تعرضت مناطق عدة في الغوطة الشرقية، آخر أبرز معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، لغارات جوية وقصف من قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، صباح أمس، رغم دخول وقف الأعمال القتالية يومه الثاني.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام استهدفت اطراف بلدة عين ترما، بست غارات على الأقل منذ ساعات الصباح. كما نفذت غارتين على وسط وأطراف مدينة دوما». وطالت قذيفة أطلقتها قوات النظام، أمس، بحسب المرصد، أطراف مدينة جسرين، غداة قذائف وصواريخ استهدفت، السبت بعد سريان الهدنة، مناطق عدة أبرزها عين ترما ومدينة حرستا. ولم يسجل المرصد اي خسائر بشرية.

Ad

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن «قصف قوات النظام يعد خرقاً لوقف اطلاق النار»، نافياً «وجود اي من الفصائل الجهادية في المناطق التي طالها القصف».

وبدأ ظهر أمس الأول تطبيق وقف للأعمال القتالية في منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق، بعد ساعات من اعلان روسيا الاتفاق على آليات لتطبيق هذه الهدنة.

لكن الجيش السوري أعلن، في بيان، سريان وقف الاعمال القتالية في «عدد من مناطق الغوطة الشرقية» من دون ان يسمي المناطق غير المشمولة بالهدنة.

وتخوض قوات النظام منذ اسابيع معارك على اطراف عين ترما التي تسيطر عليها فصائل معارضة في محاولة للتقدم الى المنطقة الفاصلة بين البلدة وحي جوبر في شرق دمشق، الذي يسيطر المقاتلون على اجزاء منه.

وتحاصر قوات النظام وحلفاؤها منطقة الغوطة الشرقية منذ اكثر من اربع سنوات. وغالبا ما شكلت هدفاً لعملياتها العسكرية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان أمس الأول، «التوقيع على اتفاقات حول آلية عمل منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية»، بناء على محادثات جرت في القاهرة وضمت «مسؤولين من وزارة الدفاع الروسية والمعارضة السورية المعتدلة تحت رعاية الجانب المصري».

ووقعت الأطراف، بحسب البيان، اتفاقات تم بموجبها «تحديد حدود مناطق خفض التصعيد، وكذلك مناطق الانتشار وحجم قوات مراقبة خفض التصعيد». كما وافقت على اعتماد «طرق لايصال المساعدات الانسانية الى السكان وتأمين حرية التحرك للمقيمين».

ووقع «جيش الاسلام» الاتفاق، في وقت رحب «فيلق الرحمن»، احد ابرز الفصائل، به، واعتبره «امتداداً لاتفاق وقف اطلاق النار في جنوب غرب سورية»، في اشارة الى هدنة بدأ تطبيقها في التاسع من الشهر الحالي في محافظات درعا والسويداء والقنيطرة.

وتشكل الغوطة الشرقية وجنوب سورية منطقتين من اربع مناطق نص عليها اتفاق «خفض التصعيد» الذي وقعته كل من روسيا وايران حليفتا النظام وتركيا الداعمة للمعارضة في استانة في مايو.

وينص الاتفاق بشكل رئيسي على وقف الاعمال القتالية بين قوات النظام والفصائل المعارضة ووقف الغارات الجوية وادخال مساعدات انسانية، الا ان الخلاف حول الجهات التي ستراقب وقف اطلاق النار وآلية عملها أخرت تطبيق الاتفاق.

ونفى مصدر مسؤول في المعارضة السورية لـ «العربية.نت» السعودية، أمس، وجود أي بند ينص على إدخال قوات فصل «مصرية أو روسية» إلى الغوطة الشرقية في ريف دمشق، مؤكداً أن الاتفاق يشمل «فيلق الرحمن»، الذي يعمل على تحضير التوقيع للاتفاق مع روسيا أيضاً.

ونفى المصدر أي وساطة مصرية لحث «جيش الإسلام» على الدخول في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع النظام السوري، موضحا أن النظام السوري لم يكن حاضراً خلال المباحثات التي جرت في القاهرة.

وقال: «وقعنا مع روسيا فقط، ولم نوقع مع النظام السوري الذي يبدو أنه لا يريد الهدنة»، مشيرا إلى أن الاتفاق ينص على وجود قوات مراقبة تشمل شرطة روسية تنتشر على أطراف الغوطة (لا يتجاوز عددها الـ 100 عنصر)، وإلى أن الاتفاق «مكمل لاتفاق هدنة الجنوب».

ورفض الناطق باسم الخارجية، أحمد أبوزيد، في تصريحات لـ»الجريدة» إعطاء تفاصيل اتفاق الهدنة، مكتفيا بالقول: «مصر حريصة منذ اليوم الأول من الأزمة على حقن دماء الأشقاء في سورية والتوصل لحل سياسي للأزمة»، في حين أشار سفير مصر الأسبق في موسكو، عزت سعد، لـ»الجريدة»، إلى أن مصر منفتحة على بعض قوى الأزمة، واستضافت في النصف الأول من 2015، جولتي تفاوض مع فصائل سورية معارضة.

في سياق آخر، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ووحدة الإعلام الحربي التابعة لجماعة حزب الله اللبنانية، إن القوات الحكومية السورية وحلفاءها انتزعوا السيطرة على أراض من تنظيم «داعش» في ريف جنوب شرق مدينة الرقة معقل التنظيم، وذلك بعد ضربات جوية بالمنطقة. وأضاف المرصد ووحدة الإعلام الحربي أن القوات السورية تقدمت باتجاه الحدود بين محافظتي الرقة ودير الزور في وقت متأخر ليل السبت-الأحد. وسيطر الجيش أثناء التقدم على حقل نفطي بمنطقة السبخة.

ومن النادر أن تتقدم القوات السورية في هذه المنطقة التي تقع بالقرب من أراض يسيطر عليها تحالف «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) المتحالف مع واشنطن الذي يهيمن عليه الأكراد ويحارب «داعش» بشكل منفرد. وبذلك تقترب القوات الحكومية أيضا من دير الزور وهي معقل آخر للتنظيم المتشدد.

وأثارت حوادث بين الجيش السوري و«قسد» الشهر الماضي التوتر بين واشنطن من جهة ودمشق وحليفتها موسكو من جهة أخرى.

وأكد المسؤول الثاني في التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، ضد الجهاديين الجنرال روبرت جونز، أمس، أن مهمة التحالف لن تنتهي في سورية بعد طرد مقاتلي «داعش» من الرقة، أبرز معاقلهم في هذا البلد.

وصرح جونز للصحافيين، خلال زيارته مدينة عين عيسى في محافظة الرقة (شمال)، بأن «داعش لن يهزم مع تحرير الرقة»، مضيفا: «بوصفنا تحالفا دوليا، نعلم بأن عملا أكبر ينتظرنا هنا في سورية».

وتابع أن «قوات سورية الديمقراطية أثبتت أنها شريك جدير بالثقة في التصدي لداعش، وسنواصل التعاون معها لإلحاق هزيمة نهائية بداعش».

وسئل جونز عن صعوبات الهجوم بالرقة، فاكتفى بالقول ان «معركة الرقة لم تكن أكثر صعوبة من المتوقع».

وأضاف «لا نتوقع حاليا (...) طلب تعزيزات»، مكررا حرص التحالف على «حماية المدنيين» الذين تحاصرهم المعارك.

إلى ذلك، سيطرت، أمس، "هيئة تحرير الشام"، وهي ائتلاف فصائل جهادية أبرزها "فتح الشام" (جبهة النصرة سابقا) على مدينة إدلب في شمال غرب سورية بعد انسحاب فصيل "حركة احرار الشام"، وباتت تسيطر على المدينة واداراتها.