أفلام الأجزاء... استثمار نجاح محفوف بالتهديدات
استغلال مشروط بتقديم جديد للجمهور
يتغير الإنتاج السينمائي المصري بحسب الظواهر، فيتهافت المُنتجون على التكرار من دون النظر إلى أية اعتبارات، ويتحركون بين موجة الاقتباس تارة وبين ظاهرة المهرجانات طوراً، إضافة إلى أفلام الكيف والمخدرات، والعشوائيات والبلطجة وغيرها من الظواهر، فكلما نجح نوع منها، يسعى آخرون إلى السير على الطريق نفسه أملاً في تحقيق النجاحات نفسها.
تتمثّل الظاهرة الأخيرة في إطلاق أجزاء جديدة من أفلام قديمة كانت حققت نجاحاً واسعاً.
تتمثّل الظاهرة الأخيرة في إطلاق أجزاء جديدة من أفلام قديمة كانت حققت نجاحاً واسعاً.
تشغل صانعي السينما في مصر فكرة تقديم سلسلة من الأجزاء لأفلام أطلقوها خلال السنوات الأخيرة، علماً بأن هذه الظاهرة ليست جديدة على السينما المصرية، بل قُدمت في أعمال عدة وظلت تتأرجح بين النجاح المحفوف بشبح التكرار وبين الفشل والافتقار إلى أي جديد.افتتح هذه الظاهرة الفنان الكوميدي محمد هنيدي الذي أعرب عن تفكيره الجدي في تقديم جزء ثان من فيلمه «صعيدي في الجامعة الأميركية» الذي أُنتج عام 1998، ذلك بناءً على طلب جمهوره على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بعدما تفاعل مع تغريدة للفنان الكوميدي بشأن الفيلم، ما دفع الأخير إلى اشتراط حصوله على مئة ألف «ريتويت» للتغريدة من أجل تقديم الجزء الثاني، فوصل العدد إلى 80 ألف تغريدة، وكانت النتيجة أن هنيدي صرّح عبر أحد البرامج التلفزيونية ببدء خطوات جدية، موضحاً أنه خاطب مؤلف الجزء الأول مدحت العدل، لمناقشة الأمر معه، فطلب منه الأخير الانتظار حتى ينتهي من تخيل التطورات التي ستطرأ على الشخصيات.و«صعيدي في الجامعة الأميركية» من بطولة كل من محمد هنيدي، وأحمد السقا، ومنى زكي، وطارق لطفي، وغادة عادل، وهاني رمزي، وفتحي عبد الوهاب، ومن إخراج سعيد حامد، فهل يتجاوز صعوبة اجتماع هؤلاء النجوم مجدداً؟
الأخبار السارة لا تأتي فرادى، إذ فوجئ المشاهدون بقرار الكاتب والمُنتج محمد حفظي إطلاق جزء ثان من «السلم والثعبان» الذي أُنتج عام 2002 من بطولة أحمد حلمي، وهاني سلامة، وحلا شيحا (اعتزلت التمثيل)، وبرّر خطوته هذه بأن صناعة السينما تفتقد في السنوات الأخيرة إلى الأفلام الرومانسية، وقال لـ«الجريدة»: «تقديم أجزاء أخرى لعدد من الأفلام يبتعد كل البعد عما يُقال حول التكرار، لأني أسعى إلى طرح جديد وخيوط درامية أخرى، والاعتماد على نجاح جزء من العمل أمر طبيعي وحافز للصانعين لتقديم المزيد ما دام ثمة مبرر لذلك».وما زال الجمهور ينتظر «ثلاثية الثورة» التي تحمل ثلاثة أجزاء قُدُم منها الجزء الأول باسم «نوارة» وحقق نجاحاً واسعاً، وحصد جوائز في مهرجانات مختلفة، والفيلم للمُخرجة هالة خليل التي عقدت النية منذ البداية على تقديم الأجزاء الثلاثة.«نوارة» من بطولة: منة شلبي، ومحمود حميدة، وأحمد راتب، وأمير صلاح الدين، وشيرين رضا، ورحمة حسن، ورجاء حسين، وإنتاج شركة «ريد ستارز»، وتوزيع «دولار فيلم».دخل «ولاد رزق» أيضاً الدائرة، إذ ينتظر الجمهور الجزء الثاني منه بعدما أعلن كل من المُخرج طارق العريان والمؤلف صلاح الجهيني في تصريحات سابقة التجهيز للبدء بالعمل بعدما حقّق الفيلم نجاحاً جماهيرياً في دور العرض. أنتج «ولاد رزق» عام 2015، ويتولى بطولته كل من أحمد عز، وعمرو يوسف، وأحمد الفيشاوي، وأحمد داود، وكريم قاسم.
رأي النقد
تحدّث الناقد محمود قاسم عن تلك الظاهرة فقال إن المُنتج يلجأ إلى الجزء الثاني بحثاً عن النجاح المضمون والحفاظ على القاعدة الجماهيرية التي حقّقها الجزء الأول، موضحاً أن ثمة سلاسل سينمائية تفتقر إلى الفكر الجديد والترابط بين الأجزاء، وتقع في فخ التكرار مثل أفلام محمد سعد، فيما وجد البعض معالجة جيدة وحبكة تضيف إلى النجاح مثل أفلام «الجزيرة» للنجم أحمد السقا.وبيّن قاسم أن الأفلام المُنتظر الخوض في أجزاء ثانية لها تتمثّل صعوبتها في استجماع النجوم مجدداً، ما سيؤدي إلى تكلفة إنتاجية ضخمة، وهي تمشي على نهج السينما الأميركية، حيث يرى المشاهد أن أفلاماً قديمة أُطلقت لها أجزاء جديدة بعد مرور 20 سنة، أو حتى صوِّرت مجدداً بطريقة جديدة.بدوره، أكّد الناقد نادر عدلي أن استثمار نجاح أحد الأفلام بجزء ثانٍ أو أكثر أمر مقبول ومشروع للمنتج، مُضيفاً أن هذه الظاهرة متعارف عليها عالمياً ومصرياً قديماً، لكن ذلك سيكون كحدّ السيف، إذ يجب الحذر والتأكد من وجود مبررات واضحة لتقديم جزء آخر، يسعى إلى ما هو جديد ومتنوع ولا يدفع الجمهور إلى الملل.
محمد هنيدي بدأ بالتحضير لجزء جديد من «صعيدي في الجامعة الأميركية»