مع مرور بضع سنوات على انطلاق الثورة السورية ذاع صيت بلدة (عرسال) اللبنانية وجرودها الوعرة الواقعة على امتداد الاراضي السورية في نشرات وسائل الاعلام المختلفة اثر لجوء الاف السوريين اليها هربا من النزاع الدائر في بلدهم وانتشار جماعات مسلحة اتخذت من البلدة منطلقا لمهاجمة اهداف سورية ولبنانية.

Ad

وسلط الضوء كثيرا على بلدة (عرسال) كونها اكبر البلدات اللبنانية الحدودية التي تمتلك اراضي مترامية ومتداخلة مع الاراضي السورية بعد استيطان الجماعات الارهابية المسلحة في جبالها ووديانها الوعرة لتحولها الى معبر رئيس لتنقلاتهم وعبور اسلحتهم واموالهم ومقاتليهم بين سوريا ولبنان.

وفي الفترة الاخيرة شهدت البلدة التي تحتضن الاف النازحين السوريين الذين أصبحوا يشكلون ثلاثة اضعاف سكان لبنان حملة عسكرية شنها النظام السوري وحزب الله اللبناني معا لطرد الفصائل المسلحة التي تتحصن في البلدة ومنطقة القلمون السورية المجاورة لها.

وتمكن حزب الله اللبناني من السيطرة على معظم الاراضي التي كانت تنتشر فيها الفصائل المسلحة وحصار من تبقى من مسلحيها فيما لا يزال ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) يسيطر على جزء من الاطراف الوعرة لبلدة (عرسال) وبلدة (رأس بعلبك) المجاورة لها في شمال شرق لبنان.

في غضون ذلك اعلن المدير العام للامن العام اللبناني عباس ابراهيم في تصريح للصحفيين أمس الاول التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار مع هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) في اطراف عرسال عند الحدود الشرقية مع سوريا.

ولم تعرف حتى الان تفاصيل الاتفاق الذي "بدأ سريانه فعليا" اذ يتوقع ان تتضح في الايام القليلة المقبلة.

وتشكل جرود بلدة عرسال مصدر قلق بالغ لحزب الله والدولة اللبنانية التي تسعى جاهدة الى تحرير جنودها المختطفين من قبل الجماعات المسلحة نظرا لموقعها الاستراتيجي والجغرافي المهم.

وتسعى الحكومة اللبنانية الى تطهير اراضيها من المسلحين بموجب الاتفاق الذي يتوقع ان يفضي الى انسحاب المسلحين الى منطقة (ادلب) السورية باشراف الدولة اللبنانية والصليب الاحمر الدولي شريطة الافراج عن ثلاثة من مقاتلي حزب الله اللبناني كانت (النصرة) أسرتهم خلال معارك عسكرية بمنطقة (تل العيس) السورية عام 2016.

ويعود اصل تسمية عرسال الى "عرش ايل" كما سماها الاراميون وتقع في اقصى الشمال الشرقي من لبنان وتستقر على اودية وهضاب سلسلة جبال لبنان الشرقية التي تشكل الفاصل الطبيعي بين لبنان وسوريا.

وتعد البلدة من كبريات البلدات اللبنانية حيث تبلغ مساحتها اكثر من 316 كيلومترا مربعا ما يجعل اراضيها تشكل خمسة في المئة من مساحة لبنان وتضم مرتفعات يبلغ اقصاها 2620 مترا (طلعة موسى).

وقال الخبير العسكري العميد المتقاعد في الجيش اللبناني نزار عبد القادر في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان اهمية عرسال تكمن في كونها بلدة حدودية كبيرة تمتلك اراضي متداخلة مع القلمون وريف حمص السوريين.

واضاف ان الدولة اللبنانية سعت دائما لحماية اهل عرسال وعدم وقوعهم بالفتن المذهبية الى جانب انشغالها في اقفال المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا واستخدامها من قبل الارهابيين في تصدير السيارات المفخخة والانتحاريين الى داخل لبنان.

وتتسم البلدة بمناخها شبه الصحراوي البارد شتاء والحار والجاف صيفا وتقسم المناطق في عرسال الى ست مناطق ثلاث منها في المناطق الجردية العالية حيث تعرف المنطقة الاولى بالجرد العالي (1950 - 2400م) وهي بعيدة ووعرة وتمتد الى اعالي الجبال حتى الحدود مع سوريا وتعرف بزراعة الحمص.

اما الجرد الاوسط (1550 - 1950م) فيتميز بالاراضي الواسعة ذات المنحدرات الخفيفة التي شكلت في الماضي المراعي التقليدية للبلدة والتي تحولت الى زراعة الكرز ثم تمركزت فيها الكسارات فيما يمتاز الجرد الادنى (1300 - 1500م) بطبيعته الصخرية وتربته المتدهورة التي لا تصلح للزراعة.

اما المناطق الاخرى فهي منطقة الوديان على سفوح المناطق الجردية وقد تم استصلاحها وزرعها بالكرمة واشجار التين وقد امتد اليها اخيرا العمران فيما تشكل الوديان القاحلة المنطقة الشرقية التي تشكل المدخل الى البادية السورية والتي تحولت اليوم الى مراع للماشية اما المنطقة الغربية فهي تمتد نحو سهل البقاع وتزرع بالحبوب والكرمة والاشجار المثمرة والزيتون.

ويبلغ عدد سكان عرسال حوالى 35 الف نسمة يقيم معظمهم في البلدة التي تعاني من ازمة في الصرف الصحي ونقص في الخدمات الصحية امام اعداد سكانية متزايدة وتراجع في الموارد الاقتصادية.

وتشتهر (عرسال) بانتاج الحبوب البلدية (قمح وشعير وحمص وعدس) والفاكهة الى جانب صناعتها الشهيرة المتمثلة بمناشير الصخر والحجر حيث تضم (عرسال) نحو 60 كسارة صغيرة و100 مقلع.