سؤال مستحق في عالم الطاقة اليوم يتمحور حول الأسباب التي حالت دون تمكين اتفاق خفض إنتاج النفط من رفع أسعاره والمضي في مسار تصاعدي نحو المستقبل، رغم الأخبار التي ترددت عن سعي منظمة أوبك إلى التأكد من التزام الدول الأعضاء باتفاق تم التوصل إليه في وقت سابق، ويقضي بخفض الإنتاج، إضافة إلى ما نشهده اليوم من اضطرابات سياسية عاصفة في بعض البلدان المنتجة، مثل فنزويلا، والتوقعات التي تتحدث عن احتمال انتشار موجة عدم الاستقرار إلى دول مؤثرة أخرى قد تفضي إلى نتائج سلبية وتداعيات يصعب التكهن بنتائجها.ويقول تقرير صدر عن موقع أويل برايس النفطي، إنه رغم هبوط مخزونات النفط في الولايات المتحدة بالآونة الأخيرة بنحو 7.6 ملايين برميل – وهو أكبر هبوط منذ سبتمبر الماضي– فإن تقارير أوردتها صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، وتضمنت بيانات مقتبسة من إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تقول إن أسعار النفط تكافح من أجل العودة بصورة ثابتة ومستمرة إلى مستوى 48 دولاراً للبرميل، فضلا عن المستويات التي وصلت إليها في مايو عند أكثر من 50 دولارا للبرميل.
وفي غضون ذلك، يضيف التقرير، أن الصادرات الأميركية تنتعش، وبدلا من تعرضها لقيود نتيجة اتفاق "أوبك" على خفض الإنتاج، فقد ارتفع، وكان من المفارقات أن السعودية أعلنت زيادة في إنتاجها من النفط بنسبة تتجاوز الحد المستهدف، حيث وصل في الشهر الماضي إلى 10.7 ملايين برميل في اليوم، وهي زيادة بنحو 190 ألف برميل عن الشهر السابق.وبررت الرياض هذه الخطوة بالحاجة إلى تلبية الزيادة في الطلب على الكهرباء في فصل الصيف.إلى ذلك، عمد العراق ونيجيريا وليبيا إلى ضخ كميات من النفط تفوق أي وقت سابق في هذه السنة، كما أن إيران تقترب أيضا من بلوغ أعلى مستويات إنتاجها من النفط في هذه السنة.
النفط الرملي
من جهة أخرى، يقول التقرير إن إنتاج النفط الرملي الكندي شهد ارتفاعا جديدا، وتشير أحدث التوقعات إلى أنه سيبلغ مستويات أعلى في العام المقبل، نتيجة تنفيذ مشاريع جديدة، رغم تدني أسعار النفط، التي جعلت تلك المشاريع غير مربحة إلى حد كبير.تجدر الإشارة إلى استمرار الارتفاع في إنتاج النفط الصخري الأميركي في هذه السنة، وإن كان ذلك بوتيرة تدريجية تقل عما شهدناه خلال الاثني عشر شهرا الماضية، إضافة إلى أن منتجي الزيت الصخري لا يظهرون أي إشارة على التراجع عن هذا المسار، رغم الأسعار المتدنية في الوقت الراهن. ومن هذا المنطلق يبدو أن عودة التوازن إلى سوق النفط تحولت إلى حلم بعيد المنال بالنسبة للمنتجين في شتى أنحاء العالم.ويرى خبراء الطاقة، أن اتفاق "أوبك" على خفض إنتاج النفط لن يحقق النجاح المرجو، نتيجة عدم تقيد الدول الأعضاء بالحصص المحددة من جهة، وزيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي من جهة أخرى، وبمعدلات تفوق ما كان يعتقد في الماضي القريب. ويؤكد التقرير، أنه رغم أن الدول الأعضاء في المنظمة لم تعمد إلى الغش، غير أنها كانت بطيئة في التنفيذ والوصول إلى المستويات المتفق عليها.وحصلت روسيا طبعا على الجانب الأفضل في هذا التطور، فيما كان على السعودية أن تتحمل أعباء خفض أكبر في إنتاجها من النفط، وواكب ذلك عودة أسعار النفط اليوم إلى مستويات ما قبل اتفاق "أوبك" الأخير، كما أن التشاؤم حل محل التفاؤل، وهو ما يتماشى على أي حال مع توقعات المحللين، التي تقول إن ذلك الاتفاق سيسهم فقط في زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط، وهو ما نشهده على صعيد عملي في الوقت الراهن.