كواليس «العبدلي»!
الجريمة، بحكم الشريعة والدستور والقانون، فردية، مهما عظمت، ولا تزر فيها وازرة وزر أخرى، ومع ذلك نجد المجتمع يضرب عرض الحائط بهذه القيم والقواعد، وقد تقمص بعض أفراده وفق قناعاتهم الشخصية وميولهم الخاصة شخصية المدعي العام في ادعاء القصاص وسحب الجناسي ومنح أوسمة الولاء لبقية فئات المجتمع.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
إن الجريمة، بحكم الشريعة والدستور والقانون، فردية، مهما عظمت، ولا تزر فيها وازرة وزر أخرى، ومع ذلك نجد المجتمع يضرب عرض الحائط بهذه القيم والقواعد، وقد تقمص بعض أفراده وفق قناعاتهم الشخصية وميولهم الخاصة شخصية المدعي العام في ادعاء القصاص وسحب الجناسي ومنح أوسمة الولاء لبقية فئات المجتمع، ولكن ما لا يدركه هذا المجتمع المتشنج والمحبط بكل أشكال الهموم والابتلاءات اليومية هو سبب مثل هذه السيناريوهات المتكررة والمتشابهة إلى حد التطابق بين فترة وأخرى.حالات هروب المتهمين والمدانين وخروجهم بعد صدور الأحكام القضائية أصبحت واقعاً ينطبق على الجميع وفي مختلف أنواع الجريمة، بما فيهم جرائم أمن الدولة وتهم الأموال العامة، والهاربون من قبضة العدالة هم من جميع أطياف المجتمع.إضافة إلى ذلك، فإن الأخبار والتفاصيل الخاصة بالقضايا الأمنية الحساسة دائماً تأتي من التسريبات الصحافية أو تغريدات المغردين، دون أن تعلنها الحكومة بشكل رسمي، ولكن بعد تفجر مثل هذه المعلومات على هيئة فقاعة كبيرة تبدأ الحكومة في استعراض قوتها والمزيد من الاعتقالات ونشر الصور وتوالي البيانات الرسمية، وهذا ما يساهم في المزيد من التوتر والتهييج والاصطفاف وتقسيم المجتمع إلى فئة تستشعر أنها مظلومة ومستهدفة وفئات ترى فيها كل أنواع القبح والخيانة.قضية "العبدلي" كغيرها من القصص الكثيرة سوف تصغر يوماً بعد يوم، ولكنها آتت أكلها بالمزيد من الشرخ الوطني، وسوف تظهر لنا قضايا أخرى في المستقبل حتى يستمر هذا الشرخ وتستمر معها جراحات هذا البلد وأهله إلى ما لا نهاية، بينما تبقى مشاكل البلد الكبرى واختلالاتها على جراحات الناس وهم يأكلون ببعضهم البعض!