صفعة الأقصى!
انتفاضة الأقصى أثبتت من جديد أن القضية الفلسطينية ما زالت تمثل مركزية الصراع مع الكيان الصهيوني، وأنها تتجدد مع تجدد الغطرسة الإسرائيلية، وأن خديعة «إسرائيل ليست هي العدو الأول للعرب والمسلمين» لن تصمد كثيراً، وإن اعتراها الضباب المصطنع.
الانتصار السياسي والإعلامي والميداني الذي سجله الشعب الفلسطيني من المؤكد أنه يعكس حقيقة النضال ضد الكيان الصهيوني وحجمه وإخلاصه، لكنه في ذات الوقت أثبت محورية القدس والمسجد الأقصى تحديداً في هذا الكفاح التاريخي.الشعب الفلسطيني في انتفاضة الأقصى الأخيرة لم يرغم أنف إسرائيل في الوحل فحسب بل وجه صفعة قوية إلى وجه الرئيس الأميركي ترامب الذي تبجّح طوال حملته الانتخابية لنقل سفارة بلاده إلى القدس العربية الإسلامية، كما بصق هذا الشعب في وجه من استسلم صاغراً لوهم إسرائيل التي لا تقهر وجهّز عدته للتطبيع مع كيان غاصب للأرض ومستبيح للدماء وهاتك للحرمات ومعربد في الظلم وقتل الأطفال أمام مرأى ومسمع العالم.
الفلسطينيون هذه المرة واجهوا إسرائيل وحدهم وهزموها أمام كاميرات الفضائيات وتحت إشراف حلفائها من الدول العظمى ومحرضيها من الدول التابعة بأيادٍ عزلاء لا تملك سوى الإرادة والتصميم، وفي ظل خيار واحد هو التضحية أو الاستسلام للذل، فلم تطلق رصاصة ولم تقذف كاتيوشا ولم يفجّر أحد الشباب نفسه بحزام ناسف، ومع ذلك صغرت إسرائيل وتراجعت منكسرة ومهانة، وفشلت في فرض أمر واقع جديد عندما بلغت حدود الأقصى.العرب من جانبهم، وبعدما كانوا في خندق المقاومة يشاركون بدباباتهم وجيوشهم، ثم تراجعوا ليكتفوا بالتنديد والاستنكار، انتهوا إلى موقف المتفرج الجبان وصمت القبور، وهذا بحد ذاته يجب أن يكون مصدر فخر واعتزاز للشعب الفلسطيني، فمن جهة هم أبطال النصر وحدهم، ومن جهة أخرى ارتاحوا من المنة العربية التي طالما ابتزوا من خلالها الفلسطينيين، أو ركبوا موجة القضية الفلسطينية دون شهامة أو حياء!لكن تبقى في القلب غصة كبيرة ونحن نرى هذا التخاذل العربي بل هرولة البعض منهم نحو التودد للصهاينة والاستعداد لإصدار شهادة وفاة للقضية الفلسطينية، بينما نرى العرب يتذابحون ويتناحرون في سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر بتمويل من العرب ومرتزقة من العرب ومفخخين من العرب وبتحريض من فضائيات العرب حتى تحولت هذه البلاد التي كانت عبر عقود من الزمن هي جبهة المقاومة ضد إسرائيل إلى كتلة من الدمار والبؤس والتشرد والأمراض.انتفاضة الأقصى أثبتت من جديد أن القضية الفلسطينية ما زالت تمثل مركزية الصراع مع الكيان الصهيوني، وأنها تتجدد مع تجدد الغطرسة الإسرائيلية، وأن خديعة "إسرائيل ليست هي العدو الأول للعرب والمسلمين" لن تصمد كثيراً، وإن اعتراها الضباب المصطنع، كما أثبتت بكل جلاء زيف المتاجرين بالدين ودعاة إقامة الدولة الإسلامية الوهمية التي كانت ضحاياها أشلاء المسلمين أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم وحضارتهم، فأين كانت راياتكم وسكاكينكم وأسلحتكم ومعاريس الحور العين عندكم من فلسطين ودموع أطفالها وأعراض حرائرها ومقدساتها، وفي طليعتها الأقصى التي عرج منها خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، إلى السماء؟!