قبل أيام، بلغت الصفقة النووية الإيرانية ذكراها الثانية، وكنت من منتقدي هذه الصفقة آنذاك، ومازالت عدائية إيران على المسرح العالمي تقلقني.أكّدت إدارة ترامب، بطلب من الكونغرس، أن إيران تنصاع تقنياً لشروط الصفقة، ولا شك في أن ديمقراطيين كثراً والبعض في وسائل الإعلام سيهللون لهذا التأكيد، معتبرين أنه برهان على صواب هذه الصفقة، وجواباً لكل مَن انتقدوها، بمن فيهم ترامب.
لكن قلقنا يتمحور حول ثغرات هذه الصفقة الأساسية؛ فنطاق هذا الاتفاق ضيق جداً وتفويضاته مبهمة إلى حد كبير، ونتيجة لذلك، لا يفرض الالتزام الإيراني بهذه الصفقة على النظام أي عبء حقيقي.إذاً، بدلاً من إنهاء برنامج إيران النووي، عمد الملالي بكل بساطة إلى الحد من نطاقه، فما زال حق إيران في تخصيب اليورانيوم محمياً، ومازالت تحتفظ بعدد كافٍ من أجهزة الطرد المركزي لتطوير سلاح نووي، أما مطالبة الولايات المتحدة بالقدرة على تنفيذ عمليات تفتيش "في أي زمان ومكان"، فأُهملت بتهور، ولإبرام الصفقة في عتمة الليل، قدّمت إدارة أوباما مبلغاً نقدياً بلغ 1.7 مليار دولار كفدية للنظام الإيراني.علاوة على ذلك، قدمت خطة العمل الشاملة المشتركة لطهران في البداية الوقت الذي تحتاج إليه لتشحذ آليتها لتطوير سلاح نووي وتضبطها بدقة، وندرك جميعنا إلى أين سيوجَّه هذا السلاح عندما يتقن النظام قدرته هذه، وهذه نتيجة حتمية لرئيس كان يراقب الساعة تقترب من اليوم الأخير لرئاسته ويتوق إلى صفق تحدد إرثه مهما كلف الثمن.لكن إرث الصفقة النووية الإيرانية المسيء يتجلى بوضوح اليوم بسبب ما لم يُطرح على الطاولة مطلقاً، إذ تواصل إيران تطوير صواريخ بالستية متقدمة، كذلك تدعم الثوار في اليمن وبشار الأسد في سورية، مزوّدة هذا النظام بخط إمداد بالغ الأهمية من الرجال والعتاد مسؤول عن مقتل مئات آلاف الأبرياء، فضلاً عن ذلك، لا تزال إيران أبرز دولة راعية للإرهاب، وما يزيد الطين بلة استمرار إيران في تمويل الإرهاب بلا هوادة بينما لا تزال تدين للأميركيين بمليارات الدولارات بسبب الاعتداءات التي نفذتها ضد مواطنينا.بعد التحرر من العقوبات، صار النفط الإيراني يتدفق خارجاً والعملات الأجنبية تتدفق في الاتجاه المعاكس، ونتيجة لذلك، يعزز الجيش الإيراني اليوم عمليات شراء أنظمة دفاع جوية متطورة وغيرها من المعدات من روسيا. وتشير بعض تقارير الاستخبارات الألمانية إلى أن إيران تستخدم الأموال النقدية المتدفقة لشراء تكنولوجيا نووية وصاروخية، متخطية العقوبات وقرارات الأمم المتحدة، وهكذا تكون الصفقة الإيرانية قدمت لنظام الملالي ما كان في أمسِّ الحاجة إليه: المال النقدي، الوقت، وهامش التحرك.في المقابل، تجد الولايات المتحدة نفسها عالقة في صفقة أضعف من أن تكون فاعلة، إلا أنها قوية كفاية لتكبّل أيدينا في تعاطينا مع طهران؛ فالعقوبات الشالّة التي حققت نجاحاً كبيراً وأرغمت الإيرانيين على الجلوس إلى الطاولة ما عادت أداة متاحة مادامت إيران ملتزمة "تقنياً" بالصفقة.لكن جولة العقوبات الأضيق التي فرضتها إدارة ترامب عقب اختبار الصواريخ البالستية في فبراير شكّلت نقطة تحوّل، حيث أظهرت أن الحكومة الأميركية ما عادت مستعدةً للتساهل بغية التكيّف مع النظام والحفاظ على الصفقة، كذلك يعمل الكونغرس على تمرير قانون عقوبات يستهدف عملية تطوير الصواريخ البالستية الإيرانية، ودعم الإرهاب، ونقل الأسلحة، وانتهاكات حقوق الإنسان.آمل أن يستخدم الرئيس ترامب ووزير الخارجية ريكس تيلرسون صلاحياتهما الواسعة للتحقيق بدقة في الادعاءات القائلة بأن إيران لا تلتزم بالصفقة النووية، كذلك أشجّع الإدارة على تفحص أعمال إيران العدائية في مجالات أخرى وتطوير إستراتيجية متناسقة تتصدى للعدائية الإيرانية وتضع حقاً الولايات المتحدة أولاً.* باتريك ميهان * (واشنطن تايمز)
مقالات
إيران مطيعة لكنها خطيرة
25-07-2017