أفاد «الشال» بأنه رغم الخلاف الشديد حول أيهما يتقدم على الآخر، أولوية النمو الاقتصادي أم أولوية الحفاظ على البيئة، الذي كان محور اهتمامات اجتماع «مجموعة العشرين» الأخير بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من اتفاق باريس، ظلت الإعلانات تتوالى عن التحول التدريجي عن استخدام الوقود الأحفوري الذي يتصدره النفط، إلى الوقود النظيف.

ووفق «الشال»، كانت بريطانيا وفرنسا آخر المعلنين عن منع صنع سيارات البترول بحلول عام 2040، وقبلهما شركات مثل «فولفو» و»تسلا» ودول مثل النرويج أعلنت خطوات متقدمة ومبكرة على الطريق نفسه، وقطاع النقل أهم القطاعات استهلاكاً للبترول.

Ad

وفي التفاصيل، ترصد إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة الأميركية، - أكبر بلد مستهلك للطاقة- تغيرات في مكونات الطاقة هناك، فتذكر في تقرير لها صادر في 3 يوليو 2017، أن نصيب الوقود الأحفوري ضمن مكونات الطاقة بلغ عام 2016 نحو 81 في المئة من المجموع، وهي أدنى مساهمة له على مدى قرن.

في المقابل، بلغت مساهمة مصادر الطاقة النظيفة نحو 10.5 في المئة من جملة استهلاك الطاقة عام 2016، وهي أعلى نسبة مساهمة له منذ عام 1930.

ويعد أثر التغير في استهلاك مكونات الطاقة في الولايات المتحدة، بانخفاض استهلاك الوقود الأحفوري، الأدنى ضمن الدول المتقدمة، وكان متفاوتاً، فبينما تحمل الفحم كل الانخفاض تقريباً، زاد الغاز الطبيعي حصته من الاستهلاك بشكل مطرد في 9 من آخر 10 سنوات منذ عام 2006.

وبينما كانت مساهمة الفحم والغاز في مكونات الطاقة متساوية عام 2006، أصبحت مساهمة الغاز النظيف نسبياً ضعف مساهمة الفحم في عام 2016.

وهبطت مساهمة استهلاك البترول في الولايات المتحدة، من أعلى مستوى بلغه وكان نحو 41 في المئة من مكونات استهلاك الطاقة، إلى أدنى مستوى في السنوات الأخيرة، وكان بحدود 34 في المئة، لكنه عاود الارتفاع في مساهمته إلى نحو 36 في المئة بزيادة متصلة في السنوات الأربع الأخيرة، ربما بتأثير من الانخفاض الحاد في الأسعار والزيادة الكبيرة هناك في إنتاج النفط الصخري.

ومما تقدم ماذا نقرأ منه كله ؟ نقرأ تحذيراً بأن النمو في استهلاك مصادر الطاقة، بات على حساب الوقود الأحفوري، بدءاً من أكثر مكوناته تلويثاً، أو الفحم، والدور قادم على أكبر المساهمين فيه وثاني الأكثر تلويثاً وهو النفط. ذلك يجب ألا يخيفنا إن تعاملنا مع تلك الحقائق بما يكفي من وعي، فالضرر الأكبر على تنافسية الاقتصاد والإنسان في دول النفط، تحقق في حقبة رواج سوق النفط ووفرة إيراداته.

وأفول عصر النفط لن يحدث غداً، وهناك ما يكفي من وقت وموارد لتحقيق هدف الهبوط الآمن من تبعات شحة إيراداته، لكن، تحقيق ذلك في حكم المستحيل إذا لم نعِ الأهمية القصوى لعامل الوقت وحصافة الإدارة.

وأما العمل المطلوب فيشمل مرحلتين، أولى المراحل هي البدء حالاً بإطفاء حريق المالية العامة المحتمل، أي سياسة مالية مختلفة تماماً عما اعتدناه، ومن دون الاطمئنان على استدامة المالية العامة، لن يكتب النجاح لأي عملية بناء اقتصادي.

المرحلة الثانية، وهي إعادة بناء الاقتصاد، ولا بأس من أن تبدأ متزامنة مع وضع وتبني قواعد إطفاء حريق المالية العامة، وهدفها تخصيص كل الطاقات البشرية والموارد المالية وغيرها، في خدمة أهداف معلنة للتنمية، تخلق ما يكفي من فرص عمل.

ولن نتجادل كثيراً حول ما إذا كان الهدف التحول إلى مركز تجاري أو مالي أو نفطي، والأخير بمعنى إيجاد استخدامات بديلة لخام النفط، ومع هذه الخيارات، يأتي الترويج للسياحة التجارية والطبية والتعليمية أهدافاً مكملة.