إجابة مستحقة لـ «تساؤل في محله»
رداً على مقال «تساؤل في محله» للسفير يوسف عبدالله العنيزي، الذي نشرته «الجريدة» على صفحة «زوايا ورؤى» بعددها الصادر الثلاثاء 11 يوليو الجاري، بعثت أ. د. ميمونة خليفة الصباح، هذا الكتاب، طالبة نشره في نفس المكان، وفيما يلي نص ردها:
"سعادة السفير يوسف عبدالله العنيزي، يسعدني الإجابة عن تساؤلكم الذي اعتقدتم أنه في محله حول رئاسة لجنة إعادة دراسة نشأة الكويت، علماً بأن لجنة الدراسة المطلوب إعادتها لم تكن الأولى؛ فقد تشرفتُ بتكليف من معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح وزير شؤون الديوان الأميري العامر، بتشكيل لجنة من المختصين بتاريخ الكويت، وبالفعل تشكلت اللجنة من المختصين بتاريخ الكويت برئاستي، وأصدر فيها معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد قراراً، على أن تنتهي الدراسة بمؤتمر إقليمي تحت رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلا أن كثرة مشاغل معالي الشيخ ناصر وسفراته العملية الكثيرة حالت دون تحقق الهدف نحو اعتماد تاريخ نشأة الكويت، بالرغم من أن اللجنة كانت ستعتمد دراستي المزودة بالوثائق، حيث كنت أول من تناول هذا الموضوع الهام اعتماداً على الوثائق، فصدرت أول دراسة لي عن نشأة الكويت وتطورها السياسي والاقتصادي في مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية عام 1986م، التي كان يرأسها أ. د. عبدالله الغنيم، ثم واصلت البحث حول الموضوع فأصدرت الدراسة في الفصل الثاني من الطبعة الأولى من كتابي (الكويت حضارة وتاريخ) عام 1989م الذي ضم دراسات محكمة ومنشورة في مجلات علمية، وواصلت تنقيح وإضافة ما أتوصل إليه من وثائق في بحثي، إلى أن أثبتُّ من خلال الأدلة الوثائقية والمادية نشأة الكويت عام 1022هـ، 1613م، علماً بأن وثيقة بيان حدود للشيخ مبارك الصباح كانت عندي منذ كنت أعد لرسالة الماجستير، إلا أن موضوع رسالتي كان العلاقات الكويتية النجدية، أي ليس لتلك الوثيقة الهامة أي علاقة به، ولكني عرضتها وشرحت محتواها ومناسبتها في لقاء تلفزيوني، فقد أرسل الشيخ مبارك هذا البيان للدولة العثمانية التي طلبت من وكيل الشيخ في البصرة عبدالعزيز السالم القناعي سؤال الشيخ عما يراه عن حدوده مع ولاية البصرة العثمانية، وذلك خلال المفاوضات الجارية بينها وبين بريطانيا لتسوية خلافاتهما، والتي بدأت عام 1911م، وانتهت 1913م بالاتفاقية الإنكليزية التركية، وحددت فيها حدود الكويت في المواد من 5 - 7.وفي مساعيَّ المتواصلة للوصول إلى ما يثبت تاريخ نشأة الكويت في التاريخ الحديث، بحثت عن أدلة تسند بيان الحدود الذي استهله الشيخ مبارك الصباح بأن الكويت أرض قفراء نزلها جدنا صباح عام 1022هـ، الموافق 1613م، والحمد لله توصلت إلى ما دعمني في اعتماد هذا التاريخ لنشأة الكويت الذي جاء في (بيان حدود) للشيخ مبارك.أعود للإجابة عن تساؤلك: أين معالي الدكتور عبدالله الغنيم من عضوية أو رئاسة اللجنة؟ فأوضح أن أ. د. عبدالله الغنيم أخ عزيز، وقد تشرفت بانضمامي إلى لجنة الرد على الادعاءات العراقية استجابة لدعوته الكريمة لي، ونحن في الطائف، والتي ضمت كبار المختصين في التاريخ والجغرافيا والقانون، واتخذت مقراً لها معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، وصدر عن هذه اللجنة عدة كتب، أولها كتاب (الكويت وجوداً وحدوداً)، والذي تشرفت بالمساهمة فيه بالجانب التاريخي، اعتماداً على دراساتي المحكمة والمنشورة في مجلات علمية، وشهد بذلك مشكوراً أ. د. عبدالله الغنيم، وتعددت الدراسات كما تطورت اللجنة، وأخذت أسماء متعددة وصدر بتشكيلها مرسوم أميري ضم، إلى جانب المشاركين الأوائل، متخصصين آخرين من الكويتيين حتى تولد عنها مركز البحوث والدراسات الكويتية، ومازلت عضو مجلس إدارة في المركز.
إن جهود معالي الأستاذ الدكتور عبدالله الغنيم مشكورة ومقدرة على كافة الصُّعُد الرسمية والشعبية، وكذلك أعمال مركز البحوث والدراسات الكويتية الذي تصدى لخدمة قضايا الكويت في كل المجالات، وكنت دائماً أردد في مجلس إدارة المركز الإشادة بهذه الجهود، وأبدي استعدادي للمساهمة فيما يطلب مني ضمن تخصصي، ولا ينكر ما يقدمه المركز برئاسة أ. د. عبدالله الغنيم، إلا الجاحد، ونحن إن شاء الله أوفياء. ودليل تقدير الدولة للمركز هذا الدعم المتواصل بتوفير ميزانية مستحقة ومبنى ضخم يستوعب كل احتياجات المركز وأعماله.ولكن تقدير المركز وعطائه برئاسة أ. د. عبدالله الغنيم لا يعني إلغاء دور المؤسسات العلمية المتخصصة مثل جامعة الكويت ومعهد الأبحاث العلمية وغيرها، وجهود الباحثين في مجالاتهم، سواء نشرت أبحاثهم بواسطة المركز أو الجامعة أو غيرهما من المؤسسات العلمية.وبالنسبة إلى موضوع النشأة، فقد ترأست اللجنة المشار إليها آنفاً، والتي كلفت بتشكيلها من معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد، ثم طلب أ. د. عبدالله الغنيم من أ. د. حياة ناصر الحجي- التي شغلت منصب عميد كلية الآداب بعد انتهاء مدة عمادتي للكلية - تشكيل لجنة من المختصين لإعداد دراسة عن نشأة الكويت، وهي الدراسة التي أعادها مجلس الوزراء ليتم إعداد دراسة مكتملة مزودة بالوثائق والخرائط، وكلف مجلس الوزراء وزير التربية وزير التعليم العالي ومركز البحوث والدراسات الكويتية والمجلس الوطني، وقد قام وزير التربية بما كلف به، ودعا مدير الجامعة لتشكيل لجنة من المختصين في قسم التاريخ لإعداد الدراسة، وبالفعل تشكلت اللجنة برئاستي لكوني أول من تصدى للبحث في هذا الموضوع - كما ذكرت آنفاً وهو أمر داخلي ضمن جامعة الكويت واللجنة المشكلة في قسم التاريخ- وعضوية أ. د. فتوح، والتي اعتذرت بعد الاجتمـاع الأول لظروفها الخاصة، وأ.د. بنيان تركي، وأ. د. عبدالله محمد الهاجري، وبعد عدة اجتماعات درست اللجنة دراستي واعتمدتها وصدرت بعنوان: "الكويت حضارة ونشأة" مزودة بالكثير من الوثائق والمخطوطات والأدلة المادية من مساجد وغيرها وشهادات الرحالين والخرائط الأولى، وبدأتها بدراسة مختصرة للمواقع الحضارية في التاريخ القديم والتاريخ الإسلامي.ولما كان تكليف مجلس الوزراء لوزير التربية وزير التعليم العالي بتشكيل اللجنة من قسم التاريخ في جامعة الكويت، وتم تشكيلها واعتمادها برئاستي، فكان لابد من رفع الدراسة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء بواسطته، وهذا ما حصل، حيث أرسلها إلى سموه بكتاب موجه مني لسموه، وتم تحديد موعد للجنة لمقابلة سموه، وتقديم الكتاب بصورة رسمية، فمن كلفنا هو الوزير، ولم يأتنا أي تكليف أو طلب من الأخ أ. د. عبدالله الغنيم، بل على العكس، فقد وصلني من معالي الوزير السابق الشيخ سلمان صباح الحمود الصباح كتاب مجلس الوزراء مشكوراً، ولكننا التزمنا بالتوجيه الرسمي بأن ترسل الدراسة عن طريق وزير التربية وزير التعليم العالي، وهذا ما حصل.وقبل أن أختم كتابي أنوه بكل موضوعية بجهد معالي الدكتور يعقوب يوسف الغنيم، الذي تناول هذا الموضوع، ونجح بتحليل الوثائق وتوصل إلى نفس التاريخ لنشأة الكويت 1022هـ - 1613م.أتمنى أن أكون قد أجبت عن تساؤلكم، سعادة السفير يوسف عبدالله العنيزي... والله الموفق إلى سواء السبيل".