برلسكوني يناضل ليقود اليمين الإيطالي
بات الخبر رسمياً... عاد برلسكوني إلى العالم السياسي.صحيح أن برلسكوني، الذي تبوأ منصب رئيس وزراء إيطاليا أربع مرات وبلغ الحادية والثمانين من العمر، ملطخ بالفضائح الجنسية وممنوع من شغل منصب عام بعد إدانته بتهمة التهرب من الضرائب، إلا أن هذا لم يمنعه من الظهور كقوة سياسية فاعلة قبل الانتخابات البرلمانية السنة المقبلة.وكما يؤكد المسؤول السياسي في حزب هذا القطب الإعلامي "إلى الأمام إيطاليا" في الغرفة الدنيا من البرلمان، أن مهمة برلسكوني الأولى ستكون تولي قيادة اليمين، وأنه "سيخوض سباقاً، ولطالما كان كذلك، ومعه سنتمكن من الفوز".
بعدما جدد "إلى الأمام إيطاليا" نشاطه عقب فوزه المفاجئ في الانتخابات المحلية في يونيو، ها هو ينافس بشدة "رابطة الشمال" بقيادة ماتيو سالفيني، ويشير مسح أجرته أخيراً شركة استطلاعات الرأي الإيطالية IPSOS إلى أن كلا الحزبين حصلا على أكثر من 15 في المئة بقليل.ومن شبه المؤكد أن القانون الانتخابي الحالي، الذي يحتاج بموجبه حزب أو ائتلاف إلى 40 في المئة من الأصوات ليحقق الأكثرية في غرفة المجلس الدنيا و50 في المئة ليحققها في مجلس الشيوخ، سيؤدي إلى تعطل البرلمان، ومن المتوقع أن تقود محاولة إصلاحه في الخريف بغية ضمان بلد يمكن حكمه إلى جدال حامٍ مع سعي اللاعبين السياسيين لتسجيل المكاسب.لكن حزب "إلى الأمام إيطاليا" ورابطة الشمال متأخران، كل منهما على حدة، كثيراً عن الحزب الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء ماتيو رينزي، الذي حقق في استطلاعات الرأي 26.9 في المئة، وحركة "النجوم الخمسة" المناهضة للوحدة الأوروبية، التي حصلت على 27.6 في المئة.بما أن الخصمَين اليمينيين الكبيرَين يتراجعان، فإن ائتلافاً يضم "إلى الأمام إيطاليا"، ورابطة الشمال، وحزباً يمينياً متطرفاً أصغر يُدعى "إخوة إيطاليا"، سيملك فرصةً كما الأطراف الأخرى لتشكيل حكومة، ولكن إذا حدث ذلك، فسيأتي السؤال: مَن سيصبح رئيس الوزراء؟ تضع المنافسة برلسكوني في وجه سالفيني (44 سنة)، وهو قائد يميني طموح حوّل رابطة الشمال من قوة سياسية محلية عموماً إلى حزب شعبوي وطني.في الوقت الراهن، يبدو سالفيني متقدماً، صحيح أن برلسكوني ممنوع راهناً من تبوؤ أي منصب عام حتى عام 2019 بسبب إدانته بتهمة التهرب من الضرائب، إلا أنه استأنف الحكم في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، ومن المتوقع أن يصدر الحكم في شهر نوفمبر.بعد تعافيه من جراحة قلب مفتوح السنة الماضية، يبدو برلسكوني، الذي وُلد من جديد كـ"أب للأمة"، مختلفاً تماماً عن ماضيه الحافل، ويوضح جيوفاني أورسينا، وهو بروفيسور متخصص في التاريخ السياسي له كتاب "الجمهورية بعد برلسكوني" أن "الناخبين الإيطاليين نسوا لمَ سئموا منه، ويبدو اليوم أهلاً لثقة أكبر ومصدر طمأنينة أعمق، مقارنةً بالقادة الشبان".أما إذا لم يتمكن من الوصول إلى رئاسة الوزراء، فقد يرشح أحد حلفائه المقربين، ربما مساعده القديم رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني. ولكن في الوقت الحالي، أوضح برلسكوني أنه سيقود هو بنفسه حملة حزب "إلى الأمام إيطاليا" الانتخابية، ويعمل راهناً على وضع أسس برنامج يقوم على الضريبة الثابتة، ودفعات الدخل الأساسي للأكثر فقراً، ومقاربة متشددة إلى الهجرة غير المشروعة.لكن جيانكارلو جيورجيتي، أحد نواب رابطة الشمال ومستشاري سالفيني المقربين، يؤكد أن "نموذج برلسكوني اليميني الوسطي نجح خلال السنوات العشرين الماضية، إلا أنه ما عاد يعكس البيئة العالمية المتبدلة، لن تقبل الرابطة بأن تتحول إلى تابع لحزب (إلى الأمام إيطاليا)".يناضل سالفيني للترويج لرسالته السياسية في جنوب البلاد، علماً أن حزبه لُقب في هذه المنطقة سابقاً بـ"خراب إيطاليا".لكنه عمل أخيراً على تلطيف رهابه البارز من الوحدة الأوروبية في إطلالاته العلنية، مركزاً بدلاً من ذلك على برنامج انتخابي يشمل ضريبة ثابتة على 15 في المئة وتعهد بإصلاح الاتحاد الأوروبي عبر إعادة كتابة معاهداته الرئيسة، منها معاهدة ماستريخت التي أدت إلى ولادة اليورو وفرضت الحدود المالية على الحكومات الوطنية.يقول جيورجيتي، مشيراً إلى أن حزبه كان أول مَن اقترح الضريبة الثابتة التي يؤسس عليها برلسكوني حملته: "تهيمن اقتراحات الرابطة الواضحة، التي تشمل إصلاحاً جذرياً للمعاهدات الأوروبية، على المشهد السياسي في الوقت الراهن".ويضيف أنه نظراً إلى شعبية سالفيني الكبيرة بين أنصار اليمين، فإنه يُعتبر قائدهم الطبيعي، "لطالما كنا واضحين في التعاطي مع الناخبين الإيطاليين بشأن ما نريد، ولا شك أن القيادة ستأتي تلقائياً".