التشكيلية هدى عبد المنعم: لوحات «خيال إفريقي» تستلهم التراث العربي
معارض ومشاركات فنية عدة، حفلت بها مسيرة الفنانة التشكيلية المصرية هدى عبد المنعم، من بينها «خيال إفريقي، ولوحة لكل بيت، وأبيض وأسود». وتراوح إبداعها بين استلهام التراث العربي والإفريقي، والتعبير عن خصائص البيئة الساحلية، والسير على خطى رواد التشكيل في موطنها «الإسكندرية» كمحمود سعيد، وسيف وانلي، وعصمت داوستاشي، وتقترن لوحاتها بالتجريب والرمزية والخيال.
«الجريدة» التقت هدى عبد المنعم على هامش ملتقى «بصمات الفنانين التشكيليين العرب» الذي أقيم أخيراً في القاهرة.
«الجريدة» التقت هدى عبد المنعم على هامش ملتقى «بصمات الفنانين التشكيليين العرب» الذي أقيم أخيراً في القاهرة.
كيف جاءت مشاركتك في ملتقى «بصمات التشكيليين العرب»؟ ضمّ الملتقى تيارات ومدارس فنية من الأقطار العربية كافة، وشاركت في فعالياته منذ ثلاث سنوات. قدّمت هذا العام لوحة من أعمالي، عبّرت خلالها عن البيئة الساحلية، وتأثري بفضاء مدينتي الإسكندرية، كسائر الرواد الذين عاشوا فيها، مثل محمود سعيد وسيف وانلي وأدهم وانلي وغيرهم، فلا يمكن للفنان أن يبدع خارج البعدين الزمني والمكاني، ومخزون التجارب التي ترسخت في عقله ووجدانه.
خيال إفريقي
هل يمكن اعتبار معرضك «خيال إفريقي» جزءاً من مشروع إبداعي متكامل؟ لكل فنان طموحه الخاص، وتوق إلى إنجاز مشروعه الفني. ثمة فضاء شديد الثراء، وسمات مميزة للقارة السمراء، حيث ملامح الوجوه، والتفاصيل الإنسانية، وعناصر الطبيعة. أردت أن أوثق من خلال معرضي «خيال إفريقي» ما يمكن أن يفعله المؤرخ ولكن من خلال رؤى تشكيلية، وتناغم بين الطبيعة وحياة البشر، ورصد العادات والتقاليد والموروثات الشعبية، ما دفعني إلى السفر إلى الجنوب الإفريقي، واكتشاف مكونات هذا العالم الشديد الثراء والخصوصية. كيف حدث هذا التناغم في لوحاتك بين فضائين مختلفين؟ تعبِّر لوحاتي عن الطبيعة الجغرافية، سواء في موطني الإسكندرية أو في أقصى القارة السمراء، ولا أجد تعارضاً في ذلك. ومنذ محاولاتي الأولى التي اتسمت بالفطرية، عبرت عن مفردات وثيقة الصلة بالبيئة المحيطة، وبعدها شغلتني فكرة البحث عن فضاء أرحب، من دون اغتراب بالفكرة عن مسارها الإنساني المتشابك مع خبراتي الذاتية، فضلاً عن قناعاتي بالتأثير في المتلقي، وتفاعله الوجداني مع العمل الفني. هل لديك تصورات مسبقة قبل إبداع لوحاتك؟ بالطبع ثمة دائماً فكرة أساسية، واعتمالات داخلية، كمحرك أساسي للإبداع. ربما تكون اللوحة مكتملة في رأسي، وأكاد أن أراها قبل أن أرسمها. ولكل فنان طقوسه وأسراره الخاصة مع الفرشاة وفضاء لوحته، وفي الغالب يلجأ إلى قاموسه وحرفيته، ولكن تخرج أحياناً اللوحة بعيداً عن تصوراته المسبقة. وأعتقد أن التلقائية والبساطة توثقان الصلة بين المتلقي واللوحة، وألا يكون الفنان مشغولاً بإبهار الرائي بحرفيته، بل بقدرته على إنجاز شروط التشكيل المتفرد. كيف يحقّق الفنان هذا التوازن بين التلقائية وبين القواعد الحاكمة للإبداع؟ اللوحة واقع مرئي، يتجسد من خلال رؤية الفنان العالم من حوله، ورغبته في التعبير عن هذا الإدراك الذي لامس عقله ووجدانه، وصار مختزناً في الوعي الكامن، ويتوق إلى الخروج إلى سطح لوحته. ولا يمكن أن يتحقق هذا الترابط بين التلقائية وتقنيات الفن، من دون سياق مرجعي، أو نسق بالغ الدقة، وإدراك أن الفن ليس نقلاً «فوتوغرافياً» للواقع، بل ثمة خيال ووعي في البناء التشكيلي.الطبيعة ولوحة لكل بيت
لماذا تنحاز لوحاتك إلى الطبيعة أكثر من التجريد والسوريالية؟ بحكم خبراتي، أعترف بأنني لا أميل إلى التجريدية والسوريالية، وربما يرجع ذلك إلى قناعات فنية وفكرية، ورؤية للعالم من خلال هذا الفن الذي أحبه. لا يعني هذا رفض التيارات الحديثة والتجريب. لكن لدى كل فنان مخزون معين، وأسلوب للتعبير يميزه عن الآخر. لذا أحاول دائماً الارتحال إلى أشدّ المناطق دفئاً في الذات الإنسانية، والتوثيق بين المتخيل والواقعي. ما دلالة مشاركتك في معرض «لوحة لكل بيت»؟ هذا المعرض أحد أوجه التعاون المتميز بين نقابة الفنانين التشكيليين المصريين وبين قطاع الفنون التشكيلية المصري. شاركت مع أكثر من مئة فنان وفنانة من مختلف الأجيال والمدارس الفنية، ذلك خلال دوراته الثلاث، وآخرها في نهاية العام الماضي. ويحمل «لوحة لكل بيت» رسالة لنشر ثقافة اقتناء الأعمال الفنية، ويدعم الفنانين المشاركين من خلال إتاحة فضاء مناسب لتسويق أعمالهم. كيف تجاوب الحضور مع فكرة المعرض الرئيسة؟ من خلال مشاركتي، لامست الإقبال المتزايد عاماً بعد آخر، وإشادة الحضور بثراء المعرض، وتنوع الأعمال المشاركة بين تيارات ومدارس فنية مختلفة، ومنح المواهب الشابة فرصة الحضور الفني، ومجاورة أعمالهم إبداعات الرواد في الرسم والتصوير، فضلاً عن منح الرائي فرصة التفاعل مع مشهد تشكيلي مفعم بالتجريب والمغامرة الفنية. من هنا، رسخت هذه الفاعلية لثقافة تشكيلية متميزة، ولتنمية الذائقة الفنية لرواد من مختلف الأعمار.صالون الجنوب
شاركت الفنانة التشكيلية هدى عبد المنعم بلوحات معرضها «خيال إفريقي» في صالون الجنوب بمحافظة الأقصر، باعتبارها عاصمة الثقافة العربية لعام 2017.ضمّ الصالون 260 فناناً وفنانة يمثلون أجيالاً فنية عدة بين منافسين على الجوائز ومشاركين كضيوف شرف، في مجالات الفنون التشكيلية المختلفة، تصوير، وغرافيك، ونحت، وتجهيز في الفراغ، ورسم، وتصوير فوتوغرافي، وفيديو آرت، وكمبيوتر غرافيك، وخزف.جاء المشاركون من 23 دولة عربية وأجنبية، من إفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية، ويعد الصالون أحد أهم فعاليات الأقصر عاصمة الثقافة العربية لعام 2017، تحت رعاية وزير الثقافة في مصر الكاتب حلمي النمنم، ومحافظ الأقصر د. محمد بدر، ورئيس جامعة جنوب الوادي د. عباس منصور.كذلك شاركت عبد المنعم في معرض «لوحة لكل بيت» الذي قال عنه نقيب التشكيليين في مصر د. حمدي أبو المعاطي: «لوحة لكل بيت» يستهدف تجميل كل بيت من خلال أعمال الفنانين التشكيليين، وتأكيد نشر الفن التشكيلي في المجتمع»، مضيفاً أن المعرض اقتصر في دورته الثالثة على أعضاء نقابة الفنانين التشكيليين لتسويق أعمالهم والمنتج الفني الخاص بهم، وشارك فيه أكثر من 70 تشكيلياً.استهدف المعرض وصول اللوحات الفنية إلى كل بيت مصري، والعودة إلى الزمن الجميل وسعي المصريين إلى اقتناء لوحات تشكيلية تزيِّن منازلهم. ويعد المعرض، حسبما قال المشاركون، دعوة إلى تبني روح الانتماء ودعم الفنانين التشكيليين، فيما قالت هدى عبد المنعم إنها حرصت على المشاركة في «لوحة لكل بيت» بثلاثة أعمال مختلفة، أهمها «خيال إفريقي» التي تعبِّر عن أفكار ومخاوف أهل إفريقيا ومعتقداتهم الدينية، لافتة إلى أن مشاركتها تأتي لإتاحة اللوحات بأسعار رمزية للجميع، والدفع بمحاولات رفع الذوق العام لدى الأسرة، وتعليم الأطفال تذوق القيم الفنية في الأعمال التشكيلية.
«لوحة لكل بيت» رسالة لنشر وتشجيع ثقافة اقتناء الأعمال الفنية
تأثرت بفضاء الإسكندرية مثل الرواد محمود سعيد وسيف وأدهم وانلي
لكل فنان طقوسه وأسراره الخاصة مع الفرشاة
تأثرت بفضاء الإسكندرية مثل الرواد محمود سعيد وسيف وأدهم وانلي
لكل فنان طقوسه وأسراره الخاصة مع الفرشاة