يمكن القول بجلاء تام ان أسلوب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينطوي على خطأ واضح، ومن المؤكد أن ادارته على وشك نشر تقريرها المتعلق بالمضاعفات الخاصة بالأمن القومي في قضية مستوردات الصلب.

وكان الرئيس الأميركي اشتكى منذ أيام مجدداً من قضية إغراق الأسواق الأميركية بالصلب، كما تحدث عن الحاجة الى فرض تعرفة أو مخصصات، وقال: "ربما سوف أقدم على هاتين الخطوتين معاً".

Ad

وتجدر الاشارة الى أن أي واحدة من هاتين الفكرتين سوف تكون سيئة ومروعة، وسوف تفضي التعرفة الى معاقبة المصنعين الأميركيين وتعرض للخطر فرص العمل والنمو الاقتصادي، كما أنها سوف ترفع من دون حاجة أسعار المستهلكين وترهق المصدرين الأميركيين من خلال دعوة الدول الاخرى الى اتخاذ خطوات انتقامية وتقوض بالتالي النظام العالمي المتعلق بحل النزاعات التجارية. وسوف تحقق مخصصات الاستيراد كل الجوانب التي وردت أعلاه من دون زيادة الدخل ومع جرعة اضافية من التعقيدات الادارية.

ثم إن مثل هذه الإجراءات لن تعيد معدلات الوظائف، كما أنه على الرغم من أن وظائف الصلب شهدت ترجعاً منذ فترة طويلة غير أن ذلك يرجع الى التقدم التقني لا إلى التباين التجاري. وكانت المرة الأخيرة التي فرضت فيها الولايات المتحدة تعرفات صلب واسعة – في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش في سنة 2002 – قد أفضت الى تراجع الزيادة في الأسعار وإلى خسارة 200 ألف وظيفة و4 مليارات دولار في الأجور، ومن هذا المنطلق يتعين علينا ألا نتوقع حصيلة أفضل في هذه المرة.

وبالمثل فإن الفكرة القائلة بأن خطوات الحماية هذه تعتبر ضرورية من أجل الأمن القومي هي طرح يتسم بالغرابة والسخف، لأن 3 في المئة فقط من الانتاج المحلي في الصلب تذهب في الوقت الراهن الى شؤون الدفاع أو الأمن الداخلي.

وبينما تأتي أكثرية المستوردات من دول حليفة مثل كندا وكوريا الجنوبية فإن طرح قضية الأمن القومي على هذا الأساس الضعيف انما يشجع الشركاء التجاريين على عمل الشيء نفسه، وفي الكثير من المنتجات الاخرى اضافة الى الصلب.

كما أن مثل هذه الاجراءات لن تقدم الكثير من أجل تغيير سلوك الصين بحسب مزاعم ترامب في أكثر من مناسبة، وقد تكون الصين تدعم بصورة غير عادلة منتجي الصلب الصينيين ولكن في ضوء النسبة البسيطة من صادرات الصين من الصلب الى الولايات المتحدة فإن التعرفة العريضة والمخصصات لن تعمل الكثير على شكل رادع لبكين.

والطريقة الأفضل من أجل معالجة المعونات غير العادلة تتمثل في الاستمرار في فرض عقوبات وإبقاء الضغوط على الصين في منظمة التجارة الدولية، كما فعلت الولايات المتحدة بصورة ناجحة طوال سنوات.

وسوف تكون إجراءات ترامب الحمائية مضللة من الوجهة الاقتصادية وتفضي الى هزيمة ذاتية على الصعيد الاستراتيجي، ولهذا السبب فإن هذه الخطوات قوبلت بمعارضة من قبل معظم أوساط الصناعة في الولايات المتحدة ومعظم وزراء ادارة ترامب وكل خبير اقتصادي مشهور، وإذا صمم ترامب على المضي في خطته فإنها سوف تكون أكبر خطأ يرتكبه في ميدان السياسة الاقتصادية حتى الآن.