تغيرات محتملة يطرحها التحول نحو الوقود الحيوي
15% من المنتجات البترولية يمكن تعويضها من مصادر صديقة للبيئة
يرى خبراء الطاقة أن استخدام أفضل الأراضي الزراعية في العالم من أجل إنتاج الوقود الحيوي؛ يمكن أن يفضي إلى تغييرات ترفع من الاحتباس الحراري العالمي وتزيد المنافسة على الغذاء في مختلف البلدان، ولكن ذلك مجرد جزء من القصة فقط.ويقول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أخيراً، إن التسابق على توفير الطاقة والغذاء وخفض انبعاثات الكربون قد ضاعفت محنة عالم اليوم وعلى نطاق واسع. وتجدر الإشارة إلى أن عدد سكان العالم في ازدياد، فيما تظل مساحات الأرض الصالحة للزراعة على حالها في معظم بلدان الكرة الأرضية، وهي ظاهرة مثيرة للقلق تهدد مستقبل الأجيال، إذا لم تتم معالجتها قبل فوات الأوان.
وبحسب الخبراء أيضاً، فإن عدد سكان العالم الذي يقارب سبعة مليارات نسمة اليوم، سوف يرتفع إلى تسعة مليارات خلال خمسين سنة، كما أن الزيادة في الدخل تدفع الملايين من البشر إلى استهلاك أنواع أغلى من الغذاء، مع ما ينطوي عليه ذلك من تداعيات ومتاعب. ويسود الاعتقاد الآن بأن هذا التحول يسهم في ارتفاع الطلب على الحبوب وبوتيرة أعلى مما تستطيع المزارع إنتاجه، كما أن قوى مماثلة تدفع أسعار الطاقة إلى الارتفاع – وعلى سبيل المثال فقد تضاعف استهلاك الطاقة خلال الخمسين سنة الماضية، وسوف يتضاعف ثانية خلال الأربعين سنة المقبلة، بحسب تقرير الصحيفة.
تفادي مشاكل المستقبل
ويمضي التقرير الى القول، إن هناك إمكانية ضخمة لاستخدامات الجيل التالي من الوقود الحيوي، وإضافة إلى الخفض الحاد في استهلاك الوقود الأحفوري من أجل إنتاج الوقود الحيوي، فإن على العالم العمل على تفادي مشكلة محتملة في المستقبل، خصوصاً أن 15 في المئة فقط من استخدام المنتجات البترولية في العالم، يمكن أن تعوَّض من خلال الوقود الحيوي، الذي يتم إنتاجه من مصادر صديقة للبيئة.وفي المستقبل القريب، يتوقع الخبراء أن يفضي ارتفاع أسعار الغذاء إلى دفع المزارعين بعيداً عن تكريس أراضيهم من أجل إنتاج الوقود الحيوي وأن المسألة تتطلب إعادة تصميم منهجية وتغييرات راديكالية في الطريقة المستخدمة من أجل إنتاج الطاقة.كما أن التطوير المستمر في ميدان الوقود الحيوي يظهر إمكانية غير محدودة في زيادة مساحة الأرض اللازمة لإنتاج الغذاء والأعلاف والوقود على مستوى العالم. وعلى أي حال - يضيف التقرير- فإن التقدم في تقنية إنتاج المزروعات والوقود الحيوي لن يكون كافياً، وأن طائفة من العوامل يجب أن تتضافر من أجل تحقيق التغييرات، التي تعتبر مقبولة على نطاق واسع على شكل ضرورة ملحّة. وعلى سبيل المثال، فإن التوفير في استهلاك وقود السيارات يجب أن يزداد بنسبة 2.5 في المئة، وأن نتمكن ذات يوم من تلبية كل احتياجاتنا من الغذاء ووسائط النقل عن طريق مساحة تقل 10 في المئة عن تلك المستخدمة حالياً، كما أن على صناعة الوقود الحيوي ألا تستبعد التغير في استخدام الأرض، ومن الأهمية بمكان أن نعترف بدور الوقود الحيوي في القضايا ذات الصلة باستخدامات الأراضي.وتقول الصحيفة، إننا إذا عدناً قليلاً إلى الوراء فسوف يتبين لنا بسهولة مدى التعقيد في هذه القضية مع ملاحظة أن الزيادة في عدد سكان العالم وارتفاع معدلات الدخل وتغير العادات الغذائية وزيادة الطلب على الطاقة والوقود الحيوي من المحاصيل الزراعية تضع ضغوطاً متزايدة على أسعار الغذاء والأرض، «لأن ارتفاع أسعار الحبوب يفضي إلى ارتفاع أسعار الأرض، وهو ما نشهده في الوقت الراهن في الولايات المتحدة، ومن شأن ذلك أيضاً وضع ضغوط على المزارعين من أجل زيادة المحاصيل».ومن هذا المنطلق، فإن الجانب المهم الرامي إلى إنجاح عملية الوقود الحيوي يتمثل في استكشاف السبل لزيادة كميات الغذاء والكتلة الحيوية مما يعني في نهاية المطاف محاربة الجوع على صعيد عالمي ومكافحة الاحتباس الحراري في آن معاً. وتجدر الإشارة إلى أن المزارعين سوف يكونون في حاجة إلى حوافز من أجل تحقيق التغيير. ومن جهة أخرى، يبدو أن الوقت قد حان من أجل وضع خيارات سياسة تحبذ إنتاج وقود حيوي متدني الكربون، والولايات المتحدة تمضي في الاتجاه الصحيح من أجل تحقيق هذا الهدف عبر خفض انبعاثات بيوت الدفيئة في المقام الأول. وعلينا البدء بالتركيز على الأداء وتمكين الأسواق والابتكارات والمزارعين من تحديد الأفضل للمجتمع بالدرجة الأولى.