موقف صعب، وعصيب، تعرض له الفنان القدير عزت العلايلي، بعد تلقيه قرار إبراهيم صديقي، محافظ مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، بتكريمه ضمن فعاليات الدورة العاشرة للمهرجان (25– 31 يوليو 2017)، وقبل أن يهنأ بالخبر، ويتأهب للسفر، صُدم، وفُجع، بوفاة زوجته، ورفيقة حياته، السيدة سناء الحديدي، بعد صراع مع المرض، وبعد زواج طويل ومستقر أنجبا خلاله «محمود»، طبيب الأسنان، ورئيس حزب المصريين الأحرار، و«رحاب» زوجة رجل الأعمال مصطفى فاروق.

كانت إدارة «مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي» أعلنت تكريم النجم عزت العلايلي في الطبعة العاشرة للمهرجان، وقوبل القرار بكثير من التقدير، والترحيب، نظراً إلى العلاقة الوطيدة التي تربط الفنان والجمهور الجزائري، منذ قيامه ببطولة الفيلم الجزائري «طاحونة السيد فابر» (1973) إخراج أحمد راشدي، والسمعة الطيبة التي تركها العلايلي في الشارع الجزائري، ومنافسته نجوم ومشاهير الفن الجزائري في الشعبية والجماهيرية.

Ad

«تكريم يأتي متأخراً خيرٌ من أن لا يأتي أبداً» هكذا علق محبو عزت العلايلي على قرار تكريمه في مهرجان دبي السينمائي الدولي، في ديسمبر الماضي، وقرار تكريمه في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، في يوليو الجاري، ثم جاء نبأ رحيل زوجة الفنان القدير ليصدم جمهوره وإدارة المهرجان الجزائري، التي أصدرت بياناً نعت فيه السيدة الفاضلة زوجته قائلة: «ببالغ الحزن والأسى تلقت محافظة مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي نبأ وفاة المغفور لها بإذن الله زوجة الممثل المصري عزت العلايلي، وإذ نواسي أسرة الفقيدة ونشد على يد الفنان العلايلي في مصابه الجلل نؤكد رفع التكريم لشخصه الكريم حاضراً أو غائباً في المهرجان».

عزت العلايلي هو أول من وجه الدعوة، منذ 30 عاماً تقريباً، إلى «كومنولث عربي» تتوحد من خلاله الجهود البشرية، وتُستثمر الثروة العربية المتمثلة في الطاقات الفنية والإبداعية المختلفة، في أعمال مشتركة، تجلب الرخاء الجماعي على المنطقة، والسعادة على الجمهور العربي، في ترجمة حرفية لمصطلح «الكومنولث» Commonwealth، أي الرخاء الجماعي، ولم يكتف بإطلاق دعوته لمجرد «الاستهلاك المحلي» أو على سبيل «التلميع الإعلامي»، وإنما بدأ بنفسه فشارك في الفيلم الجزائري «طاحونة السيد فابر»، وقبله فيلم لبناني إخراج سمير خوري، ثم الفيلم المغربي «سأكتب اسمك على الرمال» (1979) إخراج عبد الله المصباحي. كذلك شارك في بطولة الفيلم العراقي «القادسية» (1981) إخراج صلاح أبو سيف. من ثم، جاء تكريمه في الباهية «وهران» (شمال غرب الجزائر على بعد 432 كيلومتراً عن الجزائر العاصمة)، ثاني أكبر مدن الجزائر، وإحدى أهم مدن المغرب العربي، بمثابة تحية تقدير لدوره الوطني، وتوجهه القومي، فضلاً عن التقدير الواضح لمسيرته الفنية المشرفة، وإنجازه الإبداعي الكبير، الذي تمثل في عدد من الأفلام المتميزة التي شارك في بطولتها، وستُخلّد في مراجع ووثائق السينما العربية، مثل: «السقا مات، والاختيار، والأرض، وزائر الفجر، والمواطن مصري، وأهل القمة، والطوق والأسورة، والقادسية».

في مطلع التسعينيات من القرن الماضي عرفت الفنان القدير عزت العلايلي، أثناء تصوير فيلم «إعدام قاض» (1990) إخراج أشرف فهمي، وبعدها توطدت علاقتنا، وصارت صداقة، بعد أكثر من لقاء جمعنا أثناء تصوير أفلام: «المواطن مصري، ودسوقي أفندي في المصيف، والفأس في الرأس، والطريق إلى إيلات»، كذلك تفضل مشكوراً بدعوتي إلى زيارته في شقته القديمة في 4 ميدان ابن خلدون إلى جوار نادي التوفيقية للتنس بالمهندسين، قبل أن ينتقل منها إلى مكان آخر. ومن مناسبة إلى أخرى كان يبرهن دائماً أنه «ابن البلد»، «الشهم»، «الجدع» والأهم «المستنير»، الذي لم يفوت فريضة، وربى ولده وابنته على الصلاة والصوم والعبادة، وأضفى على البيت جواً روحانياً، لكنه لم يتورط يوماً في تكفير الفن والمشتغلين به، أو ينسحب ويعلن اعتزاله، بعد أن «يُحجب عقله»، ويُحرم الفن، وإنما ظل شديد الاعتزاز برسالة الفن، ودوره كفنان تبنى الكثير من المواقف الوطنية.

تخرج عزت العلايلي في المعهد العالي للفنون المسرحية في العام 1960، وشارك في بطولة أكثر من مسرحية من بينها: «ثورة قرية، وخيال الظل، والإنسان الطيب، والقصة المزدوجة للدكتور بالمي، وأهلا يا بكوات»، إلا أن علاقته بالسينما ظلت الأكثر قوة، مذ مشاركته في فيلمي «رسالة من امرأة مجهولة» و«بين القصرين» (1962) واختياره من المخرج البريطاني وولف ريلا ( 1920-2005) للمشاركة في فيلم Cairo، ويكرس أنموذج البطل المصري القادر على أن يكون «السيد البلطي» مرة... و«المواطن مصري» مرات.