باكستان: شريف يتنحى بعد قرار المحكمة العليا بعدم أهليته

اتهامات بالفساد كشفتها «أوراق بنما» تنهي ثالث ولاية غير مكتملة له وتتسبب في أزمة سياسية

نشر في 28-07-2017
آخر تحديث 28-07-2017 | 18:35
ناشطات معارضات يحتفلن بعد صدور قرار عدم أهلية شريف (أ ف ب)
ناشطات معارضات يحتفلن بعد صدور قرار عدم أهلية شريف (أ ف ب)
تنحى نواز شريف رئيس الحكومة الباكستانية عن منصبه للمرة الثالثة في حياته السياسية، بسبب اتهامات بالفساد كشفتها فضيحة "أوراق بنما" الشهيرة، مما أدخل باكستان، التي تشهد حياة سياسية غير مستقرة منذ استقلالها، أزمة جديدة.
أعلنت المحكمة العليا في باكستان اليوم أن رئيس الوزراء نواز شريف المتورط في قضية فساد "لم يعد يتمتع بالأهلية"، مما يعني تنحيته للمرة الثالثة في مسيرته السياسية.

ويُدخل هذا القرار البلاد مجدداً دوامة الاضطرابات السياسية قبل عام تقريباً على انتخابات عامة كان يمكن لشريف من خلالها أن يصبح أول رئيس وزراء باكستاني يكمل ولايته مدة خمسة أعوام كاملة.

وفور صدور القرار دوى التصفيق بين أنصار المعارضة واندفع بعضهم إلى الشوارع لتوزيع الحلوى وهم يرددون الشعارات.

اقرأ أيضا

لكن في لاهور عاصمة إقليم البنجاب ومركز نفوذ شريف، خرجت عدة تظاهرات قام خلالها أنصاره بإحراق الإطارات وإغلاق الشوارع.

وتأتي الاتهامات إثر تسريبات وثائق بنما التي كشفت العام الماضي عن البذخ في نمط حياة أفراد عائلة شريف، وأشارت إلى ملف العقارات الفخمة التي يمتلكونها في لندن.

وصرح القاضي إعجاز أفضل خان أمام المحكمة المكتظة في إسلام اباد "لقد فقد شريف الأهلية كعضو في البرلمان، وبالتالي لم يعد يتولى منصب رئيس الوزراء".

وطلبت المحكمة من هيئة مكافحة الفساد إجراء تحقيق اضافي بشأن المزاعم بحق شريف وعائلته، مما قد يؤدي إلى توجيه اتهامات جنائية لأسرته النافذة. وتنفي أسرة شريف والقوى السياسية المتحالفة معها باستمرار الاتهامات الموجهة إلى العائلة.

وبعد صدور القرار، قالت وزيرة الإعلام مريم أورانغزيب للصحافيين: "لم يتم إثبات وجود أي فلس آت من فساد في هذا القرار ضد نواز شريف، وهو ما يدركه أيضاً الشعب الباكستاني".

من جهته، أكد حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية-جناح نواز" الحاكم أن شريف "تخلى عن منصبه". ولم يتضح بعد من سيخلفه. ففيما تعد ابنته مريم وريثته السياسية المحتملة، لكنها لا تملك منصبا في الدولة. وأما شقيقه شهباز شريف، وهو رئيس وزراء إقليم البنجاب، فلا يملك سوى منصب إقليمي.

ومن الحلفاء المرشحين لخلافة شريف وزير الدفاع آصف خواجة ووزير التخطيط أحسن إقبال ووزير البترول شهيد عباسي.

وكان خصمه السياسي الأبرز عمران خان وحزبه "حركة الإنصاف الباكستانية" بين من قادوا التحرك ضد شريف. لكن خان نفسه هو موضع تحقيق في المحكمة العليا بسبب عدم الإفصاح عن دخله.

في هذا السياق، قال نائب رئيس حركة الإنصاف، شاه محمود قرشي، للصحافيين خارج قاعة المحكمة "أريد أن أشكر القضاة بالنيابة عن الشعب الباكستاني لجعلهم هذا (الإطاحة بشريف) ممكناً". وأما المعلق السياسي الكبير فاروق معين، فرأى أن الحكم "تاريخي".

وقال لوكالة فرانس برس: "لا يزال الوضع متقلباً ويصعب حالياً القول إن كانت ستجري انتخابات مبكرة أو ستشكل حكومة انتقالية،" رغم أنه أشار إلى فرص "كبيرة" بأن يقوم حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية-جناح نواز" بتشكيل حكومة جديدة.

وتفجرت هذه القضية العام الفائت بعد نشر 11.5 مليون وثيقة سرية من شركة محاماة "موساك فونسيكا" تكشف معاملات يجريها عدد كبير من المسؤولين السياسيين أو من أصحاب المليارات في جميع أنحاء العالم.

وثلاثة من أبناء شريف الأربعة متورطون في القضية وهم ابنته مريم، وابناه حسن وحسين.

وتأتي في قلب الاتهامات ضد شريف، شرعية الأموال التي استخدمتها أسرته لشراء عقارات باهظة الثمن في لندن عبر شركات خارج البلاد.

وكانت المحكمة العليا أعلنت في أبريل عدم وجود "أدلة كافية" لإقالة شريف في قضية الفساد وأمرت بالتحقيق في المسألة.

وكشف فريق التحقيق المؤلف من مدنيين وعسكريين وجود "تفاوت كبير" بين مداخيل أسرة شريف وأسلوب حياتها، وذلك في تقرير نشره علناً ورفعه أمام المحكمة في مطلع الشهر الحالي.

وأثار التقرير عاصفة بما في ذلك ادعاءات بأن الوثائق المتعلقة بابنة رئيس الحكومة مريم نواز وارتباطها ببعض ممتلكات الأسرة في لندن "مزورة" إذ إن الوثائق تحمل تاريخ 2006 لكنها استخدمت خط "كاليبري فونت" لمايكروسوفت الذي لم يتم وضعه قيد الاستخدام التجاري إلا في عام 2007.

وتتفشى الرشاوى والكسب غير المشروع في باكستان التي تأتي في المرتبة 116 على قائمة الدول الأكثر فساداً التي تضم 176 دولة، وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2017. وتمت الإطاحة بشريف سابقاً على خلفية اتهامات بالكسب غير المشروع حيث أقاله الرئيس حينها في أول عهد له كرئيس للوزراء عام 1993. وأطاح به انقلاب عسكري في المرة الثانية عام 1999.

وتمت كذلك الإطاحة بغيره من رؤساء الوزراء إما بتدخل من الجيش النافذ أو بقرار من المحكمة العليا أو عن طريق أحزابهم فيما أرغم البعض على الاستقالة أو تم اغتيالهم.

وتأتي الإطاحة بشريف في وقت تطغى التوترات على العلاقة بين الحكومة المدنية والمؤسسة العسكرية التي حكمت باكستان عقوداً.

back to top