سقط ثلاثة قتلى ومئتا جريح أمس، في احتجاجات جمعة «غضبة الأقصى» التي دعت إليها عدة فصائل فلسطينية رفضاً للإجراءات الإسرائيلية الأمنية الجديدة، التي تضمنت تركيب بوابات إلكترونية للتفتيش عند حرم المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة.

واشتبك الشبان الفلسطينيون مع القوات الإسرائيلية في عدد من المحاور في مدينة القدس الشرقية بعد أداء الآلاف صلاة الجمعة في شوارع المدينة ورفض دخول ثالث الحرمين وأولى القبلتين عبر البوابات الإلكترونية.

Ad

وشهدت منطقة باب المجلس وشارع الزهراء في البلدة القديمة وحي رأس العامود وشارع صلاح الدين اشتباكات تخللها إلقاء الشبان حجارة على القوات الإسرائيلية، التي ردت بإطلاق قنابل صوت وقنابل مسيلة للدموع.

وانتشرت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية في مدخل حي رأس العامود، وأغلقت مدخله بجدار بشري. وهاجمت الشرطة الإسرائيلية بقنابل الصوت وخراطيم المياه مئات الفلسطينيين بعد انتهاء صلاة الجمعة.

وأفاد إمام وخطيب الحرم القدسي الشيخ عكرمة صبري بوقوع ٢٠٠ جريح جراء الاشتباكات في المحاور المتعددة بمدينة القدس.

وذكرت مصادر أن الفتى محمد شرف (17 عاماً) قتل جراء إصابته بعيار ناري في الرقبة خلال مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في منطقة رأس العامود شرق القدس.

وأضافت المصادر أن فتى آخر يدعى محمد أبو غنام قتل متأثراً بإصابته بعيار ناري، خلال مواجهات مماثلة في منطقة رأس الطور في المدينة.

وفي وقت لاحق، أعلنت المصادر وفاة الشاب طارق عاشور من بلدة

أبوديس في القدس متأثراً بإصابته بعيار ناري في القلب.

واستبقت السلطات الإسرائيلية الاحتجاجات، التي دعا إليها الفلسطينيون بمنع الرجال دون سن الخمسين في الأراضي المحتلة عام 48 من دخول البلدة القديمة في القدس الشرقية لأداء الصلاة. كما شنت حملة اعتقالات فجر أمس، طاولت قيادات مقدسية من حركة «فتح» ولجنة أهالي الأسرى المقدسيين.

كما جرت مواجهات في مدينتي الخليل وبيت لحم الفلسطينية، واندلعت مواجهات على حاجز قلنديا العسكري بين مدينتي القدس ورام الله.

إبقاء وتخفيف

وقبل ساعات من اندلاع الاشتباكات رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إزالة البوابات الإلكترونية قبل صلاة الجمعة عقب مشاورات أجراها مع قادة أمنيين وأعضاء في وزارة الأمن الداخلي.

وقال مسؤول إسرائيلي، إن الوزارة «منحت الشرطة تفويضاً لاتخاذ أي قرار لضمان حرية الوصول إلى المناطق المقدسة مع حفظ الأمن والنظام العام».

وأعلنت الشرطة الاسرائيلية أنها ستبقي على البوابات لكشف المعادن، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن لديها صلاحية استخدامها بشكل محدود بناء على تقييمها للوضع وللضرورة.

تمسك فلسطيني

في الأثناء، أكد رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية الشيخ عبدالعظيم سلهب أن الموقف الفلسطيني الرافض لإجراءات الاحتلال بالقدس لن يتغير، وقال إن «موقفنا سيبقى بأن نصلي في أقرب منطقة ممكنة إلى الأقصى، ولن ندخل عبر الآلات «الكاشفة للمعادن».

واعتبر رئيس لجنة المتابعة العربية في إسرائيل محمد بركة، أن «الشرطة تلعب لعبة سياسية لأن القرار أمني، هذا مسعى منهم لاغتيال القدس بعروبتها وفلسطينيتها وإسلاميتها ومسيحيتها».

ورفض بركة الإدعاءات الإسرائيلية بأن المسجد بحاجة للحماية، وقال إن الأقصى بحاجة للحماية «من المحتلين وليس من المصلين».

وفي وقت سابق، دعت المرجعيات الدينية والفصائل الوطنية إلى إغلاق المساجد في القدس والصلاة في البلدة القديمة احتجاجاً على محاولات الاحتلال بحق المسجد الأقصى، ورفضاً لوضع البوبات لتفتيش المسلمين والسماح للمستوطنين اليهود بدخول الحرم القدسي.

ويضم الحرم القدسي المسجد الأقصى وقبة الصخرة. ويعتبر اليهود حائط المبكى (البراق) الواقع أسفل باحة الاقصى آخر بقايا المعبد اليهودي (الهيكل) الذي دمره الرومان عام 70 وهو أقدس الأماكن لديهم.

وتسمح السلطات الإسرائيلية لليهود بزيارة الباحة في أوقات محددة وتحت رقابة صارمة، لكن لا يحق لهم الصلاة هناك. ويستغل يهود متطرفون سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول السياح الأجانب لزيارة الأقصى عبر باب المغاربة، الذي تسيطر عليه، للدخول الى المسجد وممارسة شعائر دينية والمجاهرة بأنهم ينوون بناء الهيكل مكانه.

هنية وعباس

وفي قطاع غزة، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، التي تسيطر على القطاع إسماعيل هنية، في خطبة الجمعة أن «هدفنا أن نحبط مخططات العدو في الأقصى والقدس».

وأضاف «نرفض كل الإجراءات الصهيونية. كل إجراءاتكم ومخططاتكم ستبوء بالفشل ولن تمر».

وأوردت وكالة «وفا»، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قطع زيارته إلى الصين وعاد إلى الأراضي الفلسطينية، تلقى اتصالاً من جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره. وذكرت «وفا»، أن عباس «طالب الإدارة الأميركية والرئيس ترامب بالتدخل العاجل لإلزام إسرائيل بالتراجع عن خطواتها في الأقصى، وبما فيها إزالة البوابات».

تضامن عربي إسلامي

في غضون ذلك، نظمت مسيرات حاشدة في تركيا ولبنان والأردن وباكستان رفضاً للتدابير الإسرائيلية التي جاءت بعد قرار غير مسبوق بإغلاق باحة الأقصى أمام المصلين عقب اشتباك مسلح أسفر عن مقتل 3 من عرب إسرائيل وجنديين إسرائيليين، ما أثار غضب المسلمين وسلطات الأردن، الذي يشرف على المقدسات الإسلامية في القدس.

وشدد وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي عبدالله بن زايد ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، مساء أمس الأول، على ضرورة فتح الأقصى أمام المصلين واحترام إسرائيل الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات.

جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه بن زايد من نظيره الصفدي وبحثا خلاله الجهود المبذولة لإنهاء التوتر في المسجد واستعادة الهدوء وفق أسس تحمي المقدسات وتضمن الأمن والاستقرار فيها.