أين اختفت مليارات الدنانير؟
من حقنا أن نتساءل: أين اختفت يا تُرى مليارات الدنانير في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة، ليل نهار، عن عجز الميزانية العامة للدولة؟ ومن يضمن في ظل غياب الشفافية في أعمال الحكومة وسوء إدارة المالية العامة للدولة، ألا تتكرر عمليات مالية غامضة؟
نظراً لغياب الشفافية في أعمال الحكومة، ولأن المالية العامة للدولة تُدار بطريقة شبه سريّة، فإن الكشف عن بعض البيانات المالية يشكل أحياناً كثيرة مفاجأة كبيرة ليس فقط لغير المتخصصين، بل للمتخصصين أيضاً. والدليل على ذلك هو البيانات المالية التي نُشرت مؤخراً، فشكّل الكشف عنها مفاجأة للجميع، وهي بيانات خاصة بموضوع تضخّم حسابات العُهد أو المتعارف على تسميته "حسابات من دون مستندات" مثلما يذكر تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي الذي يؤكد أن "الرقم ضخم ويبلغ وفقاً للحساب الختامي للسنة المالية (2015-2016) نحو 3.822 مليارات دينار، أو نحو 19.2 في المئة من حجم اعتمادات الموازنة العامة الضخمة للسنة المالية 2017-2018. أما تفاصيل الرقم، كما يوضح تقرير "الشال"، وفقاً لبيان وزارة المالية، فهي عبارة عن إجماليات، وذلك لا يكفي لوقف تساؤلات الناس حول سلامتها، أو على الأقل دقتها. ويفترض من باب الدقة تقديم بيانات تفصيلية عن كل جهة، وذلك ما يسمح بوزن الحجم والمدى الزمني للتأخير لكل جهة، ومبرراته، ويفتح طريق المساءلة إن كان هناك ما يستحق المساءلة ". (القبس 23 يوليو 2017).
والدليل الآخر الجديد على غياب الشفافية في إدارة المالية العامة للدولة هو الكشف عن بيانات مالية ضخمة، تفاصيلها غامضة وتُثير التساؤلات وعلامات الاستفهام، وهي عبارة عن قيمة المبالغ المالية المسحوبة من الاحتياطي العام للدولة خلال ثلاث سنوات (2014/2015-2016/2017) حيث بلغت 28.575 مليار دينار، بعد أن كشف عنها النقاب جواب وزير المالية على سؤال النائب أسامة الشاهين، بحسب ما ورد في بيان الجمعية الاقتصادية الكويتية المنشور في وسائل الإعلام، والذي ذكرت فيه الجمعية أنه قد "تأكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك سحوبات من الاحتياطيات العامة خارج الميزانية، حيث إن ما ذكره وزير المالية، وما نقله الناطق الرسمي لا يتطابق مع إجمالي عجوزات السنوات المالية المذكورة". كما تعلن الجمعية الاقتصادية الكويتية، بحسب نص بيانها حرفياً، عن "تحفظها لحجم تلك السحوبات، وقلقها من استمرار التوسع بها، واستمرار وتيرة الإنفاق الحالي، وتطالب الحكومة بالشفافية وتوضيح مكونات تلك السحوبات للرأي العام". (انتهى الاقتباس).والآن، من حقنا أن نتساءل: أين اختفت، يا تُرى، مليارات الدنانير في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة، ليل نهار، عن عجز الميزانية العامة للدولة؟ ومن يضمن في ظل غياب الشفافية في أعمال الحكومة وسوء إدارة المالية العامة للدولة، ألا تتكرر عمليات مالية غامضة مثل "مصروفات من دون مستندات"، أو "سحوبات من الاحتياطيات العامة، وذلك من خارج الميزانية العامة للدولة"؟