على الرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها بنك الكويت المركزي لضبط عملية الاقتراض وبقائها ضمن معدلاتها الطبيعية والمقبولة، تلافيا للمضار التي يمكن أن تنجم عن التوسع في الإقراض، خصوصا الأسهم، كشفت مصادر مطلعة لـ "الجريدة" أن التمويل الموجه لشراء الأسهم سجل نموا جيدا منذ بداية العام الحالي، حيث تجاوز في بعض الأشهر أكثر من 200 مليون دينار ليقارب قيمته الإجمالية نحو 3 مليارات دينار في مارس الماضي.وذكرت المصادر أن خطوات بنك الكويت المركزي في التشديد على ضرورة توفير الفواتير الخاصة بمواطن طرف القروض الممنوحة، إلا أن ذلك لم يمنع بعض التحايلات على ذلك بتوجيه بعض القروض، سواء الاستهلاكية والشخصية أو التجارية أو الصناعية، وكذلك قروض الإسكان وغيرها التي توجه للمضاربة في الأسهم.
وقالت إن البنوك المحلية على قدر كبير من الحذر، وأن تعليمات البنك المركزي واضحة في ما يخص منح القروض والبنوك ليس أمامها من خيار سوى الالتزام بتلك التعليمات لمصلحتها ولمصلحة عملائها والسوق ايضا، لكن ليس بمقدور البنوك فرض السيطرة الكاملة على جميع أنواع القروض التي تمنحها لعملائها، إذا ربما يمكن استخدام القرض الاستهلاكي أو جزء منه للمضاربة في الأسهم، مشيرة الى أن البنوك تتشدد في طلب الضمانات اللازمة التي تحقق الوفاء بمبلغ القرض في المدة الزمنية المطلوبة.وأضافت أن البنوك أصبحت أكثرا تشددا في تقديم الضمانات مقابل الأسهم، لاسيما في الوضع الراهن لسوق الأوراق المالية، حيث توجد قائمة أسهم محددة تقبل البنوك رهنها مقابل منح تسهيلات ائتمانية، وتلك لا تتعدى 20 سهما، بينما هناك شريحة أخرى من الأسهم لا تقبل بعض البنوك رهنها.في سياق آخر، فإن غالبية التسهيلات موجهة لأسهم ممتازة، ومن بينها أسهم مصارف وشركات تشغيلية مدرة ومعروف عنها التوزيع النقدي سنويا وليس للمضاربات.
شد وجذب
وأشارت المصادر الى أن علاقة شد وجذب بين البورصة والبنوك، إذا ما شهد السوق تحسنا ملموسا في أدائه شهدت القروض نشاطا ملموسا، وارتفعت حرارة الطلب على الاقتراض، إذ تتدفق السيولة الى البنوك في حال تراجع أداء مؤشرات السوق، ليرتفع مؤشر الودائع الى ذروته، بغض النظر عن العائد المأمول أو المنتظر، لأن الأهم بالنسبة إلى العملاء هو المحافظة على رأس المال، وضمان الحصول عليه في أي وقت كون الوديعة تختلف عن الأوراق المالية، ومتى ما استقرت أوضاع الأسواق المالية في الإمكان العودة اليه مرة أخرى.وأفادت بأن البنوك تعد مصدرا رئيسا وأساسيا للتمويل، سواء لكبار المستثمرين أفرادا ومؤسسات، أو صغار المتعاملين، لافتة الى أنه غالبا ما تكون كلفة التمويل أقل من عوائد السوق ويكاد يكون هذا العامل هو الأكثر تشجيعا على اللجوء إلى الاقتراض لتمويل الاستثمار في السوق، او الدخول إليه.ويقول مصدر مصرفي إن توجيه أعلى نسبة من القروض للاستثمار في البورصة كانت خلال شهر مارس الماضي، وزاد في شهر فقط نحو 183 مليونا بين فبراير ومارس، من 2.688 الى 2.871 مليار، لافتا الى أن حجم السيولة اللافت خلال الأشهر القليلة الماضية يعكس حجم التدفقات النقدية الموجهة من الأفراد الى السوق.نشاط ملحوظ
وأضاف المصدر أن ثمة نشاطا لتأسيس بعض الصناديق الاستثمارية الجديدة وإن كانت قليلة، في حين هناك زيادة طفيفة في حجم الأصول المدارة لدى شركات الاستثمار، حيث بلغت نحو 10 مليارات دينار في نهاية عام 2016، إضافة الى تجديد فترات العمل ببعض الصناديق، الأمر الذي يشير الى لجوء عشرات الشركات في قطاعات مختلفة، مدرجة وغير مدرجة للحصول على قنوات وخطوط تمويل من المصارف، يهدف الاستفادة من استقرار السوق نسبيا في هذه المرحلة.3.6 مليارات دينار
وقال مدير استثمار بنهاية فترة الأشهر الستة الأولى من 2017: بلغ حجم السيولة الإجمالية نحو 3.6 مليارات دينار، ارتفاعا من 1.6 مليار في الفترة ذاتها من 2016، بنسبة ارتفاع 125 في المئة. وتعد هذه القيمة الأعلى منذ عام 2014. وأضاف أن من أبرز العوامل المؤثرة في نشاط البورصة بالنصف الأول، إتمام صفقة الاستحواذ الالزامي - المرحلة الثانية - على 30.5 في المئة من أسهم شركة أمريكانا لمصلحة شركة "أدبتيو" البالغة قيمتها 325 مليون دينار في مارس الماضي، الأمر الذي عزز نشاط السوق، وساهم في تعزيز مستويات السيولة.تراجع العقار
وأشار الى أن الهدوء الذي يسيطر على سوق العقار يؤدي الى التركيز على الاستثمار في سوق الأسهم، على اعتبار أنه أحد أهم القنوات المستقطبة لرؤوس الأموال، حيث إن القيمة الإجمالية للعقارات المتداولة في يونيو 2017 كانت أقل من تلك التي تداولها في يونيو 2016 بنسبة 13 في المئة، وبتراجع بواقع 26.9 مليون دينار، حيث انخفضت القيمة الإجمالية للعقارات المتداولة من 204.3 ملايين دينار في يونيو 2016 الى 177.4 مليونا في يونيو 2017، ما يعد مؤشرا جديدا للبحث عن قناة استثمارية لتحقيق عائد أفضل.خطوات ملموسة
تجدر الإشارة الى أن الخطوات الملوسة التي عملت عليها هيئة أسواق المال وشركة بورصة الكويت للأوراق المالية والأخرى التي تنوي تنفيذها خلال الفترة المقبلة ساهمت في استقرار سوق الأسهم، ومن هذه المبادرات ما تمثل في إطلاق نظام الصفقات الخاصة وإقرار الأطر التنظيمية لنظام صانع السوق والريبو والبيع على المكشوف تغيير وحدات التغير السعري التي تم العمل بها منذ 21 مايو الماضي، وأصبحت (0.1 فلس للسهم الذي يتراوح سعره بين 0.1 و100.9 فلس، و1 فلس للسهم الذي يتجاوز سعره 101 فلس، مشيرة الى أن هناك خطوات مقبلة ستعمل على زيادة معدلات السيولة مثل تقسيم السوق المالي، استحداث سوق خارج المنصة (otc)، فضلا عن إعداد منصة تداول الكترونية للأوراق المالية والاستثمارية (أسهم غير مدرجة، سندات وصكوك، privateequity).