والله ابتلشنا فيكم!
تنافسكم المزعوم على الجنة يفسد علينا دنيانا، فلا يمكن لعاقل تصديق أن صراعكم المحموم ليس إلا دفاعاً خالصاً لوجه الله عن دينه، بهدف بلوغ حسن الخاتمة وضمان الآخرة فقط. والأدهى أن كل منكم يصور شهوته بالسيطرة والتحكم بالآخر وكأنها حرص منه على التطبيق السليم للدين، وخوف على الآخر من نار جهنم، وترغيب له في الجنة التي يعتقد أنه ضمنها، ولم يتبقَّ له إلا اختيار مرافقيه فيها! وككل المأزومين والمُبرمَجين تخربون حياتنا وأنتم واثقون بيقين لا يداخله شك أنكم تُسدون لنا خدمة عظيمة، لا نريدها ولم نطلبها، وأنكم الأدرى بمصالحنا التي لا يعلمها ولا يفهمها أحد سواكم... حياتنا ومصالحنا نحن، وأنتم الأعلم بها!قسمتم أنفسكم إلى فريقين، وتنافستم علينا، وجعلتمونا مناطق لممارسة نفوذكم المريض، فريق يبرر ويدافع عن داعش والقاعدة وجميع أشكال التطرف السني، وآخر عن حزب الله والحشد الشعبي وكل نماذج التطرف الشيعي، شديد العقاب هنا غفوراً رحيماً هناك، رغم أن الجريمة لا دين ولا مذهب لها، ومهما كبرت مصطلحات كل فريق في دعم فريقه وتأصيل موقفه وصحة خياراته فإنك بالنهاية، مهما حاولت بلعها، لن تجدها تخرج عن منطلقات التشجيع الرياضي المتحمس، وليس التحليل السياسي الهادف للفهم أو الوصول للمصلحة.
هذه أحزاب وجماعات لم تستطع توفير العيش الكريم والحياة الطيبة في مواطنها الأصلية، وهما غاية الأفكار والأيدلوجيات كما يفترض، وكلنا يتذكر شكل الحياة في كابول -إن صحت تسميتها حياة- أيام حكم طالبان، والتي لا أظنها تحسنت كثيراً الآن بفضل بركات الجماعات ذاتها، أو في الموصل خلال السنوات القليلة الماضية، لا أعادها الله، ولا أظن بالمقابل أن إيران ذات الأنهار المائية والنفطية، وبعد نحو ٤٠ عاماً من قيام الثورة، استطاعت خلق نموذج يوفر حياة كريمة لمواطنيها يستحق الاقتداء به والسعي لاستنساخه أو التبعية له، فمازال حلم الكثيرين من أبنائها منذ أيام الشاه الهروب والهجرة للشط الآخر، ومازلت ترى "الإيراني الفارسي الأصلي" يتسلل للكويت، وغاية مناه أن يعمل في بقالة ليوفر حياة شبه كريمة لأهله في بلده ذات المبادئ الكبيرة العابرة للحدود، فوصل إلينا الهاربون من تلك الأفكار، قبل الأفكار ذاتها، ثم تأتي حضرتك تريد تطبيق خطط ومبادئ دولة يحسدك أهلها، بل ويهربون منها لبلدك، بحثاً عن أكل العيش بحدِّه الأدنى، وحين تحبط مخططاتك تهرب من وطنك و"رايح" تعيش وتشتغل وتقضي بقية أيامك في إيران الطاردة! بألف سلامة، ولن أكرر الكلام المبتذل عن حب الأوطان ودولة القانون واحترام الأحكام القضائية وإلى آخره من موشحات لغوية، ولكن على الأقل: هل فكرت وأنت "كويتي لاجئ"، ولن أقول "هارب"، بمستوى المعاملة والعمل والحياة المتوقع أن ينتظرك هناك؟ يا ليتك سألت قبلها العائدين من كابول والموصل وسورية.اعتدلوا واعقلوا، يرحمكم الله.