كان إدراج شركة أجنبية في أغلب الأحيان مجرد شكليات بقدر أكبر وليس لتحقيق كمية مجزية من المال.وتمثل أحد الأشياء، التي شدد عليها كيوتا في محادثاته مع شركة النفط العملاقة في إبراز كيفية الوصول إلى المستثمرين بصورة مختلفة عبر طوكيو مقارنة مع أولئك في هونغ كونغ.وأضاف كيوتا أن « الإدراج في نيويورك ولندن ثم في هونغ كونغ يعني السعي إلى الحصول على المال من تجمع المستثمرين أنفسهم أما طوكيو فهي سوق مختلف ولديها الكثير من المال المتوافر ليس عبر المستثمرين التأسيسيين بل من خلال عدد كبير من مستثمري التجزئة».وطوكيو ليست الوحيدة، التي تسعى إلى اجتذاب اهتمام السعودية. وقد كشفت هيئة أسواق المملكة المتحدة يوم الخميس الماضي أنها قد تخفف من متطلبات الإدراج للشركات الخاضعة لدولة ذات سيادة مع محاولة سوق الأسهم في لندن إغراء «أرامكو» للقدوم إلى بريطانيا.ومن المتوقع أن تختار «أرامكو» وجهة عرض اكتتابها الأولي بحلول نهاية هذا العام والاستعداد لأن تصبح شركة مساهمة عامة في فصل الخريف المقبل، بحسب كيوتا. وعلى الرغم من عدم صدور أي وعد حول ما اذا كانت «أرامكو» سوف تختار طوكيو لإدراج أي من أسهمها فإن كيوتا يشعر بأمل. وقد رفضت «أرامكو» التعليق على ذلك. وقال «نحن نتقدم على هونغ كونغ من حيث حجم السوق، وهذه فرصة بالنسبة إلى اليابان لجذب اهتمام عدد من الشركات الأجنبية الكبرى التي تتطلع لأن تصبح شركات مساهمة عامة».