قال تقرير الشال الاسبوعي إن وزارة المالية أصدرت بياناً فيه رد على تضخم حساب العهد، أو المتعارف على تسميته «مصروفات من دون مستندات»، والرقم ضخم ويبلغ وفقاً للحساب الختامي للسنة المالية 2015/2016 نحو 3.822 مليارات دينار، أو نحو 19.2 في المئة من حجم اعتمادات الموازنة العامة الضخمة للسنة المالية 2017/2018.وأضاف التقرير: «من الطيب أن تصدر وزارة المالية بياناً فيه تفصيل لهذه المبالغ، وأن تؤكد أنها مصروفات بمستندات وإن تأخرت، ولكن تسويتها تخلفت لمبررات مختلفة. لكن ما هو غير طيب، هو أن هناك خللا في النظام المحاسبي والرقابي للموازنة العامة ليسمح بضخامة تلك المبالغ ونموها بدلاً من انخفاضها.
وتابع: «تفاصيل الرقم وفقاً للبيان، عبارة عن إجماليات، وذلك لا يكفي لوقف تساؤلات الناس حول سلامتها، أو على الأقل دقتها، وذكر البيان أمثلة سنعرض للبعض منها من زاوية التأكيد على عدم كفاية تفاصيلها. أكبر الأرقام يبلغ نحو 1.496 مليار دينار، وتلك مبالغ تم تحويلها لجهات تابعة في الخارج، وتشمل البعثات التمثيلية، والمكاتب الصحية والثقافية والعسكرية، وبعض هذه الجهات تحديداً مكان شبهة. ويفترض من باب الدقة، تقديم بيانات تفصيلية عن كل جهة ضمنها، وذلك ما يسمح بوزن الحجم والمدى الزمني للتأخير لكل جهة، ومبرراته، ويفتح طريق المساءلة إن كان هناك ما يستحق المساءلة. المبلغ الكبير الآخر هو 951.3 مليون دينار، وهو إجمالي عهد مصروفات تحت تسويتها على بنود مصروفات السنة المالية 2015/2016 فقط، ومن المرجح أنه بعد مرور سنة وربع السنة على ظهور تلك البنود، لم توافق وزارة المالية على قيدها في حساب العهد، وذلك يمثل تسيبا وضعفا في النظام المحاسبي. أما إن كان بعضها خاصا بنفقات لسنوات لاحقة وفقاً للعقود المبرمة مع الجهات الحكومية، فيفترض أن يعتمد في كل موازنة، أي كل سنة مالية، ما هو مستحق للسنة المالية الجارية فقط، ولا عذر في قيد التزامات تم تأخير سدادها لجهات حكومية، مثل متأخرات سداد دعم الوقود أو المشتقات البترولية». واسترسل: «ثالث المبالغ الكبرى هو عهد مبالغ تحت التحصيل للسنة المالية 2015/2016، والبالغ 761.3 مليون دينار، ويمثل سداد مبالغ، والتأخر في تحصيل المستحقات مقابلها لصندوقي شراء الود السياسي، أو صندوقي المتعثرين والأسرة، والمؤكد أن ذلك يمثل ضعفا في كفاءة نظام التحصيل». وشدد «الشال»: «لسنا بصدد القيام بعملية حصر. ولكن، إن كانت النوايا صحيحة، والوزارة ماضية في تحقيق شعارها القائل: (نعمل أن نكون منظمة حكومية عصرية... أكثر احترافية)- وفي فقرة أخرى سوف نعرض لشفافية واحترافية وزارة المالية النرويجية- فالمطلوب، إلى جانب نشر كل التفاصيل ضمن الأرقام الإجمالية سالفة الذكر، هو ببساطة وضع برنامج زمني لتسوية هذه المبالغ. ونقصد هنا إعلان موعد، وليكن نهاية السنة المالية الحالية، لخفض المبالغ بنحو 50 في المئة، ثم نسب خفض أخرى متفاوتة لكل فترة زمنية تليها، والمبلغ بالتأكيد لن يصبح صفرا، ولكن، لابد أن يهبط إلى دون المليار دينار بكثير».
لنتعلم من الموازنة النرويجية
قال تقرير «الشال»، إننا «لسنا في مجال مقارنة ما بين موازنات دولنا وموازنة النرويج، لا من حيث مصادر التمويل وكفاءة الإنفاق، ولا مستوى الشفافية، ولكن من حقنا أن نأمل أن نرتقي تدريجياً إلى ذلك المستوى، فهم لم يفعلوا أكثر من تبني كل مبادئ علم المالية العامة، مقرونة بأعلى درجات الشفافية». وأضاف أن «المبادئ العامة لعلم المالية المطبقة لديهم هي، أن الموازنة العامة هي كل إيرادات ومصروفات الدولة، وأن بيع أصل خام - النفط- هو استبدال أصل وليس إيراداً، وأن الإيرادات العامة المعتمدة لتمويل النفقات العامة كلها حصيلة نشاط اقتصادي مستدام، وأن كل المعلومات حق للدولة - لا الحكومة- ومن حق كل مواطن - وغير مواطن- أن يطلع عليها كاملة». ووضع «الشال» في جدول واحد، ملخصاً ليس فقط لأرقام الموازنة العامة، إنما فلسفتها المذكورة، وأرقام وأداء صندوقها السيادي، وملخص الجدول كالتالي:وذكر التقرير أن هذا العرض لأرقام الموازنة يرافق جداول ورسومات تفصيلية فيها أكثر كثيراً من حاجة أي راسم سياسة أو باحث، ومتاحة للجميع، ولا نفقات ولا إيرادات خارج هذه الأيام، ومثل هذا العرض المحترف لا يتيح مجالاً لتساؤل أو شك. ذلك لا يعني أن عرضاً وشفافية بهذا المستوى هو المطلوب أو المحتمل لموازنتنا، والطريق حتماً طويل حتى بلوغ هذا المستوى، ولكن اختصار هذا الطريق ممكن، والواقع أن خيارات الأفراد والدول لتحسين مستويات أدائها في أي مجال، هي إما الوعي أو الضغوط، ونعتقد أن تزاوج الاثنين حالياً يفترض أن يختصر كثيراً من الطريق إلى مرحلة الاحتراف الحقيقي، ونأمل أن تحقق وزارة المالية الكويتية هدفها المعلن.