ماذا تحضّرين للمرحلة المقبلة بعد النجاحات التي حققتها خلال السباق الرمضاني الأخير؟
أمضي فترة من الراحة لإعادة تخزين الطاقة، خصوصاً أن استكمال تصوير مشاهد «آخر نفس» تزامناً مع عرضه خلال شهر رمضان الفائت كان أمراً مرهقاً. يلزمني نحو شهر من الراحة أستعيد من بعده الحياة والنبض، ثم أبدأ بالبحث عن حياتات أخرى أعيشها في أعمالي المقبلة.كيف تقيّمين تجربتك الرمضانية هذا العام؟
يميّز هذه التجربة أن الناس شاهدوني في ثلاث شخصيات مختلفة، وتنبّهوا إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أن الممثلة التي أبكتهم في «أدهم بيك» و«وين كنتي» هي نفسها التي أضحكتهم في مسلسل «لآخر نفس»، كونهم أعتادوا أن يروني في أدوار درامية بحتة وفي شخصية الأم. من ثم، كانوا على اعتقاد أنني أسيرة هذه الشخصية وهذه طبيعتي. واللافت هذا العام ظهوري على شاشة الـMTV في دورين متناقضين، الأول تراجيدي والثاني كوميدي خفيف، بالإضافة طبعاً إلى شخصية الأم المعنفة التي جسدّتها في «وين كنتي» على الـ LBC. أعتقد أن هذا الأمر ترك أثراً واضحاً في الرأي العام، ما ساهم في أنني حققت نجاحاً لافتاً لم أكن صراحة أتوقعه. لا بدّ من أن أشكر أهل الصحافة والإعلام والنقاد الذين أدوا دوراً بارزاً في هذا النجاح الذي حصدته، وأكدوا للرأي العام أن التمثيل يختلف عن أداء الدور، والعكس صحيح.جسّدت شخصية الأم في أعمالك الثلاثة إلا أن كل دور وصل إلى الناس بطريقة مختلفة ومقنعة، ما جعل الأنظار كافة متجهة نحوك. ما سرّ هذه التركيبة الناجحة في أدوارك الثلاثة؟
يرافقني دور الأم منذ بداية مسيرتي المهنية، وفي كلّ مرّة يصل إلى الناس بطريقة جديدة، خصوصاً أن كل أم جسدتها تملك هويتها الخاصة، ذلك أنني أسخّر خبرتي الأكاديمية في كل دور أؤديه تزامناً مع حرصي الدائم على تثقيف نفسي والاطلاع على كل جديد في مهنة التمثيل بحكم وظيفتي كمدرّبة أكاديمية أعطي أساتذة التمثيل الأسس والمنهجية في العمل الدرامي. وربما ساهم هذا الأمر في تقديم أعمالي بطريقة أكاديمية واضحة، علماً بأن الزملاء والزميلات يقدّمون أعمالهم بحب وشغف، خصوصاً أن مهنة التمثيل قائمة قبل كل شيء على الحب اللامتناهي، ولكن حين تُضاف إليها خبرة أكاديمية أعتقد أن الدور سيصل إلى الناس بشكل أوضح ويكون لافتاً أكثر. كل عام أطلّ على الناس خلال شهر رمضان في عمل جديد، واحرص على تقديم أفضل ما عندي. ولكن يبدو أنني «ربحت اللوتو» هذا العام (ضاحكة).لماذا انتظرتِ حتى اليوم لقطف ثمار النجاح؟
أعتقد أن الأمر يعود إلى تطوّر شبكة الإنترنت وبروز مواقع التواصل الاجتماعي حيث أصبحت مقالات النقاد في متناول الناس كلهم، ويمكن الإطلاع عليها بسهولة. كل ما يريده الفنانون لفتة جميلة من الصحافة، ما من شأنه أن يرفع من قيمتنا المعنوية، ويصنع حافزاً ليبارك لنا الناس والنقاد على أعمالنا ونجاحاتنا.نهضة
ألا تعتقدين أن المنتجين اليوم يتناسون الممثلين المخضرمين على حساب الوجوه الجديدة والشابة؟
لا يقع اللوم على الإنتاج، أو على المحطات التلفزيونية، خصوصاً أن العمل فردي بحت، فالمنتج يراهن على أمواله من أجل نجاح مسلسله وتحقيق الربح. من ثم، لا يحق لأي شخص التحكم بقراراته، ونشكر الله على وجود منتجين يقومون بمجهود كبير لإيصال الدراما اللبنانية إلى أعلى المراتب، علماً بأن استمراريتنا قائمة على استمراريتهم. يجب على الدولة اللبنانية أن تكرّس لنا وزارة للثقافة تُعنى بصناعة الدراما، لأن الأخيرة في نهاية المطاف صناعة قائمة بحدّ ذاتها، وخطوة مماثلة من شأنها أن تدرّ على لبنان أموالاً كثيرة، لا سيما إن صُدّرت أعمالنا إلى الخارج. وإن حصل وتحقّق ذلك، فكن على ثقة في أننا سنشهد نهضة ثقافية واقتصادية، ونهضة تليق بالفنان اللبناني، فلا ينقصنا أي شيء نتيجة لوجود أكاديميات التمثيل والكتابة والإخراج في لبنان.في رأيكِ، إلى ماذا تحتاج الدراما اللبنانية لتصبح أكثر انتشاراً؟
تحتاج إلى لفتة من الدولة اللبنانية. أتمنى مع العهد الرئاسي الجديد أن تساهم الدولة في تحريك عجلة الإنتاجات الدرامية كي نشعر ببريق النجاح الحقيقي حين نتلقى الرعاية والحماية اللازمتين من دولتنا ومن وطننا.تطوّر وتجدّد
يُجمع كثيرون على أن الدراما اللبنانية تشهد اليوم تطوراً ملحوظاً وكبيراً وباتت تنافس الدراما السورية، كذلك المصرية، خصوصاً خلال العامين الماضيين. إلى أي حدّ توافقينهم الرأي؟
ما دام يتوافر لدينا كتّاب شباب يسخّرون قدراتهم في خدمة الدراما ويضيفون إليها أفكاراً جديدة وحوارات حقيقية جديدة، ستشهد المسلسلات اللبنانية تطوراً لافتاً مستمراً. أذكر في هذا السياق الممثلة والكاتبة كارين رزق الله التي تكتب بأسلوب عصري، والأمر لا يختلف بالنسبة إلى كلّ من طارق سويد وكلوديا مرشيليان ومنى طايع. أضف إليهم الكتّاب المخضرمين الذين تركوا بصمة استثنائية في الدراما اللبنانية، وأبرزهم الأستاذان الكبيران شكري أنيس فاخوري ومروان نجار، اللذان اشتقنا كثيراً إلى كتاباتهما. أنا مع أن تكون الدراما مطعمة بكتابات تحمل بصمة الجيلين، ما يضفي عليها تنوعاً وغنى كبيرين.يتهم البعض كتّاب اليوم بتأثرهم بالدراما التركية إلى حدّ كبير.
صحيح. تأثّر بعض الكتّاب فعلاً بالدراما التركية لأن من الطبيعي أن يصل الكاتب إلى مرحلة لا يمكن أن يستمر فيها إن لم يجدِّد في أسلوبه وكتاباته. نحتاج جميعنا إلى التجدّد من خلال القراءة ومواكبة كل جديد والتعلّم من خبرة غيرنا. أنا مثلاً أحرص على مشاهدة الأفلام الغربية لتطوير مشاعر ربما لم نتجرأ نحن العرب بعد على إبرازها على شاشاتنا، وحين أرى كيف أن الغرب يعبّر بطاقاته كافة، فهذا وحده كفيل بأن يحفّزني على المحاولة، فالفن في نهاية المطاف حقل تجارب بامتياز.إلى أي حدّ تصلين بالأدوار التي تؤدينها؟
منذ بداية مسيرتي المهنية، أعطي أدواري أقصى ما لديّ من مشاعر. أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر مسلسل «العائدة»، أروع ما قدّمناه خلال شهر رمضان الفضيل، حيث جاء التناغم بيني وبين الممثلة كارمن لبّس مؤثراً، خصوصاً أنني حرصت على تقديم الدور كما يجب من دون زيادة أو نقصان. من ثم، على الممثل أن يفي المشاعر التي يريد إيصالها إلى المشاهد حقّها، فلا يبالغ فيها ولا يختزل منها، وهو ما يدرسه في أكاديمية التمثيل. من الضروري أن يدرس الشخصيات التي سيجسّدها بشكل معمّق كي تلامس الناس بواقعية وصدق كبيرين، وأنا كممثلة عندما أصدّق النص الموجود بين يديّ، الناس سيصدقونني.